توقف المارة مبهورين مما ترى أعينهم على أطراف مدينة البيرة في الضفة الغربية، الأربعاء، وهم يشاهدون جيبات عسكرية إسرائيلية وجنوداً إسرائيليين بزيهم الرسمي، وأسلحة، وأعلاماً إسرائيلية. واكتشف المارة بعد التوقف والسؤال أن ما يشاهدونه ليس سوى عملية تصوير لفيلم يحكي الواقع الفلسطيني، وحالة الإحباط التي يعيشها الفلسطينيون في انتظار دولتهم الموعودة منذ 18 عاماً. ويحاول المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي عرض هذا الواقع الفلسطيني في فيلمه الجديد “فلسطين ستيريو”، ولكن بطريقة مختلفة عن أفلامه الروائية الأخرى. ويعتبر المشهراوي هذا الفيلم من أكبر أعماله، من حيث حجم المشاركين في تمثيل الفيلم، والطاقم التقني، والمواقع التي تم تمثيل الفيلم فيها. وتدور حكاية الفيلم حول أخوين فلسطينيين، أحدهم فقد زوجته خلال سنوات الصراع الطويلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والثاني فقط حاستي السمع والنطق، بسبب قذيفة إسرائيلية أطلقت في اتجاه مخيم جنين، حيث يسكن الأخوان. يفكر الأخوان بهجرة الأراضي الفلسطينية، خصوصاً بعد فشل المحاولات الفلسطينية في الحصول على دولة فلسطينية منذ توقيع اتفاقية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في العام 1994، لكن عملية الهجرة بحاجة إلى مبلغ مالي يضعانه في البنك. ومن أجل توفير الأموال اللازمة للهجرة، يلجأ الأخوان الاثنان إلى العمل في تأجير وبيع مكبرات الصوت للحفلات والمهرجانات والتظاهرات الفلسطينية. وقال مشهراوي لوكالة فرانس برس إن العمل على الفيلم استغرق ستة شهور، وبدء التصوير مضى عليه خمسة أسابيع. وأضاف مشهراوي “من حيث حجم الكومبارس المشارك في الفيلم، وعدد الممثلين والتقنيين، بالفعل قد يكون هذا الفيلم من أفضل الأفلام التي قمت بتأليفها أو تصويرها”. وأشار مشهراوي إلى عشرات الكومبارس الذين تم استخدامهم لتصوير مشاهد الفيلم، بحيث تبدو حقيقية. واختار المخرج منطقة على أطراف مدينة البيرة في الضفة الغربية، لتمثل الحاجز العسكري الإسرائيلي الذي يفصل بين مدينة رام اللهوالقدس، حيث جرت عملية تصوير المشاهد الأخيرة. وظهر في المشهد عدد كبير من الشبان الفلسطينيين وهم يهتفون ضد الاحتلال وضد منعهم من دخول القدس، فيما رد الجيش الإسرائيلي بقنابل الغاز المسيل للدموع، كأنه مشهد حقيقي. وقال مشهراوي “في غالبية الأفلام التي قمت بتمثيلها عن الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، يؤدي الكومبارس من المواطنين الفلسطينيين دورهم، بحيث تشعر أنه حقيقي من أولى المحاولات، ولا تكون هناك حاجة كبيرة للإعادة”. ويقول الممثل الفلسطيني حسام أبو عيشة الذي يشارك في الفيلم “كي أقنع المشاهد يجب أن أكون مقتنعاً بالدور الذي أؤديه”. وأوضح أبو عيشة، الذي عمل في التمثيل مع مشهراوي منذ العام 1986، بأن “فلسطين ستيريو” هو الأفضل، ويتحدث عن حالة الإحباط لدى الفلسطينيين بعد 18 عاماً من الحديث عن السلام. ويؤدي الممثل الفلسطيني وليد عبدالسلام دور وزير في السلطة الفلسطينية يفضل في النهاية مشاركة المتظاهرين في التظاهر ضد الجيش الإسرائيلي عوضاً عن الحديث والخطابات في الحفلات. وقال عبدالسلام “هذا الفيلم يعرض الواقع الفلسطيني بتناقضاته الثقافية والاجتماعية والسياسية، وهو يشكل إضافة هامة للسينما الفلسطينية”. وتشارك في إنتاج الفيلم شركات إنتاج من غزة، وتونس، والنروج، وإيطاليا، وتم تصويره في 46 موقعاً فلسطينياً في الضفة الغربية، كما قال المنتج الرئيسي عبدالسلام أبو عسكر لوكالة فرانس برس. وأضاف “قمنا بالتصوير في عدد من مواقع التماس، عند الجدار، وعند الحواجز، إضافة إلى المشاهد التمثيلية التي قمنا بتوفير كافة المستلزمات لها”. وتبدي الشرطة الفلسطينية تعاوناً مع القائمين على الفيلم، حيث تشارك أعداد من الشرطة في إغلاق الطرق المؤدية لمنطقة التصوير، كلما اقتضت الحاجة لذلك. وأشار أبو عسكر إلى أن 45 تقنياً يشاركون في تصوير الفيلم، من الأراضي الفلسطينية، وتونس، وفرنسا، وإيطاليا، والأردن، وسوريا، في حين أن 24 ممثلاً فلسطينياً يشاركون في مشاهد التمثيل الرئيسية، إضافة إلى حوالى 1500 كمبارس وتقدر كلفة إنتاج الفيلم، على ما أشار أبو عسكر، بحوالى مليون ونصف المليون دولار. أ ف ب | البيرة (الأراضي الفلسطينية)