اعتاد اليابانيون على الإدلاء بتصريحات وتوقعات جريئة قبل كل مونديال، والبرازيل 2014 لا تشذ عن هذه القاعدة. أعلن لاعب الوسط ونجم الفريق كيسوكي هوندا: «لا سبب يحول دون تتويج اليابان بلقب كأس العالم!»، والفرصة قد تكون متاحة على الأقل لبلوغ الدور الثاني مجددا بعد الوقوع في مجموعة ثالثة سهلة تضم كولومبيا، ساحل العاج واليونان، لكن بحال تخطي هذا الدور قد تصطدم بقوة عملاقة في الدور الثاني على غرار إيطاليا أو إنجلترا أو الأوروجواي. في نسخة جنوب إفريقيا 2010 الأخيرة، أعلن المدرب تاكيشي أوكادا آنذاك أن هدف بلاده بلوغ نصف النهائي برغم نتائجه المتواضعة في التحضيرات للحدث الكبير. وخلافا للتوقعات، تخطت اليابان خصميها الكاميرون والدنمارك، فتأهلت إلى الدور الثاني حيث خسرت أمام الباراجواي بركلات الترجيح، مهدرة فرصة التأهل إلى ربع النهائي. اللافت في مشوار اليابان المونديالي أنها استهلت مشاركاتها في وقت متأخر نسبيا في 1998، لكن منذ حينها أصبحت لاعبا قويا على الساحة يخشى منه اعتى المنتخبات، وسحبت هيمنتها القارية إلى وجود فاعل في المونديال. في 2002 بلغت على أرضها مع «المشعوذ» الفرنسي فيليب تروسييه الدور الثاني وفرضت أسلوبا هجوميا لافتا. وبرغم تفوق غريمتها وجارتها كوريا الجنوبية عليها ببلوغها نصف النهائي كأول منتخب آسيوي يحقق هذا الإنجاز، إلا أن تروسييه الذي خلق برنامج عمل هجوميا للفريق وضع «نيبون» على الخارطة الكروية العالمية. عجز البرازيلي زيكو عن متابعة الإنجازات برغم امتلاكه جيلا ذهبيا ضم هيديتوشي ناكاتا الذي اعتزل بعد خيبة 2006 في ألمانيا، قبل أن تكفّر اليابان عن ذنوبها في جنوب إفريقيا حيث تأهلت إلى الدور الإقصائي. أثارت خساراتها الثلاث في كأس القارات 2013 أمام البرازيلوإيطاليا والمكسيك، المخاوف، لكن في التصفيات الأخيرة المؤهلة إلى البرازيل 2014، ضرب اليابانيون بفارق 4 نقاط عن أستراليا في الدور النهائي برغم خسارتهم أمام الأردن، وذلك بعد بداية بطيئة شهدت خسارتهم أمام أوزبكستان وكوريا الشمالية في الدور الثالث. وبلغ اليابانيون النهائيات الخامسة لهم على التوالي بفضل لاعبين من طراز كيسوكي هوندا (ميلان الإيطالي)، شينجي كاجاوا (مانشستر يونايتد الإنجليزي)، يوتو ناجاتومو (إنتر ميلان الإيطالي) والهداف شينجي أوكازاكي (ماينتس الألماني)، إلى جانب لاعبين فرضوا أنفسهم على غرار ياسوهيتو أندو (جامبا أوساكا) واتسوتو أوتشيدا (شالكه الألماني). قد يعتمد المدرب الإيطالي إلبرتو زاكيروني مقاربة حذرة في مباراته الأولى ضد العاجيين ديديية دروجبا ويحيى توريه ورفاقهما في 14 يونيو في ريسيفي، علما بأنه انتظر كثيرا قبل ضم قائد دفاعه ماكوتو هاسيبي (نورمبرج الألماني) إلى تشكيلته جراء معاناته مع الإصابة. وعد زاكيروني أن أبطال آسيا في 1992 و2000 و2004 و2011 لن يخشوا أي فريق: «سنحترم كل خصومنا لكن بالتأكيد لن نخافهم. إذا