المتابع الدقيق لجدولة برامج القنوات الفضائية في الفترة الحالية يكتشف أنها لا تختلف كثيرا عن جدولة برامج الشهر الفضيل إلا في التوقيت وفي نسبة المعلن التي قلت بعد موسم الدراما. لعلنا نستطيع أن نقول إن شهر رمضان فضائيا كان «بروموشن» عريضا لأبرز الأعمال الدرامية العربية في مختلف الفضائيات والتي أصابت المشاهد بالتخمة والتشبع حيث تشير بعض الإحصائيات إلى أن هناك نحو «150» عملا دراميا عربيا، في حين دخلت كثير من الفضائيات في مرحلة «اجترار» لهذه الأعمال وبدت موجة انتقائية جديدة تغيرت معها مقاعد كثير من البرامج، فما كان يعرض في قناة أبو ظبي أصبح على «الراي» وما يعرض على الأخيرة انتقل إلى قناة جديدة، ومن خلال عملية التحرك تبين أن عيون القائمين على هذه القنوات لم تهدأ في الموسم الدرامي وكانت تراقب التحركات وصدى الأعمال على الفضائيات الأخرى ولعلنا نستشهد بالاختيارات الموفقة لقناة ال«mbc» التي تزدحم جدولتها بعدد من المسلسلات الدرامية المتوازنة بين التراجيديا والكوميديا وما يعرض في الفترة الحالية بلا ضغوط أو ظروف يمثل الخيار الحقيقي لهذه القنوات بعيدا عن أعباء الإنتاج. والكثير يعتبر الفترة الحالية هي فترة المشاهدة الحقيقية ومرحلة «الفرز»، وليست الشهر الماضي، الذي لم يستطع فيه أكثر المشاهدين حرصا على الدراما متابعة أكثر من خمسة أعمال كحد أعلى، ولكن انتشار هذه المسلسلات طوال العام التي تعتبر في عرف البعض أنها معادة وليست جديدة؛ لأنه سبق لها العرض ما يثير مخاوف عدد من المنتجين الذين لم يجدوا لهم مقعدا في رحلة العرض الرمضاني ويساهم في تغييبهم بعد أن حالت الظروف دون تواجدهم. حيث علق الفنان خالد سامي على الوضع موضحا أن إعادة عرض الأعمال على عدد من القنوات شيء طبيعي إذ لم يحدث بصورة مبالغة بها: «لا يوجد قناة تود المنافسة والحضور أن تكرر نفسها إلى موسم رمضان القادم، بل لا بد لهم من التوجه إلى الإنتاج ومواصلة العجلة التي لا تتوقف طالما أن هناك رؤية وتطلع للإنتاج الحصري». وبين سامي أنه هو وزملاؤه المنتجون ينتظرون دورة محرم القادمة من أجل إعطائهم الفرصة لتقديم أعمال للتليفزيون السعودي، خاصة أنهم يريدون أن تكون هناك مساواة في منح الفرص. الفنان علي إبراهيم أكد على ما ذهبنا إليه أن هذه الفترة هي فترة المشاهدة الحقيقية للجمهور، ولكنه طرح تساؤلا: «هل من الممكن أن تستغني القنوات عن الأعمال الحصرية التي تمثل هويتها لصالح قنوات أخرى بسهولة؟» موضحا: «بعض الأعمال من الصعب أن تستغني عنها القنوات لصالح جهات في الأصل تعد منافسة لها». مشيدا في الوقت نفسه بالدعم الذي حظيت به الأعمال السعودية في الفترة الماضية وذكر أن المشاهد السعودي دائم البحث عن الأعمال المحلية بالرغم من تعدد وتنوع الخيارات أمامه، وهذا الشيء نابع من كون هذه الأعمال استطاعت أن تحاكي وتؤثر في طرحها. بقي أن نعرف أن غزارة الإنتاج الدرامي العربي أصبحت ظاهرة لافتة وتحظى باهتمام غربي في الفترة الأخيرة، ومنها تحليل صحيفة «اللوموند» الإسبانية لعدد من المسلسلات العربية، وخاصة تلك الأعمال التي تناولت جوانب مهمة في حياة عدد من الشخصيات التاريخية