هذا العنوان هو تحديداً ما وجدت لساني يتمتم به فور يقظتي فجراً على صوت التّلفاز. الذي سرقتني الغفوة أمامه ليلة البارحة، وما فيه من أخبار لا تغفو ولا تهدأ… تابعت كلّ القنوات الإخبارية على اختلاف أطياف أجنداتها، فوجدتها جميعها تحوم كالغربان على الجثث. وفوضى تراشق الاتّهامات وتقديم المبرّرات تتراقص حولها جموع النّاس رقصاً بدائياً محموماً. ولا يكاد أحدهم ينتبه إلى أن القدس قد اشتعلت وانتفضت وقدّمت شهداء جدداً وشرطة العدوّ الصّهيوني رفعت حالة التّأهب القصوى قبل أيّام!! لماذا؟ لأنّهم مشغولون، تلهيهم احتراباتهم المذهبيّة والطّائفيّة والمناطقيّة الصّبيانية! … تجرّعت آهي وسحبت نفسي إلى شرفتي التي تحتضنها أغصان غابة الصّنوبر في جبل الأرز.. وكانت همهمة تغريد العصافير مثقلة، تحملها لمسمعي شبه ريح باردة.. فقط بصيص نور الفجر في السّماء من كان مثلي يقظاً. أهداني صوراً وهمسات… أذكر منها صورة لقلب كبير لكنّه مريض.. خفقانه مصحوبٌ بالنُّذُر. أما الغيوم المتراكمة فقد اختارته ملعباً نموذجيّاً للونها الدّاكن الكاذب الممتد على ذنب السّرحان الخريفيّ باتّجاه الشّرق! نفضت عن عيني الثّالثة ضباب طلاسم الغيوم تلك بغية أن أعود لأبصر واقعي، ولأطمئن على حال بوصلتي… فأبصرت يهوداً في أمريكا يتظاهرون ضد الصّهاينة واحتلالهم الغاشم ويرفضون أن يستخدم المستعمر نجمة داود رمزاً لراية إجرامه.. في الوقت الذي تملأ فيه ساحات «تويتر» تغريدات غزل في الصّهيوني والتّنكيل بالشّقيق الفلسطيني الصّامد، من قبل ثلّة من شبابنا، ممن ثقافتهم حدودها أغاني الفنّ الهابط. وفي حين أبصرت أعضاء «بينك فلويد» فرقة الروك الأشهر عالميّاً ينتفضون بتصريحاتهم تضامناً مع حق المرأة الفلسطينية المضطهدة، رأيت من قلب القدس، دموع التّماسيح تنهمر على رحيل الجزّار الكبير شيمون بيريز بل ويترحّمون عليه! لكن أبشّركم، بوصلتي بخير.. لا تزال تشير مع أصحاب الضّمير الحيّ في العالم أجمع.. إلى حقّ أهلي هناك «بفلسطين».