يمكن مشاهدة مسلسل (04)، ليس فقط بوصفه دراما شبابية جديدة، تحاول كسر موجة المسلسلات "البنّاتية" التي أغرقت الفضائيات الخليجية والعربية خلال السنوات الأخيرة؛ وإنما أيضاً محاولة لتقديم مسلسل تلفزيوني ذي جودة تقنية، تقترب من الصورة السينمائية، في محاولة درامية وتسويقية عربية وخليجية لمواكبة سيطرة واستحواذ وجاذبية الدراما التركية منذ ما يقارب الخمس سنوات. المسلسل الذي يعرض ليلاً على (MBC4) يروي في الأساس، حكاية أربعة شبان عرب في مدينة دبي (مصري وكويتي وأردني ولبناني)، تضطرهم ظروفهم المختلفة للبحث عن سكنٍ، يجدونه صدفة في فيلا الشاب اللبناني (زياد) بعد أن تركته أسرته وحيداً وقررت العودة لبيروت بعيد مرض الأب. كما يصور المسلسل في موسمه الأول "مقاطع" من "بانوراما" الحياة في مدينة دبي ذات التنوع السكاني البارز في الجنسيات المقيمة من خلال تقديم هذه الحكاية العربية؛ وهو بذلك يحاول المسلسل، اجتياز تجربة مسلسل "مطلوب رجال" المتواضعة والتي حاولت إيهام المشاهد بأحداث صورت دمشق على أنها في دبي، فضلا عن عدم تمكن المسلسل من مجاراة المدينة الحديثة دبي، بصورة لا تقل جودة وحداثة، كتلك التي قدمها المخرج الشاب خالد الرفاعي. الأمر الآخر الذي يستوجب التوقف عند مسلسل (04) وهو سيطرة أجواء الإعلان التلفزيوني على المسلسل؛ إذ لوهلة ما، نشعر أننا أمام شخوص إعلانية، لا درامية، يتم التركيز فيها على عناصر الجذب الجمالية في الممثل والديكور والأزياء، لا على الحكاية أو أداء الممثل.. وهنا يكمن السؤال: حول الاتجاه الذي ستسير عليه الدراما التلفزيونية العربية، وهي تلبي بطواعية ما تريده القنوات والمعلن التجاري، من أجل تسويق وترويج المنتج على حساب المهنة وفن الدراما التلفزيونية. حسنا لقد أجاد إلى حد كبير، منتج المسلسل (04) في اختيار المخرج الكويتي خالد الرفاعي لهذه المهمة، كون الأخير قادماً في بداياته من تصوير الإعلانات التلفزيونية، وهذا ليس عيبًا إذا ما أجاد المخرج الموازنة بين جودة الحكاية والفن الدرامي من جهة وبين اللعب بعنصر الإبهار الذي تتطلبه الصورة التلفزيونية الحديثة وسط منافسة الدرامات الأخرى. ولأننا في الحلقات الأولى من المسلسل، لا يمكن لنا أن نقدم حكما نهائيا، إلا أن ما عرض حتى الآن من حلقات، يبين قدرة فريق إنتاج (04) في الخروج من معضلة أصابت المخرجين الشباب وخاصة في الخليج والمملكة، ألا وهي الهوس بالكاميرا وتقنية الصورة على حساب الحكاية والفن الدرامي نفسيه، الأمر الذي أنتج كثيراً من الأعمال الخليجية "الناصعة" على مستوى الصورة والباهتة على مستوى الحكاية وتطور الأحداث والبناء الدرامي. وبالعودة لمسلسل (04) فإننا نلاحظ بدقة انسجاماً بارعاً بين عناصر الإنتاج الأساسية؛ فمن التصوير والإضاءة لسمير كرم والمونتاج والقطع المناسب عند عبدالله شلهوب والتأليف والإشراف على كتابة الحلقات عند محمود دسوقي وأخيرا، في خلق الرؤية البصرية العامة مع المخرج الكويتي؛ الذي تمكن من إخراج مسلسل يتفوق على مسلسله الكويتي الأخير (الملكة). أما محمود دسوقي وزملائه في ورشة كتابة السيناريو، فقد قدموا حتى الآن حلقات تخلو من الثرثرة أو الجمل الفائضة؛ إلى جانب عرض تفاصيل من حياة الشخصيات وبيئاتهم العربية المختلفة دون أي مبالغة، حتى مع عرض مشاهد الحياة الليلية للشخصية اللبنانية في دبي (زياد). الشخصية السعودية تظهر في مسلسل (04) مع الفنانة أسيل عمران التي قدمت تمثيلًا عفوياً، خلا من التصنع المعتاد عند كثير من الممثلات الخليجيات، وهي تجسد شخصية (مريم) حبيبة الشاب الكويتي المهتم بدراسة السينما (يجسد دوره الممثل محمد الدوسري). بقي أن نشير إلى أن المسلسل في موسمه وجزءه الأول، فهل يتقبله الجمهور ويتعلق بشخوصه، انتظارا وشوقا للموسم القادم، بعد نجاح؛ أم سيأتي الموسم الجديد من (04) إن أحبه المشاهد أو لم يحب، كما أصبحنا نلاحظ مع المسلسلات المتعددة الأجزاء.. سؤال مبكر، وحده الجمهور من سيجيد الإجابة عليه.