تجددت التظاهرات وسط بيروت أمس احتجاجاً على عجز الحكومة عن إيجاد حل لأزمة النفايات المنزلية التي تغرق فيها شوارع بيروت ومنطقة جبل لبنان، وأظهرت لقطات تليفزيونية حية قيام قوات الأمن اللبنانية بإطلاق مدافع المياه على المحتجين. وألقى المحتجون مقذوفات على قوات شرطة مكافحة الشغب التي كانت تغلق طريقا يؤدي إلى السراي الكبير مقر رئاسة مجلس الوزراء في وسط بيروت. وأقر رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام أمس باستخدام القوى الأمنية «القوة المفرطة» في قمع آلاف المواطنين الذين اعتصموا ليلاً في وسط بيروت احتجاجاً على المماطلة في إيجاد حل لأزمة النفايات المستمرة منذ أكثر من شهر، داعياً إلى محاسبة المسؤولين. وقال سلام في مؤتمر صحافي «ما حصل أمس لا يمكن لأحد أن يهرب من تحمل مسؤوليته، وخصوصاً ما يتعلق باستعمال القوة المفرطة مع هيئات المجتمع المدني» مضيفاً «لن يمر الحدث دون محاسبة، وكل مسؤول سيحاسب وأنا من موقعي لا أغطي أحداً». وكان آلاف بينهم نساء وأطفال تجمعوا بعد ظهر السبت في ساحة رياض الصلح القريبة من مقرَي مجلس النواب والحكومة بشكل سلمي تلبية لدعوة تجمع «طلعت ريحتكم» الذي يضم ناشطين في المجتمع المدني احتجاجاً على عجز الحكومة عن إيجاد حل لأزمة النفايات المنزلية التي تغرق فيها شوارع بيروت ومنطقة جبل لبنان. ولدى محاولة مجموعة من المعتصمين التقدم لرفع شريط شائك وضعته القوى الأمنية، حدثت حالة تدافع بين الجانبين قبل أن تُقدِم عناصر الأمن على ضرب المعتصمين بالعصي وإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص لتفريق المتظاهرين، ما تسبب في وقوع جرحى في صفوف المدنيين. وأكد رئيس الحكومة اللبنانية، فيما كان آلاف من المواطنين ينضمون الأحد إلى المعتصمين الذين نصبوا خياماً في وسط بيروت، أن «التظاهر السلمي حق دستوري، وعلينا أن نحميه وأن نواكبه وأن نكون جزءاً منه لا أن نكون في الضفة الأخرى أو خارجه». واعترف سلام بعدم وجود «حلول سحرية» في ظل التجاذبات السياسية القائمة في لبنان، معتبراً أن محاسبة من ألحق الأذى بالمعتصمين السبت، في إشارة إلى القوى الأمنية، هي بدورها «خاضعة للتجاذبات والصراعات السياسية التي تتحكم في كل كبيرة وصغيرة». وتتولى حكومة سلام المكونة من ممثلين لغالبية القوى السياسية بموجب الدستور صلاحيات رئيس الجمهورية في ظل فشل البرلمان في انتخاب رئيس للبلاد منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في 25 مايو عام 2014. لكن جلسات مجلس الوزراء الأخيرة تشهد توتراً بسبب خلاف حاد بين القوى السياسية على جملة ملفات حياتية سياسية وأمنية وكيفية تقاسم الحصص ما بينها. واعتبر سلام أن المشكلة ليست في أزمة النفايات فحسب، بل في الانقسام الذي يعطل اتخاذ القرارات على طاولة عمل مجلس الوزراء في غياب ممارسة السلطة التشريعية دورها في المساءلة. وقال «قصة النفايات هي القشة التي قصمت ظهر البعير، لكن القصة أكبر بكثير، وهي قصة النفايات السياسية في البلد التي تلبسها كل المرجعيات والقوى السياسة». ودعا سلام مجلس الوزراء إلى الانعقاد الأسبوع المقبل لبت «مواضيع ملحة وحياتية لها علاقة بالناس» مبدياً استعداده للقاء وفد ينتدبه المعتصمون بالقول «مستعد للجلوس معكم والتحاور معكم، لا شيء لدي أخبِّئه أو أحتال به على أحد».