في كل مرة تتحفنا دلة البركة بمبادرات وطنية رائعة ومميزة للغاية، أجزم أن التلفزيون السعودي بقنواته المتنوعة على الأقل في العقد الأخير، لم يخرج بعمل ضخم بمثل ما قدمته دلة البركة في أعمالها الوطنية المؤخرة، وأنا هنا لا أعني بذلك انعدام العمل الوطني بالتلفزيون السعودي، بل أقصد جودة العمل ودرجة تأثيره في عوام الناس، حتى تناقلوا أعمالها الوطنية بشكل رهيب جداً. ما جعلني أبدأ مقالتي بإبداعات دلة البركة، هو أنني أجزم تماما لو قدم مثل أعمالها تجاه مواضيع نبذ التعصب وبنفس الجودة ودرجة الإتقان، لاختصرنا الكثير من محاضرات وندوات وحلقات نبذ التعصب الجماهيري، الذي مع الأسف لم يعد جماهيريا بل أصبح وأضحى وأمسى إعلاميا بالدرجة الأولى. فتجد ذلك الإعلامي يخرج في القناة الرياضية (الحكومية) مرتدياً ثوب الحياد والمثالية وحب الوطن ومساندة أندية الوطن في مشاركاتهما الخارجية والتغني على أوتار الوطنية، وما إن يستضاف في قناة خاصة غير (حكومية) يظهر هذا الإعلامي المتعصب الذي بداخله، فتجده يُصعد ويؤجج الرأي العام، ويسخط ويسخر من غريم ناديه التقليدي ولا يتمنى تفوقه في المشاركات الخارجية، فهؤلاء على هوى أنفسهم وخط سير القناة المهم، دائماً وأبداً لديهم حب الظهور بأي طريقة ولو كان الثمن على حساب معاداة أندية الوطن. أما على صعيد البرامج فحدث ولا حرج، فهناك بعض البرامج قامت على تأسيس التعصب وجلب أكثر الإعلاميين تعصباً وتلوناً، فيتشرب الجمهور منهم كأس التعصب حتى المعاداة، والمضحك المبكي أن مثل هذه البرامج تنبذ التعصب وتزجره، وتلقي باللائمة على جهات أخرى ترى أنها سبب فيما آل إليه التعصب الآن، صدق من قال «يعيبوا على الناس والعيب فيهم»!. الرياضة لدينا لم تعد تعصباً لحب النادي فقط وهذا أقل التعصب ضرراً، بل أصبحت تعصبا لدرجة التنابز والتشكيك في ذمم والدخول في نيات الأشخاص، وتجاوز هذا الأمر إلى تمني خسارة أندية وطنية في مهمة خارجية، ولنكون أكثر صراحة وصلت الحال إلى تمني خسارة المنتخب لأسباب عدة، يرى المتعصب الرياضي منها وجود أكبر عدد بالمنتخب من لاعبي ناد لا يفضله، أو لوجود مدير كرة من ناد منافس تقليدي وغيرها الكثير، وسبب ذلك أن الجماهير تسير على خطى إعلامي ناديهم الذي نشر التعصب ولم يئده في مهد بداياته الإعلامية، والمهم لهذا الإعلامي جمع عدد أكبر من المتابعين بتويتر وعلى طريقة خالف تُعرف!. ثلاث جهات مفصلية سيكون لها دور كبير لنبذ التعصب لو فعلت بالشكل الصحيح، الجهة الأولى التليفزيون السعودي من خلال المواد الإعلامية التي تنبذ التعصب، الجهة الثانية الصحف السعودية حكومية أو خاصة من خلال وضع ضوابط مقننة لها لا تتجاوزها، وتكون عامل بناء لا هدم، مع تفعيل دور الثواب قبل العقاب للصحف التي تسير وفق الضوابط المحددة، لأن هناك بعضا قد أمن العقوبة فأساء للرياضة بتعصبه، وأيضاً هذا لا يعفي أن لا يكون هناك عقاب وعقاب قاس جدا يصل للإقالة عند التكرار، فالوطن وشبابه فوق كل اعتبار، والجهة الثالثة، الرئاسة العامة لرعاية الشباب من خلال دورها في تثقيف الأندية الرياضية بجميع الألعاب وأندية الأحياء وبيوت الشباب، وإذا «تبون شوري» أربع جهات خير وبركة مع دلة البركة.