أمانة المدينة المنورة تدشّن المرحلة الثانية من مشروع "مسارات شوران"    رفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة وحماية المستهلكين    وصول الطائرة الإغاثية السعودية السابعة إلى مطار دمشق    إسرائيل تطالب بالضغط على حماس وتستمر في الانتهاكات    أول رحلة دولية تهبط في دمشق    تعيين 81 عضوا بمرتبة ملازم تحقيق    أمين الطائف يتابع جهود احتواء آثار الحالة المطرية    ترامب: إما عودة الرهائن في غزة قبل تنصيبي أو الجحيم    نيفيز يعود لتشكيل الهلال الأساسي في مواجهة الاتحاد    نائب أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشروعات التي تنفذها أمانة المنطقة    أمريكا: قوات الدعم السريع ارتكبت «إبادة جماعية» في دارفور    الفريق الفتحاوي يواصل تحضيراته المكثفة لبدء الدوري بمواجهة الوحدة في الأحساء    نائب وزير الخارجية يستقبل سفيرَي بولندا وسريلانكا لدى المملكة    رئاسة لبنان بانتظار التوافق    النفط يرتفع وسط مخاوف من اضطراب الإمدادات    حملات تمشيط تلاحق «فلول الأسد»    من رواد الشعر الشعبي في جازان.. علي بن صديق عطيف    «الحياة الفطرية» تطلق 95 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    تعديل نظام المرور والموافقة على نظام المواد البترولية والبتروكيماوية    «الدفاع المدني»: أنصبوا الخيام بعيداً عن الأودية والمستنقعات    محافظ صامطة يعزي أسرة البهكلي والشيخ المدخلي    هيئة الأدب والنشر والترجمة تطلق النسخة الأولى من معرض جازان للكتاب    8 ملاعب تستضيف كأس آسيا 2027 في السعودية    طرح سندات دولية بالدولار بقيمة 12 مليار دولار أمريكي    136 محطة ترصد هطول أمطار في 9 مناطق    ابتسم تختتم العام بتوعية وعلاج أكثر من 58ألف مستفيد ومستفيدة بمكة    95 قتيلاً ومبانٍ تحولت إلى ركام.. زلزال عنيف يهز «التبت»    تعليم القصيم يطلق حملة "مجتمع متعلم لوطن طموح"    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تطلق برنامج «راية» البحثي    أمير الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء جمعية أصدقاء السعودية    رئيس جمهورية التشيك يغادر جدة    لياو: شكرًا لجماهير الرياض.. وإنزاغي يؤكد: الإرهاق سبب الخسارة    "الأرصاد": رياح شديدة على منطقة تبوك    اللجنة المنظمة لرالي داكار تُجري تعديلاً في نتائج فئة السيارات.. والراجحي يتراجع للمركز الثاني في المرحلة الثانية    عبد العزيز آل سعود: كيف استطاع "نابليون العرب" توحيد المملكة السعودية تحت قيادته؟    البشت الحساوي".. شهرة وحضور في المحافل المحلية والدولية    القطاع الخاص يسدد 55% من قروضه للبنوك    6 فوائد للطقس البارد لتعزيز الصحة البدنية والعقلية    سفير فلسطين: شكراً حكومة المملكة لتقديمها خدمات لجميع مسلمي العالم    تنامي السجلات التجارية المُصدرة ل 67 %    محافظ الطائف: القيادة مهتمة وحريصة على توفير الخدمات للمواطنين في مواقعهم    بداية جديدة    أهمية التعبير والإملاء والخط في تأسيس الطلبة    ليلة السامري    سلمان بن سلطان يستقبل اللهيبي المتنازل عن قاتل ابنته    العداوة الداعمة    بلسان الجمل    جلوي بن عبدالعزيز يُكرِّم مدير عام التعليم السابق بالمنطقة    في ربع نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين.. كلاسيكو مثير يجمع الهلال والاتحاد.. والتعاون يواجه القادسية    احتياطات منع الحمل    البلاستيك الدقيق بوابة للسرطان والعقم    جهاز لحماية مرضى الكلى والقلب    "رافد للأوقاف" تنظم اللقاء الأول    خيسوس يبحث عن «الهاتريك».. وبلان عينه على الثنائية    القيادة رسمت مسار التنمية المستدامة والشاملة    حماية البذرة..!    مكة الأكثر أمطاراً في حالة الإثنين    العالم يصافح المرأة السورية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنا أكره شكسبير
نشر في الشرق يوم 12 - 05 - 2012

نعم أكره شِكسبير ليس فقط لأنه كان سبباً في يوم من الأيام لحصولي على علامة متدنية في امتحان ال(توفل) حيث طُلِب منا، وقد تخرجنا للتو من الثانوية العامة، أن نكتب نقداً لقطعة أدبية كتبها شكسبير، وانتهى وقتُ الامتحان ولم أستطع أن أفك رموز ذلك النص. ولكنني أكرهه أيضاً لأن الحب الذي تصنّعه في (روميو وجولييت) كان مُبتذلاً وباهتاً وكأنّه حُبّ آليّ مبرمَج. بالله عليكم، كيف يموت أبطال قصة في نهايتها! أجزمُ بأن شكسبير لو عاش في زمن بوليوود لأحرقه الهنود حياً بعد انتهاء العرض. أما المعاناة الساذجة للبطل (عُطيل) فهي الحبكة الوحيدة، تقريباً، التي نستخدمها في مسلسلاتنا البدوية التي ازدهرت وانتشرت على قنواتنا العربية منذ نهاية الثمانينات، إلا أن الفرق هو أن البطل أو البطلة (أي من يُمثل عطيل أو ديمونة) في مسلسلاتنا، يموت أحدهما بعد الحلقة الثالثة أو الرابعة، فتبدأ رحلة البكاء والنواح ولبس السواد والرغبة من الانتقام، أيّ انتقام، ترافقها موسيقى حزينة جداً إلى نهاية المسلسل.