دخلت أي مباراة وأنت خائف تكون في مشكلة. سنستعد ونقدم مستوياتنا فنحن نملك كثيرا من اللاعبين الهجوميين». وعن تشكيلة ال23 لاعبا التي عانى لاختيارها وينتظر تعافي هاسيبي والظهير الأيمن أوتشيدا، قال زاكيروني: «عانيت لتقليص العدد إلى 23. أردت الاتصال ب(رئيس فيفا) جوزيف بلاتر لسؤاله عن السماح لنا باختيار عدد أكبر. لكن هذه المجموعة من اللاعبين تدرك جيدا كيف أريدها أن تلعب من الناحية التكتيكية». وكان مفاجئا انتشال زاكيروني في تشكيلته المؤلفة من 23 لاعبا المهاجم يوشيتو أوكوبو (32 عاما) من ظلمته وإعادته إلى المنتخب الأول. يعول زاكيروني على لاعبي الوسط كيسوكي هوندا وشينجي كاجاوا، لكن الأخير، صاحب 54 مباراة دولية و17 هدفا، عرف موسما مضطربا مع فريقه حيث بقي احتياطيا في تشكيلة المدرب الأسكتلندي ديفيد مويز المُقال من منصبه قبل أن ينهي البرميير ليج في المركز السابع ويدور الحديث عن تركه الشياطين الحمر. لكن بطل ألمانيا سابقا مرتين مع بوروسيا دورتموند نادرا ما يخيب الآمال مع بلاده ويحظى بثقة كبيرة من مدربه زاكيروني، ولديه كثير ليثبته في المونديال. يتحدث كاجاوا (25 عاما) متألما عن تجربته الأخيرة بسبب عدم خوضه مونديال 2010: «لم ألعب قبل أربع سنوات. كان الجرح عميقا لكنه كان حافزا كي أقدم الأفضل في المونديال المقبل». يعتقد زاكيروني أن ثمار «قصة الحب» مع اليابان ستظهر في مونديال 2014 بعد أربع سنوات من النجاحات الآسيوية وبعض الانتقادات اللاذعة إثر هفوات الفريق الأزرق. أشرف الإيطالي على عدد كبير من الأندية الإيطالية أبرزها إنتر ميلان ويوفنتوس وميلان وأهم إنجازاته قيادة ميلان إلى لقب الدوري في 1999. زاكيروني (61 عاما) الذي ينتهي عقده بعد النهائيات يبدو مقتنعا من إمكانية بلوغ الدور الثاني: «أعتقد أن لاعبي اليابان قادرون في التفوق على من هم أقوى جسديا ومنتخبات أوروبية وأمريكية جنوبية مراوغة بفضل تقنياتهم». لكن زاكيروني لا يريد السقوط في اخطاء سلفه باطلاق توقعات عالية السقف: «يجب ان نتأكد من تكيفنا الجيد. لا أرغب بتقديم توقعات محددة… لكننا إيجابيون ولننتظر إلى أين يمكن أن نصل». قال زاكيروني يوما: «أعتبر نفسي نصف ياباني أنا أحب اليابان»، وكان ناجاتومو منفتحا تجاه مدربه: «لم يتعلم اليابانية، لكنه تعلم كيف يحب بلدي. فريقنا تطور كثيرا منذ وصوله». وفّى بوعده بأن يصبح مشجعا للثقافة اليابانية، فيحمل ابن عائلة من أصحاب الفنادق والمطاعم معه أنبوبا من الوسابي وهو أحد التوابل اليابانية المرافق لطعام السوشي. استهل زاكيروني مشواره الياباني بفوز مدوٍ على أرجنتين ليونيل ميسي، بعد أن خلف أوكادا، صاحب إنجاز بلوغ الدور الثاني لأول مرة خارج اليابان، فاعتبر البعض أن مستقبله أصبح وراءه فيما رحب آخرون بأول إيطالي يدرب في بلاد الشمس الشارقة: «عندما تنتهي مغامرتي أريد أن أترك ذكرى جيدة بأن ساموراي زاكيروني قدم مستويات جميلة».