لا تزال خيارات الحلف الاطلسي ازاء روسيا محدودة في غياب توافق للتدخل بشكل مباشر في اوكرانيا، وستشكل قمة الحلف المقررة في ويلز في نهاية الاسبوع مناسبة لإعادة التاكيد على المبادئ الكبرى, في الوقت الذي يوقظ التحرك الروسي في اوكرانيا مخاوف تاريخية كبرى في منطقة البلطيق، عشية زيارة للرئيس الاميركي باراك اوباما الى استونيا، واتهمت موسكو كييف بتقويض جهود انهاء الحرب, بينما اكد امين عام الاممالمتحدة أن لا حل عسكريا للأزمة. استبعاد الحرب واعلن مدير معهد تشاتهام هاوس في لندن روبن نيبلت "من غير المرجح ان يتم اتخاذ قرار بحصول تدخل عسكري مباشر اذ لا يحظى الخيار بدعم داخل الحلف ولن تقوم اي دولة بذلك لوحدها". قانونا، الحلف ليس ملزما بالتدخل فاوكرانيا ليست عضوا ولا يمكنها الاستفادة من "الدفاع المشترك" بموجب البند الخامس الذي ينص على التزام الدول الاعضاء بالدفاع عن اي من الاعضاء في حال تعرضه لهجوم. استبعاد التسليح اذا كانت اوكرانيا ستطالب بتزويدها بالاسلحة، فليس عليها التوجه الى الحلف الاطلسي. فالحلف ليس لديه قوات او جنود، وانما الدول الاعضاء هي من يضع قواتها او اسلحتها بتصرف الحلف. وقال مسؤول كبير في الحلف ان "اوكرانيا تتقدم حاليا بمطالب في عدة مجالات والدول الاعضاء هي من يمكنها ان ترد وليس الحلف وذلك على اساس ثنائي". نشر قوات أعلن الامين العام للحلف، اندريس فوغ راسموسن، انه "وللرد على السلوك العدواني لروسيا" فان قادة الدول ال28 الاعضاء في الحلف سيعتمدون خطة للجهوزية تتيح وبسرعة كبيرة نشر "عدة آلاف من الجنود" (جو وأرض وبحر وقوات خاصة) في اوروبا الشرقية. وذلك "سيتطلب منشآت على أراضي الحلف وتجهيزات ومعدات موجودة مسبقا بالاضافة الى خبراء في الشؤون اللوجستية وفي القيادة. القوة لن تكون كبيرة لكنها ستكون قادرة على الضرب بقوة اذا تطلب الأمر". واضاف، ان الحلف يدرس ايضا "تحسين البنى التحتية الوطنية مثل المطارات والمرافئ". كما سيتم تعزيز جمع المعلومات الاستخباراتية والخطط الدفاعية وتنظيم مناورات "بوتيرة أكبر وفي أماكن أكثر". وتابع ان "هذا معناه وجود اكبر للحلف في شرق" اوروبا، و"طيلة المدة اللازمة". انضمام اوكرانيا تريد حكومة اوكرانيا اعادة اطلاق برنامج انضمامها الى الحلف الاطلسي الذي اوقفه في 2010 نظلم فيكتور يانوكوفيتش المؤيد لروسيا. وتم الترحيب بانضمام اوكرانيا خلال قمة بوخارست في 2008 مما اثار غضب موسكو. وهذا القرار الرسمي هو ما يتيح اليوم لراسموسن ترك الباب مفتوحا امام اوكرانيا. الا ان عملية الانضمام تتوقف على "قدرة اوكرانيا على القيام بالاصلاحات الضرورية"، بينما تجهيزاتها تعود الى الحقبة السوفياتية وان "تتكيف مع معايير الحلف الاطلسي والوفاء بكل الشروط"، وهو اسلوب لبق للقول بأنه لن يكون بإمكانها الانضمام بشكل سريع. وقف التعاون مع روسيا وأوقف الحلف أي تعاون عملي مع روسي منذ ضمها للقرم في مارس. ولطمانة دول شرق اوروبا، اتخذت إجراءات خلال الربيع إذ تمت مضاعفة عدد المقاتلات التي تحلق فوق دول البلطيق كما نشرت سفنا في البحر الاسود وبحر البلطيق بالاضافة الى طائرات "اواكس" استطلاعية. كما تم تكثيف المناورات العسكرية في شرق اوروبا. ملفات عالمية وتبحث قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ملفات عالمية على