يقام في مجمع “أسواق بيروت” التجاري في وسط العاصمة اللبنانية، معرض جماعي لاثني عشر فناناً من الأوروغواي، يجمع أكثر من خمسين لوحة ما بين رسوم وفن رقمي ونسيجي وصور فوتوغرافية. ويستمر هذا المعرض الذي تنظمه سفارة الأوروغواي في بيروت، بالتعاون مع شركة “سوليدير”، حتى الثامن من يوليو المقبل. وأكد سفير الأوروغواي لدى لبنان خورخي لويس خوري لوكالة فرانس برس أن “هدف المعرض هو تعريف الجمهور اللبناني على إنتاج الأوروغواي الفني (..) إنها طريقة لتقريب البلدين”. وأضاف خوري “يقدم المعرض مواد وتقنيات متنوعة عدة، من الرسوم إلى الفن الرقمي والسجادات الجدارية والصور الفوتوغرافية، لمجموعة من الفنانين التشكيليين والمهتمين بالفنون البصرية المعروفين في الأوروغواي”. وتغلب الطبيعة على صور ريمر كاردييو الفوتوغرافية، في حين تطبع النظرات بورتريهات ميغيل نونييس راوتشيرتو. وفي الأجواء نفسها يلتقط خوسييه تروخيو سعادة، وهو من أم لبنانية، يوميات السباحين على شاطئ البحر بأسلوب واقعي، في حين تبدو شخصيات نيلسون روميرو السمينة طريفة، مع آلاتها الموسيقية، وقد رسمها بالحبر وأقلام التلوين. أما الحوار مع الكون والأحلام فيتجلى في لوحات الإكريليك لأندريس مونتاني الذي توفي في العام 2002، وفي لوحة مائية مقسمة إلى خمس لوحات لأنطونيو أنديفيرو. وتتميز لوحات خوليو تيستوني باستخدامه التجربة الرقمية في إنجاز لوحاته التي تحمل عنوان “التحولات”، أو “ميتامورفوسيز”، كأنها بمربعاتها الملونة تنساب بشاعرية وغرابة مستوحاة من عالم كافكا. وفي منتصف الصالة لوحة من نسيج لرائدة هذا النوع سيسيليا برونيني التي تمزج بين تقنيتي الغوبلان والكيليم، وحاكت على سجادتها منطاداً يحمل حيوانات وعروسين، بألوان جميلة. واللافت في المعرض حضور الفنانين التشكيلين كارلوس غريبو، وبرونو صفير. ووصف السفير خوري مسيرة غريبو الذي يزور لبنان للمرة الأولى، بأنها “مهمة جداً”. وقال عنه إنه “نال جوائز عدة ومعروف بتقنيته المذهلة”. وأضاف “انجذب إلى لبنان لأن والده تربى عند عائلة لبنانية في الأوروغواي. وفي المعرض، لوحتان كبيرتان تحية إلى لبنان كما تخيله من دون أن يراه”. ولوحة غريبو التي تحمل عنوان لبنان-1- مرسومة بإتقان تظهر طاولة كبيرة حيث الحائط خلفها يشهد على آثار الحرب، والقسم الأسفل من اللوحة “تركن سيارة قديمة يحبها اللبنانيون” على قول السفير خوري. وقال كارلوس غريبو لوكالة فرانس برس “لبنان لديه تاريخ عظيم وطويل، وكان من المهم أن أجسد ماضيه عبر الذكريات التي أعرفها عنه”. والرسام الستيني النحيل البنية معجب بالمهندس المعماري اللبناني برنار خوري، وبكتاب مسرحيين لبنانيين، ويعتبر أنهم “يمثلون لبنان أكثر من الأخبار عن هذا البلد في الصحف”. والأصغر سناً من الفنانين المشاركين هو برونو صفير، الأربعيني من أصول لبنانية. أجداده من بلدة ريفون (شمال بيروت)، وقد هاجروا إلى الأوروغواي. وقال برونو صفير لوكالة فرانس برس “النفس الشرقي يطبع لوحاتي، لأن الشرق موجود في دمي”. وأضاف “سافرت كثيراً، وتنقلت ما بين الكويت والمغرب ولبنان، وتأثرت بالثقافات هناك، وبما رأيت”. وتخيم أجواء صوفية على لوحات صفير، حيث درويش يرفع يديه تحت أشعة القمر. “تقوم لوحاتي على الروحانية، إنها موضوع حساس. استخدم الحبكة السوريالية والأشكال الهندسية، لأعبر عن ذلك، فأنا خريج مدرسة خواكين توريس غارسيا، إذ بالنسبة إليه بناء اللوحة مهم أكثر من رواية القصة”. واعتبر السفير الخوري أن الجامع المشترك بين الفنانين المشاركين في هذا المعرض أن “جميعهم مروا بالتجارب عينها، وارتادوا المعاهد الفنية نفسها، إذ أنهم من الجيل إياه، فتسعة من بين الاثني عشر، ولدوا في الأربعينيات من القرن الفائت، وعايشوا الأوروغواي في الستينيات، تلك المرحلة التي شهدت فيها أمريكا اللاتينية توتراً اجتماعياً، وعرفت الأوروغواي الديكتاتورية ما بين السبعينات والثمانينيات”. وكانت سفارة الأوروغواي في بيروت أقامت بالتعاون مع “سوليدير” قبل ثلاثة أعوام معرض صور فوتوغرافية تظهر إعادة إعمار الوسط التجاري في بيروت، في مونتيفيديو. وفي الأوروغواي جالية لبنانية كبيرة تضم نحو 70 ألف شخص. أ ف ب | بيروت