استدعت وزارة الاتصال (الإعلام) الجزائرية، مدير قناة تلفزيونية خاصة إثر تصريحات وصفتها ب «غير المقبولة» صدرت عن «الأمير السابق للجيش الإسلامي للإنقاذ» المنحل مدني مزراق، توعد فيها الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة ب «إسماعه كلاماً لم يسمعه من قبل» في حال لم يتراجع عن قرار منعه من تأسيس حزب. وعاد مدير قناة «الوطن» الخاصة على جناح السرعة من تركيا، استجابةً لاستدعاء شديد اللهجة من وزارة الاتصال على خلفية مقابلة بثتها محطته مع مزراق الذي تحدى الرئيس على خلفية رسالته لمناسبة ذكرى استفتاء المصالحة الوطنية، التي أشار فيها إلى استحالة عودة مَن تسببوا في الأزمة الأمنية خلال فترة التسعينات، إلى الواجهة السياسية في البلاد. وقال مزراق في رد على رسالة الرئيس الأخيرة: «سيسمع مني بوتفليقة كلاماً ورداً لم يسمعه من قبل». وشكك في الرسالة المنسوبة إلى الرئيس، معتبراً أن «حالته الصحية والعقلية لا تسمح له باتخاذ قرار خطير مثل هذا». وكان بوتفليقة وصف مطالب زعيم الجيش الإسلامي للإنقاذ المنحل، بتأسيس حزب ب «الانزلاقات والتصرفات غير اللائقة»، مشيراً في رسالته لمناسبة الذكرى العاشرة لاستفتاء المصالحة الوطنية إلى أنه وجب التذكير بالحدود التي تجب مراعاتها، والتي «لن تتساهل الدولة في شأنها». بيد أن مراقبين تساءلوا عن سر توجيه استدعاء لمدير القناة الخاصة من دون أي ملاحقة بحق مزراق، في حال رأت العدالة الجزائرية في تصريحاته ما يحضّ على العنف أو المساس برموز الدولة. على صعيد آخر، أجرى الرئيس الجزائري حركة تحويلات كبرى في سلك رؤساء الدوائر (ثاني أهم المسؤوليات المحلية بعد المحافظين) في خطوة جديدة على مسار التغييرات العميقة التي أطلقها أخيراً، والتي مست بكل القطاعات الأمنية والإدارية. وتزامن قرار بوتفليقة مع إقرار مجلس الوزراء أمس، بدء سياسة التقشف في البلاد. على صعيد آخر، ألقت الخلافات المتصاعدة بين المغرب والجزائر ثقلها على اجتماع وزراء خارجية منظومة «5 + 5» التي تشمل الدول الشمالية والجنوبية لضفتي البحر المتوسط. ورأت مصادر ديبلوماسية في إيفاد الجزائر وكيل وزير خارجيتها عبدالحميد السنوسي بريكسي، بدلاً من وزير الخارجية رمطان لعمامرة إلى المؤتمر الذي بدأ أعماله في طنجة، استمراراً للأزمة التي تخنق العلاقات بين الرباطوالجزائر. وهذه ليست المرة الأولى التي تنزع فيها الجزائر إلى خفض مستوى تمثيلها في المؤتمرات التي يستضيفها المغرب، منذ اندلاع أزمة إزالة علم الجزائر من على قنصليتها في الرباط. وعلى رغم الإجراءات القضائية التي اتخذتها السلطات المغربية لمعاقبة المتورطين في الحادث، إلا أن الهوة لا تزال تزداد عمقاً بين البلدين الجارين. لكن بيان الخارجية الجزائرية عرض إلى ما اعتبرته موقفاً راسخاً لناحية «دعم علاقات حسن الجوار والتعاون بين الدول الأعضاء»، فيما يستمر سريان إغلاق الحدود البرية بين الجزائر والمغرب منذ أكثر من عقدين. إلى ذلك، أقرت منظومة «5 + 5» التي تُعتبر الإطار الوحيد الذي يجمع بين الجارين اللدودين ويُعقد دورياً بخلاف القمة المغاربية المعلّقة منذ عام 1994، الانفتاح على مكونات من خارج الحوار الرسمي بين الدول العشر المشاركة. ووصف وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار الحدث بأنه «احتفاء بالأمل»، في إشارة إلى ما يمثله الشباب الذين يشكلون غالبية سكان المنطقة من أهمية للمستقبل. واعتبر المسؤول المغربي أن الإصغاء إلى مطالب الشارع يقع في مقدم التحديات الراهنة التي يتعين أن تكفل مشاركة جماعة الشباب والنساء في جهود التنمية والديموقراطية وحوار الحضارات. وهيمنت ظاهرة نزوح اللاجئين إلى بلدان أوروبا على محاور الاجتماع، بخاصة ما يتعلق بتنسيق الجهود والتصدي للهجرة غير الشرعية، وفق المقاربة الأوروبية الجديدة. وعرض الاجتماع في غضون ذلك إلى آفاق التسوية السلمية للصراع الدائر في ليبيا، وسبل تطويق التطرف والإرهاب في منطقة الساحل جنوب الصحراء، إضافة إلى إشكالات المساعدة في التنمية وتطويق الأزمات الاقتصادية والسياسية الناشئة.