قال نائب وزير الخارجية الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز، إن مبادرة خادم الحرمين الشريفين بانتقال دول الخليج العربي من مرحلة التعاون إلى الاتحاد أتت استجابة لتطلعات شعوب دول الخليج. ودعا، في كلمةٍ له خلال منتدى حوار المنامة الذي افتُتِحَ صباح أمس في العاصمة البحرينية، إلى تعزيز التعاون بين دول الخليج العربية والحفاظ على الأبعاد التاريخية والثقافية المشتركة، وهو ما دعا إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود من خلال دعوته للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد. وأكد أن المملكة تخطو خطاً حثيثة وثابتة إلى ما فيه أمن واستقرار المنطقة والنهوض بها تنموياً واقتصادياً. وقال «إن تنظيم هذا الاجتماع المهم لمنتدى حوار المنامة أصبح محفلاً سنوياً مهماً في ظل ظروف وتحديات تشهدها منطقتنا لمناقشة أهم القضايا الأمنية التي تمس المنطقة بكل تداعياتها الإقليمية والدولية». وأضاف «ندرك جميعاً ما يمر به العالم من تحديات سياسية واقتصادية وثقافية تمس حياة الشعوب واستقرارها وأمنها، مما يزيدنا يقيناً أن الأمن الإنساني الذي يهتم بتنمية أفراد المجتمع والحفاظ على كرامتهم وضمان تطورهم هو الأساس لضمان استقرار الدول وأمنها». تغليب مصلحة المواطن في عين المملكة وقال نائب وزير الخارجية إن حكومة المملكة أسهمت بشكل فاعل في تنمية وتطوير مجتمعها، وجعلت تغليب مصلحة المواطن وتعظيم منفعته نصب عينها في كل خططها التنموية والمستقبلية، ولم تتوانَ عن المساهمة في تحقيق طموحات مواطنيها والاستجابة لمشاغلهم والتفاعل مع ما يُستجد من تحديات إقليمية ودولية لحمايتهم، فاستطاعت وفي وقت قياسي أن ترقى بمجتمعها من النواحي العلمية والاقتصادية والتنموية والثقافية والاجتماعية. ومضى قائلاً «إن البُعد التاريخي والتجانس الثقافي والحضاري والمصالح المشتركة لدول الخليج العربية وتطلعات شعوبها، قد عزّز من توثيق التعاون والتجانس بينها، وكانت مبادرة خادم الحرمين الشريفين التي تضمنتها كلمته في قمة مجلس التعاون الخليجي الأخيرة في الرياض بضرورة الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، أتت استجابة لهذه التطلعات». وأكد أنه في سياق التغيرات على الساحة الدولية وتداعيات الركود الاقتصادي العالمي، تعاملت المملكة مع الأزمة العالمية بما لها من ثقل اقتصادي كونها داعماً ومُسهماً في تصحيح المسار الاقتصادي العالمي عبر دورها المهم في مجموعة العشرين والمحافظة على استقرار أسواق النفط، مما أدى ليس فقط إلى الحفاظ على معدلات النمو الاقتصادي بما يقارب فترة ما قبل الأزمة في منطقة دول الخليج العربية، بل أسهم أيضاً في محاولة إعادة الاستقرار للأسواق الاقتصادية العالمية. المملكة تسعى لسيادة لغة الحوار وأوضح نائب وزير الخارجية أن «ما تأمله المملكة أن تسود لغة الحوار والدبلوماسية في حل الخلافات، وأن يُسهم ذلك في ترسيخ الأمن والسلام والحد من انتشار روح الكراهية وخيارات النزاعات والحروب». وأكد الأمير عبدالعزيز بن عبدالله رغبة المملكة في ابتعاد المجتمعات كافة عما يثير النعرات الدينية أو يمس معتقدات الناس أو التطاول على الرسل والأنبياء. وتابع «تأكيداً على ذلك دعا خادم الحرمين هيئة الأممالمتحدة للعمل على إصدار قرار يدين أي دولة أو جماعة أو فرد يعتدي على الأديان السماوية أو الأنبياء والرسل عليهم السلام، ووضع العقاب الرادع». وبيّن أن المملكة تدرك أن العلاقات مع الدول والشعوب الأخرى ينبغي أن تؤسَّس على الاحترام والمنفعة المتبادلة، والعلاقات المتكافئة، والتعايش السلمي، وتقوم على أساس تكامل وتفاعل الحضارات وليس صراع الحضارات. وأكمل «من هذا المنطلق عملت المملكة جاهدة على مختلف الأصعدة سواء في محيطها الإسلامي أو العالمي لتعزيز ثقافة الحوار والتسامح والاعتدال، وانطلقت مبادرة خادم الحرمين الشريفين لتبني نهج الحوار والتفاهم بين أتباع جميع الأديان والثقافات من مكةالمكرمة عام 2008، واكتسبت عالميتها في مدريد برعاية مشتركة مع ملك إسبانيا، ومن ثم في نيويورك، وبمباركة من هيئة الأممالمتحدة، وأثمرت مؤخراً إنشاء مركز الملك عبدالله للحوار والثقافات في فيينا بمشاركة كل من إسبانيا والنمسا، الذي تم افتتاحه بتاريخ 26 نوفمبر الماضي». أمن ومصير دول الخليج واحد لم ولن يتجزأ وأكد نائب وزير الخارجية أن المملكة، وفي سياق جهودها الحثيثة والداعية للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، عملت مع شقيقاتها دول مجلس التعاون لكل ما فيه خير وأمن واستقرار دولها ورفاهية شعوبها والتعاون لمجابهة أي مخاطر تهدد أمنها «لإدراكها إن أي زعزعة لاستقرار أمن أي دولة من دول الخليج العربية هي زعزعة لأمن باقي الدول، فأمن ومصير دول الخليج العربية واحد لم ولن يتجزأ». وأشار إلى تقدير ودعم المملكة للجهود التي يبذلها الإخوة في البحرين من أجل تعزيز الحوار الوطني لما يحقق الاستقرار وتنمية المجتمع. ومضى قائلاً «ستظل المملكة تخطو خطاً حثيثة إلى ما فيه أمن واستقرار المنطقة والنهوض بها سياسياً واقتصادياً وتنموياً وثقافياً، فالمملكة لديها إيمان راسخ أن الأمن والتنمية يعضد بعضهما الآخر، وهما مساران لا غنى لأحدهما عن الآخر، بل هما معاً الخيار الاستراتيجي لضمان رفاهية وازدهار المنطقة، كما أن الأمن الجماعي أصبح حقيقة واقعة، ولا يمكن لأي دولة أن تنعم بالأمن والاستقرار بمعزل عن الآخرين». وتابع «وعليه تناشد المملكة القوى الأخرى في العالم أن تحكم العقل وتلتزم بالشرعية الدولية والمساواة في المسؤولية الأخلاقية حتى يستطيع العالم أن ينعم بالسلم والأمن المنشودين». وكان في استقبال نائب وزير الخارجية لدى وصوله المنامة صباح أمس، وزير الدولة للشؤون الخارجية إبراهيم بوالعينين، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى البحرين الدكتور عبدالمحسن المارك، وأعضاء السفارة السعودية في المنامة. وينظم حوار المنامة المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع وزارة الخارجية البحرينية.