أكره شكسبير لأن كتاباته لا تصلح إلا لعصره، ولو حضر أحدكم عرضاً لإحدى مسرحياته في لندن اليوم فلن يجد سوى قصص إنجليزية باردة كشتاء إنجلترا الرمادي، تشعرني وكأن البلاط الملكي في عهده قد شكّل لجنة لكتابتها. إلا أنني لا أستطيع أن أحكم على شِعره، ولا أريد أن أصير خبيراً ولا ناقداً للأدب الإنجليزي، وأحمد الله أنني أمقتُ ذلك الأدب البائس المتمثل أيضاً في كتابات تشارلز ديكنز المُسمّى في عالم الأدب ب «أديب البؤس». وفي اعتقادي بأنه لا يجوز أن يحكم على الشعر إلا من أتقن لغته وكتب بها. أخبرني أحد الذين ترجموا بعض أشعار عمر الخيّام بأن كل الترجمات، بما فيها ترجمته هو، لا تعكس شيئاً من جمال الأبيات بلغتها الأصلية، وكذلك هو حال ترجمات أعمال جلال الدين الرومي. ولذلك فإنني أكره في أعمال شكسبير سطحية الطرح وليس اللغة الشاعرية المُعقّدة، وأزدري ترهّل الحبكة، ودرامية الأحداث التي لا يُعقل أن تمثّل حياة أحد منا. ولا أخفي إعجابي بقصة تاجر البندقية، وخصوصاً الحوار الذي دار في المحاكمة الأخيرة، الذي كان يستخدمه أستاذنا للتربية الإسلامية في المدرسة ليصف لنا بشاعة اليهود ومكرهم، وكنتُ أتساءل: أليس النقد الأدبي مهمة أستاذ اللغة العربية؟ ثم أتساءل الآن: هل أعجبتني القصة لأن آل باتشينو مثّل دور تاجر البندقية بطريقة فذّة في فيلم هوليوودي خلّاب من ناحية الصورة والموسيقى، أم أن القصة جيدة حقاً؟ كل ما أعرفه هو أنني أكرهك يا شكسبير لأنك جعلتَ من الأدب معادلة كيميائية معقدة، فلا بد أن يدرس أحدنا اللغة الإنجليزية عدة سنوات، ثم يعكف على قراءة كل أعمالك السمجة، ناهيك عن اضطراره لحضور مسرحياتك المُثلّجة، ثم عليه أن يناقش أطروحته التي لا يفقه منها شيئاً أمام ثلاثة (لوردات) أصغرهم قد تجاوز التسعين عاماً، لكي يمنح شهادة في الأدب الإنجليزي. عليكَ من الله ما تستحق يا شكسبير، وما ضرّك لو كتبتَ كما يكتب الآخرون، بسلاسة وبساطة ووضوح!
يُقال إن عظمة شكسبير تكمن في أنه استخدم عشرين ألف مفردة غريبة في أعماله، وأظن أن ذلك هو سبب كرهي له أيضاً. لا يمكن لأحدنا أن ينتقد شكسبير حتى ينبري له المدافعون الذين لم يقرأ معظمهم مسرحية كاملة له، فيدافعوا عنه دفاعاً مستميتاً، حتى سماه أحدهم «الشيخ زُبير» وقال بأن لحمه مسموم!
نعم أكره شكسبير لأنه لا يُقارع جبران خليل جبران في عمق المعنى وعبقرية النص، ويكفي جبران أنه قال: «يحتاج الحق إلى رجلين؛ رجلٌ ينطق به، ورجلٌ يفهمه». ولكن جبران لم يعش في بلاط ملكي، ولم يكن آلة للتسلية الجماهيرية، ولذلك كان يكتب ما يؤمن به، ولا يؤمن بما يكتب. وأكره شكسبير لأنه لا يُباري تولستوي في نُبْلِ معانيه وقدرته على تجريد الحياة من المثاليات والتزلّف، ويكفيه قوله: «أسهل على المرء أن يكتب في الفلسفة مجلدات عدة من أن يضع مبدأ واحداً حيز التطبيق».
نعم أكره شكسبير، وأقولها علانية دون أن أخجل أو أستحي، أقولها بشجاعة وب (البُنْط) العريض: «أنا أكره شكسبير» ألم يقُل هو نفسه: «يموت الجبناء مرات عديدة قبل أن يأتي أجلهم، أما الشجعان فيذوقون الموت مرة واحدة». أكرهه ولا أملك شهادة في الأدب ولا حتى في قلة الأدب، ولكن من حقّي حسب النظام الديمقراطي الإنجليزي أن أعبّر عن رأيي، وأعلم بأن شكسبير لن يهتم بتُرّهاتي هذه؛ لأنه شهير جداً وأنا أبدو في هذا المقال كاتباً مغموراً يُريد أن يشتهر على حسابه. يقول جبران: «نصف ما أقوله لك لامعنى له، ولكنني أقوله ليتم معنى النصف الآخر».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.