أدى المد الروسي في أوكرانيا بشكل غير مباشر إلى سلسلة من النفقات العسكرية في دول البلطيق التي تخشى المطامع الحدودية لموسكو بعد نصف قرن تحت الاحتلال السوفياتي. وطالب الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو روسيا بسحب قواتها من الأراضي الأوكرانية. وقال بوروشينكو مخاطباً روسيا أمس في مدينة ملبورن الأسترالية: «أرجوكم أن توقفوا إطلاق النار، أفرجوا من فضلكم عن الرهائن، اسحبوا قواتكم من فضلكم من أرض بلادي، أغلقوا الحدود من فضلكم». أضاف الرئيس الأوكراني: «أعد بأن يحل السلام والأمن في أوكرانيا خلال أسبوع أو أسبوعين أو ثلاثة أسابيع إذا أغلقتم الحدود، هذا بكل بساطة». وقوات دول البلطيق لا أمل لديها أمام الماكينة الحربية الروسية، إلا أن المحلل الليتواني أليكسندراس ماتونيس، يرى أن الأمر يقتصر على صد الهجوم الأول والتعبير عن إرادة المقاومة في انتظار وصول التعزيزات الأطلسية. وأوضح المحلل «في أسوأ الأحوال، وإذا تعرضت دول البلطيق لهجوم أطلق نظام إنذار الأطلسي الدفاعي، يظل هناك وقت قبل أن يرد الحلفاء. ولا بد أن تتصدى بعض الدول للهجوم الأول بوسائلها الدفاعية الخاصة». وعمدت أستونيا ولاتفيا وليتوانيا لشراء كميات كبيرة من العتاد، وزادت في ميزانياتها العسكرية بعد أن ضمت روسيا جزيرة القرم، وقدمت دعمها للمتمردين الانفصاليين في شرق أوكرانيا. وقال رئيس الحكومة الأستونية تافي رويفاس هذا الأسبوع إن «الأمن سيبقى كما هو خلال فترة طويلة، إنه ليس غيمة صيف بل تغيير مناخي». وانضمت بلدان البلطيق التي استعادت استقلالها في 1991، إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي في 2004 لتعزيز تجذرها في الغرب. وأعربت جميعها عن ارتياحها لضمانات الحلف الأطلسي الذي قال إن هجوماً على إحداها يعني هجوما على الحلف برمته. وقال رويفاس خلال زيارة إلى الولاياتالمتحدة؛ حيث تباحث حول صفقات تسليح أخرى، إن «انتشار الحلف الأطلسي في منطقة البلطيق يجب أن يستمر ويزداد». ولتكون أفعالها مطابقة لأقوالها، قامت الدول الثلاث بزيادة نفقاتها العسكرية. ووقّع وزير الدفاع الأستوني سفين ميكسر في ديسمبر مع هولندا أكبر عقد عسكري في تاريخ بلاده ينص على شراء 44 آلية قتالية من طراز سي في 90 و6 دبابات من طراز ليوبارد مقابل 138 مليون يورو. وكان اشترى قبل ذلك بشهر من الولاياتالمتحدة أربعين قاذفة صواريخ أرض-جو من طراز ستينجر مقابل أربعين مليون يورو. وتحاول أستونيا شراء مدافع ذات محركات ذاتية، كما قال الناطق باسم وزارة الدفاع أنرديس سانج. من جانبها اشترت الحكومة اللاتفية في أغسطس 123 آلية قتالية من بريطانيا مقابل 48 مليون يورو، وأبرمت الشهر الماضي اتفاقاً مع النرويج حول شراء 800 نظام مضاد للدبابات من طراز كارل جوستاف و100 شاحنة. من جانبها التفتت ليتوانيا إلى جارتها بولندا وطلبت منها نظام دفاع مضاد للجو من طراز «جروم» مقابل 34 مليون يورو، وتنوي أيضا أن تنفق عشرين مليوناً أخرى لاقتناء صواريخ «جافلين» من الولاياتالمتحدة. وهكذا وفي ظرف ستة أشهر أنفقت هذه البلدان الثلاثة التي يتجاوز عدد سكانها بقليل ستة ملايين حوالي 300 مليون يورو على العتاد العسكري.