توقع عدد من المشاهدين في حديث ل»الشرق» أن تستمر موجة الدراما الرومانسية، وقصص الغرام، التي غزت مؤخراً الأعمال الخليجية، محققة في بعضها نجاحاً لافتاً، ومخفقة في بعضها الآخر، في محاولة لأن تكون ظاهرة في المسلسلات الخليجية بحلول عام 2012م على القنوات الفضائية. بروفة الطاولة وعلق الممثل سمير الناصر على تزايد الأعمال الرومانسية في المسلسلات الخليجية بأنها جاءت بعد موجة المسلسلات التركية، صاحبة المصادفات غير المباشرة، والمباشرة، لكن المسلسلات الخليجية تفتقد إلى الدراسة، وإلى ورشات مع محللين نفسيين، وكتّاب ومثقفين، بمشاركة مؤسسات الإنتاج والمخرجين والممثلين والقنوات التلفزيونية. ولذلك نراها تواجه الجمهور بالتكرار والأجزاء المتتالية، متوقعاً أن تتجه الأعمال في 2012م إلى الكوميديا والرومانسية. واعتبر الناصر الكوميديا الموجودة على الساحة الفنية الخليجية فاشلة بنسبة 70%، لأنها لا تلامس الواقع، ولا تحاكي المجتمع، وطرحها أقل من المستوى المطلوب، والنقد الساخر الذي تحمله في طابعها يهمّش فكرة المضمون، والرسالة التي يقدمها غير كاملة، مضيفاً أن الأعمال الرومانسية تحتاج إلى تقنين، لئلا تتكرر الشخصيات بانتقال الممثلين من عمل رومانسي لآخر في الكاراكتر، والمعاناة. ورأى الناصر أن مسؤولية الأعمال الدرامية تقع على ثلاثة أطراف، الممثل والمخرج والمنتج، الذين يحتكرون نوعاً ما الممثلين في العقود، والإشكالية الأكبر في المسألة هي إصرار القنوات الفضائية، إضافة إلى وزارة الإعلام، وصب ميزانية هائلة في جزء من السنة هو شهر رمضان، ما يؤدي إلى تكرار مواد استهلاكية. وأشار الناصر إلى فقدان الأعمال لقراءة النص الدرامي على الطاولة، كما كان يحدث في السابق، ولهاث بعض الممثلين على الكم في الأعمال، بدلاً من الكيف. كما وصف الرومانسية الحالية في الأعمال الفنية الخليجية بالسطحية المشوهة، لجعلها الخطأ، والمرفوض اجتماعياً، واقعاً معاشاً. السوق والمجتمع وأكدت الممثلة مرام عبد العزيز أن الأعمال الرومانسية تحاكي الواقع، مهما حملت من آلام ومعاناة بالغة، وهذه المبالغة لابد من وجودها في الدراما التي اعتدنا معرفة مجرياتها ونهاية أحداثها، كالأفلام الهندية التي تحمل العذاب، ثم تنتهي بالفرح، رافضة تقييمها للأعمال الحالية على الساحة بحكم عدم مشاهدتها، باستثناء الجزء الثالث من مسلسل «ليلى». وأشارت عبدالعزيز إلى أن مجتمعنا محافظ، ولا يتقبل دور الممثلة الخليجية في المسلسلات الرومانسية، لأنه يرفضها فنياً من الأساس، سواء أدت دوراً رومانسياً، أو غير رومانسي، والمجتمع لا يقدر أعمال الممثلة الخليجية وعطاءها إلا بعد مرور 15 إلى عشرين عاماً، كما حدث مع الممثلات الكبيرات، موضحة أن الممثلة الخليجية أجادت كل الأدوار التي قامت بها، إن كانت تراجيديا، أو عاطفية، أو كوميديا. ما يطلبه الجمهور ويرى الناقد مهنا عبدالله أن الأعمال الرومانسية في المسلسلات الخليجية تعتمد على العرض والطلب، فنجاح أي عمل مرتبط بتحقيقه نسبة مشاهدة عالية من الجمهور، وتناول الدراما الخليجية للرومانسية جاء نتيجة لتوجه الجمهور لمثل هذه النوعية من الدراما. وقال مهنا: ما يحدث الآن هو موجة، مثلها مثل غيرها من الموجات في السنوات السابقة التي سيطرت على موضوعات الدراما لفترات ما لبثت أن انطفأت وخفت بريقها، لتأتي موجة أخرى وهكذا. وعموماً هذا لا يعني أن الدراما تخلو من موضوعات أخرى تطرح، لكن يكون السواد الأعظم منها يتبع الموجة، وهي الطريقة المثلى للمنتجين لضمان تحقيق الربح والاستمرارية، والحفاظ على مستوى مشاهدة عالية لجذب المعلنين». وأضاف مهنا: بسبب قلة مشاهداته للأعمال التي تطرح، لن يقيّم نجاح الأعمال من عدمها، أو حُسن أداء ممثليها من تخبطهم، لكنه سيتكلم بشكل عام أن الإنسان بتركيزه واختياره للأعمال الفنية التي تمثل حالة في داخله، يتمنى معايشتها وإشباعها، لافتقاده لها في عالمه الحقيقي، ولا ضمان للنجاح لمجرد أن يطرح العمل واقعاً حياً يعايشه الناس، لأن بعض الواقع الحي منفر، والعمل الفني مكمل لبعضه، ووجود نص جيد ومخرج جيد عاملان مساعدان ومؤثران في نجاح الممثل في أداء أدواره. الربح أولاً وذكر المخرج محمد الباشا أنه من الأهمية بمكان قراءة آلية الإنتاج لدى بعض الدول المنتجة للأعمال التلفزيونية والسينمائية، باعتبارها سباقة ورائدة، فلو نظرنا مثلاً إلى أمريكا، لوجدنا أن التلفزيون، أو السينما، تعود ملكيتهما إلى شركات تجارية هدفها الأول هو الربح، وجني المال، ولذلك تراعي حركة السوق من ناحية احتياج المستهلك، أو الممول وسوق الإعلان الذي هو مصدر رزقها في بيع السلع. ورأى الباشا أن البلدان العربية بدخول القنوات المملوكة للأشخاص تركز على إعادة المال المصروف، وهنا تأتي حاكمية شركات الإعلان والمعلنين والمنتَج الذي يراد ترويجه، والفئة المستهدفة، باعتبار الإعلان سوقاً رائجة، وفي خضم الوضع المالي العالمي المتردي انخرطت كثير من المحطات الحكومية في الطريق نفسها، منوهاً بأن غالبية المشاهدين والمتابعين للتلفزيون هم من فئة النساء والشباب، والأسهل هو ترويج بضاعة شركات الإعلان والمنتجين الفنيين لبيع أعمالهم بمخاطبة هاتين الفئتين، علاوة على الارتزاق والتكسب، سواء للفنانين، أو للمنتجين، أو المتمصلحين من الشوارع الخلفية.وأفاد الباشا بأن كثيراً من القنوات الفضائية، ومن أشباه الفنانين، دأبوا على التقليد، لسهولة الربح والشهرة، باستنساخ الأعمال على مستوى البرامج والمسابقات والأفلام والمسلسلات، حتى الأغاني والإعلان التجاري.