تصاعدت قضية قناة «الوطن» التليفزيونية في الجزائر، إذ أفيد أمس بإغلاق مكاتب إنتاجها بواسطة أجهزة الأمن، في وقتٍ دعا مالكها رجل الأعمال، جعفر شلي، إلى انتظار الحكم القضائي مُنتقِداً استباقَه من جانب وزارة الاتصال. وحجزت قوات الأمن الأجهزة الموجودة داخل مكاتب القناة ونفّذت أمراً إدارياً بإغلاقها، على خلفية بثِّها تصريحاتٍ للقائد السابق للجيش الإسلامي للإنقاذ المنحلّ، مدني مزراق، هاجم فيها الرئيس، عبدالعزيز بوتفليقة، بحدّةٍ أثارت استياءً حكومياً. وأبدى مالك «الوطن»، جعفر شلي، استغرابه من «خطوة وزير الاتصال الذي صرح الأسبوع الماضي أنه سيلاحقنا أمام القضاء ثم أمر بإغلاق مؤسستنا قبل صدور حكم المحكمة». وتساءل شلي، وهو قيادي سابق في حزب حركة مجتمع السلم الإسلامي، عن المستجدات التي دفعت إلى استباق حكم القضاء، ملمحاً إلى إدراك الحكومة «أن هناك من القضاة الشرفاء الذين لا يمكن إملاء الأحكام عليهم». وذكر مصدر في وزارة الاتصال أن «الوزير، حميد قرين، طلب إغلاق القناة لأنها تعمل بشكل غير قانوني ومسَّت برموز الدولة». وكان قرين أعلن الأسبوع الماضي ملاحقة «الوطن» ومالكها قضائياً إثر تهديدات أطلقها مداني مزراق في برنامج «حوار» الذي بُثَّ في ال 3 من أكتوبر الجاري. وتوعد مزراق، خلال البرنامج، بالرد على الرئيس بوتفليقة بكلامٍ «ما أظنه تصوَّر أن يسمعه من أحد قبل اليوم» إذا رفضت الرئاسة مساعي تأسيس حزب «الجبهة الجزائرية للمصالحة والإنقاذ». ورغم تفهم مالك القناة غضب الحكومة من بث هذه التصريحات؛ فإنه أبدى استغرابه بما أن مدير ديوان رئاسة الجمهورية، أحمد أويحيى، استقبل مزراق باعتباره «شخصية وطنية» بمناسبة المشاورات حول تعديل الدستور في صيف 2014. وأكد شلي أنه سيقيم دعوى أمام القضاء «لإلغاء قرار الإغلاق وحماية مصدر قوت 170 عاملاً». وتخضغ قناته على غرار أكثر من 40 قناة فضائية جزائرية للقانون الأجنبي، ولا وجود قانونيا لها في البلاد، لكن وزارة الاتصال تسمح لها بالعمل وتمنح تراخيص ل 5 قنوات خاصة فقط. وتبثُّ «الوطن» من قبرص بينما مقرها الرئيس في لندن، أما القنوات الأخرى فمقارها في عمَّان أو جنيف أو مدريد. وكان مزراق، الذي رُصِدَت مكافأة للقبض عليه أو قتله قبل أن يصدر عفو عنه، أعلن قبل أكثر من شهر تأسيس «الجبهة الجزائرية للمصالحة والإنقاذ»، وهي حزب سياسي يريد من خلاله إحياء الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة. لكن الحكومة والرئاسة أعلنتا رفض عودة المسلحين السابقين للعمل السياسي. وتم حل الجبهة الإسلامية للإنقاذ في عام 1992 بعدما دعت إلى الكفاح المسلح، إثر إلغاء نتائج الانتخابات التشريعية التي فازت الجبهة في دورتها الأولى.