هل الإعلامُ سُلطة إلى جانب سُلطات العالم الثلاث؟ كلا، ولا حتى عاشرة، هكذا أرى أن السلطة الحقيقية التي تمنح الشعوب حقها، أو تسلبه منها، هي القوة، سواء كانت عادلة أم ظالمة. ما الذي اقتلع صدام من كرسيه الديكتاتوري، هل هو الإعلام الذي كان إلى جانبه عند كثيرٍ من شعوب العالم، أم هي القوة؟ وما الذي أخمد سلوبودان ميلوشيفيتش، ورادوفان كاراديتش؟ ومن اجتث ملك ملوك إفريقيا البائسة، وإمام المسلمين وعميد الحُكَّام العرب؟ ومن أطاح بحسني مبارك وأبنائه، وعزل مرسي وإخوانه، هل هو الإعلام، أم القوة؟ ما أجمل القوة حينما تكون عادلة! إن سُلطة الإعلام لو قُدّرَ لها أن تجتمع على كلمة واحدة؛ لما استطاعت التغلب حتى على (الفيتو) فمن جعل بشارَ «مفلوتاً»؟ ثم ماذا انتفعت به فلسطين من الهراء الإعلامي على مدى نصف قرن؟ لكن ماذا لو أن للقدس قوة ضاربة، هل كان سيحتاج إلى إعلامٍ يحرره من نير الاحتلال الآثم الجاثم على صدره، أم كانت فلسطين كلها قد نالت استقلالها بفضل قوتها؟ وكذا الصهاينة- أرباب الإمبراطوريات الإعلامية- لولا قوتهم، هل كانوا يقدرون على البقاء فوق تراب فلسطين وطرد أهلها منها، وحبسهم فيها، وهدم منازلهم فوق رؤوسهم؟ فأي إعلامٍ هذا الذي لا يمنح المظلومَ قاضياً، ولا يؤكِّل الجوعى رغيفاً! حتى الحديث عن إعلامٍ محايد، هو حديثٌ عن كَذِبَةٍ عذبةٍ يروجها الإعلام لنفسه. قلت: الإعلامُ هو مجرد وجهة نظر ليس غير، ولكن إذا مارَسَ الإضرارَ بمصلحة وطني، فإنني أتحول إلى قوة.