إياك أن تلمع أكثر من سيدك! هذه هي الوصية الأولى في كتاب (القوة) لروبرت جرين، وهو كتاب جدير بالاطلاع. وحلاوة الكتاب تأتي من القصص المتناثرة فيه تطبيقاً للقواعد أو كسراً لها، فضلاً عن عديد الحِكم من ينابيع ثقافية شتى، مع هذا يجب الحذر مما يعرض الرجل، ووضع ما يقول تحت منظار النقد والتمحيص. وسوف أحاول بين الحين والآخر عرض بعض الكتب بشكل مختصر، قد تصل إلى بضع مئات، فإن تابعني قارئ واهتم وحصل على الكتب فلن يندم قط، وسيبني خزانته المعرفية شيئاً فشيئاً. أحب ذكر هذه القصص لأن ميزان القوى السياسية في العالم العربي يتغير، من طيران رؤساء دول، وسقوط أنظمة، وبروز قوى شعبية قد تنتظم في شكل مؤسسات، وقد تدخل عالم الفوضى إلى أجل مسمى، والأمر الثالث أن القوى الإسلامية صعدت إلى القمة، سواء في حركة النهضة في تونس، أو العدالة والتنمية في المغرب، أو حتى ليبيا، فضلاً عن قوة الإخوان المسلمين في مصر بعد عراك مع السلطة دام قريباً من سبعين عاماً. وهذا يعني أن التحدي الفعلي بدأ، فإن فشلوا فعلينا دورة جديدة من التحول قد تأخذ نصف قرن قادم. جيلنا كان جيل التّيه والخوف، والجيل الحالي يحمل الأمل وقوة الخلاص، أو هكذا يُخيّل إلينا. خلاصة القصة، أن مازران، رئيس الوزراء الفرنسي أيام الملك لويس الرابع عشر، مات فرأى وزير المالية فوكيه أن الحظ تجلّى وابتسم، وأن المنصب صار جاهزاً له، فكانت أحلامه كارثة. كان الرجل من منصبه قد بنى قصراً خرافياً، وفي يوم افتتاحه دعا الملك ليفتتح القصر، فانبهر الملك بما رأى من دليل النعمة على وزيره، فحسده ونكبه، وأرسل باعتقاله في اليوم التالي، فلم ينَم في قصره سوى ليلة واحدة! أما بقية عمره فقضاها في سجن بعيد في جبال البيرنيه.