من يتصفح الإنترنت سيجد سقفاً عالياً للحرية وحيزاً واسعاً للبحث على الرغم من أن سنارة الرقابة تتصيد من حين لآخر. لا أعتقد أن واضعي تلك الحدود المكانية بين دولة وأخرى قد خطر على بالهم يوماً أن أدق تفاصيل تلك الحدود قد تخترق بنقرة بسيطة على جهاز المحمول! ومن كان يقول أيضاً بأن برنامج ك(Google Earth) قد ينقل عوالم الغير المكانية في القارات البعيدة والقريبة معاً. ولكن ما يحيرني اليوم هو قدرة بعضهم على تخيل أن بمقدور أي سلطة كانت السيطرة التامة على سوق العرض والطلب في أي مجال، أو في وجهة من أوجه المعلومات المشروعة، وحتى غير المشروعة أحياناً. بنظرة بسيطة على أرض الواقع من خلال مطالعتنا للصحف، لنشرات الأخبار، لبرنامج أو فيلم ما، نتشرب -شعورياً ولا شعورياً- ذلك الكم الهائل من الذبذبات المختلطة بشتى أنواع الأفكار، فنجد أننا نتأثر -إما تدريجياً أو فورياً وإما بشكل فردي أو جماعي، لذلك من المهم الإلمام بجميع جوانب ما يُعرض علينا من أفكار وعدم أخذه كمسلمات وجودية، حتى يكون دورنا في لعبة التبادل المعرفي دوراً إيجابياً يتساءل ويتفاعل وليس مجرد دور سلبي يستقبل فقط. الإعلام مادة مؤثرة جداً، وإلا لما كانت إسرائيل صاحبة أكبر برنامج نووي مدمر، التي تستخدم تقنية عسكرية عالية لإبادة شعب بأكمله، ما كانت لتخاف وترتعد فرائصها لأن السيد سمير القنطار، الذي قضى ثلاثين عاماً في سجونها، ظهر في برنامج الإعلامي غسان بن جدو إبان إطلاق سراحه، ولما كان العالم العربي بفصائله الصحفية المختلفة استهجن إيقاف برنامج الإعلامي حمدي قنديل «قلم رصاص». ومن هنا أجد أن السؤال الملح اليوم يكمن في إعطاء الفرصة للإنسان لاستخدام الإعلام بحرية تامة، لكنها في ذات الوقت مسؤولة. فدور الإعلامي اليوم لم يعد يقتصر على نقل الأحداث صوتاً وصورة، وإنما الدور اليوم يشمل إعطاء الإنسان المجال للمشاركة سواء أكان فرداً أو مؤسسة لصنع أوطان قويّة.