رأسها قضايا تتعلق بأفغانستانوأوكرانيا والإرهاب. وقالت وزارة الخارجية البريطانية في تقرير: "تضطلع المملكة المتحدة بدور قيادي ورئيسي في حلف الناتو منذ 65 عاما، حيث تقوم بتوفير قوات لعمليات حلف الناتو في جميع أنحاء العالم، ويخدم أفراد من القوات البريطانية في أفغانستان وأماكن أخرى في مجالات متنوعة مثل مكافحة القرصنة". وأضافت، في التقرير الذي سينشره موقع "الخارجية البريطانية بالعربية" نهاية الأسبوع :"ستتيح القمة لقادة العالم المشاركين التأكيد على دور الناتو كقوة ردع، وكذلك معالجة القضايا التي تهدد الأمن القومي لدول الحلف من القرصنة إلى الهجمات الإلكترونية والإرهاب وتأمين الحدود ودعم الشركاء، وضمان أن جميع دول الناتو لديها المعدات والمهارات اللازمة لحماية أنفسهم فضلا عن الوفاء بالتزاماتها في حماية حلفاء الناتو الآخرين عند الحاجة لذلك". وقال آدم تومسون مندوب بريطانيا الدائم لدى الناتو: إن "القمة في غاية الأهمية لأن الناتو يقترب من إنهاء مهمته القتالية في أفغانستان، وهناك تساؤلات حول الوجهة الجديدة التي يمكن أن يتجه إليها التحالف، وأيضا أسئلة حول كيفية تعاطي الناتو مع التدخل الروسي في أوكرانيا ومناطق أخرى، وكذلك عدم الاستقرار في جنوب وشرق الناتو، والوضع الحالي في سورية والعراق وشمال أفريقيا والساحل". تقويض الجهود من جهته, قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، أمس الثلاثاء: إن سعي كييف لعضوية حلف شمال الاطلسي يهدف الى الاضرار بجهود انهاء الحرب في شرق أوكرانيا. وصرح لافروف بأن خطوة الاسبوع الماضي جاءت عقب اجتماع للزعماء الروس والاوكرانيين لنزع فتيل الأزمة. وقال لافروف في مؤتمر صحفي "حزب السلام كان يحاول ومازال يحاول دفع تسوية سياسية لكل المسائل الأساسية التي تواجه الاوكرانيين عبر التفاوض قدما وفي كييف حزب الحرب يتخذ خطوات تهدف بوضوح الى تقويض تلك الجهود." لا حل عسكريا من جهته, أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون امس ان "لا حل عسكريا" للازمة الاوكرانية، وذلك في معرض تحذيره الغربيين من مخاطر حصول تصعيد مسلح للنزاع في الوقت الذي يستعد فيه حلف شمال الاطلسي لتعزيز وجوده في شرق اوروبا. وقال الامين العام خلال زيارة الى نيوزيلندا ان "الاتحاد الاوروبي والاميركيين وغالبية الدول الغربية يبحثون جديا فيما بينهم في الطريق الواجب اتباعها" للتعامل مع التدخل الروسي في الأزمة الأوكرانية. واضاف "عليهم ان يعوا ان لا حل عسكريا. ان حوارا سياسيا من اجل التوصل لحل سياسي هو الطريق الاكثر امانا"، معربا عن اسفه "للوضع الفوضوي والخطر" وتداعياته "الاقليمية والعالمية". ويعقد رؤساء دول وحكومات الحلف ال28 يومي الخميس والجمعة قمة يتوقع ان يقروا خلالها خطة تحرك للرد على سلوك روسيا في الأزمة الاوكرانية والذي تنظر اليه الدول الاعضاء في الحلف المتاخمة لهذا البلد (دول البلطيق وبولندا ورومانيا وبلغاريا) على انه خطر يتهددها. مخاوف تاريخية يوقظ التحرك الروسي في اوكرانيا مخاوف تاريخية كبرى في منطقة البلطيق وصولا الى بولندا، عشية زيارة للرئيس الاميركي باراك اوباما الى استونيا. وفي تالين حيث يتوقف اوباما، غدا الاربعاء، في طريقه لحضور قمة للحلف الاطلسي في ويلز، تقول هيلين سيلدنا (35 عاما) منظمة مهرجانات