حالة الضعف الفلسطينية الحالية لا تسر صديقاً، والكتابة فيها توجع القلب، ولكن كما يقولون وجع ساعة ولا وجع كل ساعة. كم هو مؤلم عندما تسمع فلسطينياً ينتمي لجهة ما يلقي اللوم على غيره وينسى نفسه، ويكيل التهم جزافاً ويوزع الشهادات على هذه الجهة أو تلك بعيداً من روح التسامح والأخوة، وبعيداً من المنهجية العلمية وحسن الظن. الإنسان الضعيف يبرر ضعفه وعجزة لقوة خصمه وعدم توافر الظروف الملائمة، وهو ما يعني التهرب من مراجعة أسباب الضعف الذاتية والقصور ومن ثم الاستمرار في الضعف والهوان. هذا أيضاً ينطبق على القيادات والدول الضعيفة وحتى الأحزاب والمؤسسات كجدلية تاريخية وسنة من سنن الحياة. الشخص المتميز وإن مر في مرحلة ضعف فأنه يستمد العبر والدروس من أسباب ضعفه وخسارته ويحولها إلى قوة بعد حين من طريق التخطيط الدقيق والسليم. القيادات أو الدول حالها كحال الأفراد وتستطيع أن تكون مهابة الجانب إن احترمت نفسها وعقول عناصرها ومواطنيها ولم تستخف بهم. في حالتنا الفلسطينية المعقدة على القيادات المخلصة التغلب على أسباب ضعفنا وهواننا وإلقاؤهاعلى الناس والدول، ومن ثم تفعيل أسباب القوة والمنعة لدى شعبنا خصوصاً أننا نعيش في عالم لا يرحم الضعفاء، وأكثر ما يقدمه لهم دمعة شفقة كاذبة. سلبيات الحالة الفلسطينية الحالية كثيرة، ولكن هل نستسلم للواقع ونندب حظنا العاثر أم نغيره ونتحداه؟ ان عدم نجاح الحوار حتى الآن وتدخل كل من هب ودب في الشأن الفلسطيني يضعف الوضع الفلسطيني ويمنع تطوره ويحجب أسباب قوته وهو ما يجب وقفه بكل الوسائل. ان هدر الطاقات الفلسطينية عبر تصيد عثرات هذا الفصيل أو ذاك، والانشغال بعيوب الآخرين سياسة فاشلة ومعيبة. فالانشغال بأسباب قوة الآخرين وتجاربهم الناجحة خصوصاً من كانوا تحت حراب الاحتلال هو المطلوب، والأكثر طلباً هو صفاء القلوب للتفرغ لاحتلال يريد أن يجتثهم جميعاً من فلسطين وطردهم إلى منافي الأرض. في الانتفاضة الأولى كان الفلسطينيون موحدين في مقارعة الاحتلال كالجسد الواحد، وكانت أية إشكالية يتم حلها ميدانياً وبأقصى سرعة، وكان المواطن العادي يحافظ على القانون والنظام من تلقاء نفسه، وكان شعار الوطن فوق الجميع هو السياج الحامي على رغم التضحيات الجسام. وتطور الحجر إلى السكين إلى الرصاصة إلى الاستشهادي. ما أحوجنا للعودة للوراء قليلاً وتعلم الدروس. بريد الكتروني