موسيقية متحدثة لوكالة فرانس برس "انني قلقة للغاية، خصوصا وانه كلما بدا لنا ان الوضع لا يمكن ان يكون أسوأ، يعود ويزداد سوءا". ووجهت 150 شخصية من البلطيق بينهم الرئيسان السابقان الاستوني ارنولد روتيل والليتواني فيتوتاس لاندسبرجيس رسالة الى الرئيس الاميركي نشرت امس تدعوه الى "ضمان وجود دائم للقوات الحليفة" في بلادهم. وجاء في الرسالة ان "الامبريالية الجديدة التي تبديها روسيا لا يمكن سوى ان تبعث لدينا مخاوف من احتمال ان نكون الهدف لاحلامها التوسعية". وشدد الموقعون "نطلب منكم تأمين وجود دائم لقوات الدول الحليفة على اراضينا. ان امن اوروبا بكاملها وحريتها يتوقفان على ذلك". غير ان التعبير عن الخوف اكثر وضوحا وصراحة في الشارع، وقال اللاتفي جانيس جانسون (47 عاما) في سوق ريغا "بوتين نذل". وقال "اذا نجح في اوكرانيا، اراهنكم على انه سيأتي الى هنا. بالطبع، هناك فرق بالنسبة لدولة عضو في الحلف الاطلسي، لكن لولا الحلف الاطلسي، لكان هنا الان على الارجح". وما يزيد من حدة المخاوف وجود اقلية كبيرة ناطقة بالروسية مؤيدة عادة لموسكو وتمثل اكثر من ربع السكان في استونيا ولاتفيا البالغ عدد السكان فيهما 1,3 مليون نسمة ومليوني نسمة على التوالي. غير ان سلوك روسيا في اوكرانيا لا يلقى تأييد جميع الناطقين بالروسية. وتساءلت انا سلافينسكايا (52 عاما) التي كانت تنتظر في محطة ريغا وصول اصدقاء لها من موسكو "انا كنت من مؤيدي الرئيس (الروسي) فلاديمير بوتين. كنت اعتقد في بادئ الامر انه على حق في استعادة القرم، لكنني لم اعد افكر هكذا الان. اوكرانيا كانت بلدا صديقا وشقيقا لروسيا. هل ان الامر يستحق المجازفة بفقدان صديق من اجل قطعة ارض صغيرة؟" وابدى اين توم (75 عاما) عالم الرياضيات الاستوني المتقاعد عن مخاوفه ازاء "الدعاية السوداء" التي تقوم بها موسكو. وقال توم لوكالة فرانس برس: "يمكنني ان اذكر لكم مثلا روسيا من استونيا ذهب تحت تأثير الدعاية الروسية لنجدة اشقائه الاوكرانيين ضد +الطغمة الفاشية في كييف+ وبعد اسابيع، وبعدما عاين الوقائع على الارض، عاد الى منزله". وتجري تعبئة في ليتوانيا لمساعدة الاوكرانيين ويقوم فيتوتاس بودريكا (25 عاما) بادارة حملة على الشبكات الاجتماعية لجمع التبرعات. وقال "كنت مقتنعا قبل ست سنوات ان روسيا لا تشكل تهديدا. لكن بعد الاحداث في جورجيا عام 2008 والان في اوكرانيا، اعتقد ان روسيا تشكل تهديدا .. ألاحظ خوفاً شديداً هنا". وان كانت المخاوف اقل حدة في بولندا، لكن نقاط تشابه تاريخية تبقى ماثلة في اذهان الجميع. وقال الرئيس البولندي برونيسلاف كوموروفسكي ان "استخدام القوة المسلحة ضد الجيران، وضم اراضيهم، ومنعهم من اختيار سياستهم الدولية بحرية، هذا يذكر بشكل مخيف بالفصول السوداء من تاريخ اوروبا في القرن العشرين". وقالت المتقاعدة البولندية باربرا ريبيزكو-تارنوفيتشا "انني قلقة جدا حيال ما يجري بين روسياواوكرانيا. الحقيقة انني اتجنب الاستماع الى الاخبار لأنها تبعث في الخوف". ورات ساندرا كالنييتي وزيرة الخارجية اللاتفية السابقة والمفوضة الاوروبية سابقا انه "اذا لم نوقف روسيا الان، سوف تواصل اليوم وغدا " مشددة على ان الوجود الدائم للقوات الحليفة في دول البلطيق وبولندا "امر في غاية الاهمية، ليس لأمننا فحسب بل للامن الاوروبي".