قبل أمس عدت من الشارقة عاصمة الثقافة العربية والإسلامية، فقد لبيت دعوة دائرة الثقافة والإعلام بحكومة الشارقة ممثلة في بيت الشعر الذي استضاف الشعراء العرب في مهرجان الشعر العربي على مدى ستة أيام خلال الفترة من 10-5 يناير الحالي 2014م، فقد احتضنت الشارقة فعاليات مهرجان الشعراء العرب الذين وجهت لهم الدعوة لحضور حفل الافتتاح والمشاركة في الفعاليات في دورة المهرجان الثانية عشرة على مسرح قصر الثقافة تحت سماء الشارقة، كان حفل الافتتاح رائعا في فقراته، خاليا من التكلف بسيطا ومميزا بحضور الداعم الأول، راعي الحفل سمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الرجل الذي يحمل على عاتقة تطوير الشارقة كيانا وإنسانا. الحب الصادق في بيئة ما يخلق مجتمعا متوائما متجانسا متعاونا، وحب العمل، والإخلاص يخلق عملا متميزا ورائعا، تظهر فيه علامات الإبداع متجلية ومتميزة عن غيرها من الأعمال المتكلفة، ولهذا فإن العاملين على البرنامج المعد لمهرجان الشعر العربي أظهروا قدرة فائقة على تحمل المسؤولية بلا أوامر مرتجلة أو تعليمات آنية مباشرة، بل كل ذلك يتم وفق خطوات مرسومة، وجداول منظمة وخطط عمل مدروسة يتم تنفيذها بهدوء وإتقان وحب، وهذا ما يلمسه الضيف منذ أن يصل الشارقة قادما من مطار دبي حتى يعود إليه مغادرا إلى بلاده. ست ليال وسبعة أيام خصبة بالشعر الجميل، وقد تم توزيع الشعراء على تلك الليالي بطريقة ذكية وعادلة، مزجت بين الشعراء العرب وشاعراتهم فكانت الأمسيات خلطة شهية جلبت جمهورا كبيرا امتلأت بهم قاعة قصر الثقافة في الشارقة، فالقائمون على مهرجان الشعر العربي رتبوا ست أمسيات شعرية، لعدد من شعراء الوطن العربي الممتد من المحيط إلى الخليج، وجلسة نقدية واحدة للملتقى الفكري المصاحب للمهرجان، وذلك منتهى الإخلاص للشعر لإعطائه حقه في ملتقاه السنوي، ودرس مهم يقدمونه للقائمين على الملتقيات المماثلة الذين يكثفون الجلسات الفكرية والأكاديمية على حساب الشعر. كانت الجلسة الصباحية بعنوان: (القصيدة العمودية، شكل فني أم مرجعية ثقافية؟) من نصيب الدكتور سعد البازعي من السعودية الذي تحدثت ورقته عن العنوان الرئيس، والدكتور رائد عكاشة من الأردن الذي تحدث عن تغريب القصيدة العمودية، في ظل اعتذار الناقدين الآخرين لظروف أحدهما الصحية وظروف السفر التي حالت دون حضور الناقد الأخير. التغطية الإعلامية للفعاليات على قدر كبير من الأهمية، وقد كانت الصحف اليومية وعلى رأسها صحيفة الخليج تقوم بالمتابعة اليومية وتغطية الأمسيات الشعرية أولا بأول وكذلك اللقاءات مع الشعراء العرب لتوثيق الحراك الأدبي خلال أيام المهرجان، كما أن دائرة الثقافة ممثلة في بيت الشعر أصدروا كتيبا خاصا بهذه المناسبة احتوى على البرنامج والسير الذاتية للمشاركين، وخلال أيام المهرجان عكفوا على إصدار نشرة يومية رائعة على الرغم من أن العاملين عليها لا يتجاوز عددهم ثلاثة أفراد لكنهم بقلوب صادقة ينجزون عملا يفترض أن يكلف به عشرات من محررين ومصورين، ولكنها الهمم عندما تكون عالية يكون المنجز فخما. شيء مبهر ذلك الحراك الثقافي القائم على الاحترام المتبادل بين الأطراف الأدبية والإعلامية، وجدنا ذلك من خلال التغطية الإعلامية الجميلة المواكبة للأحداث اليومية للمهرجان من قبل عدد من الصحف اليومية والقنوات الثقافية التي تمت مراسلتها لتغطية الفعاليات. القناة الثقافية السعودية إحدى القنوات التي جاءت لتغطية المهرجان، ولكنها -مع الأسف- لم تكن بالصورة المطلوبة، ولم تكن تلك القناة المؤهلة التي تسير جنبا إلى جنب -على الأقل مع الركب- فقد تأخرت كثيرا عن مثيلاتها، وجاء حضورها باهتا، ولا أخفي امتعاض شاعر عكاظ عيسى جرابا من القناة الثقافية السعودية والمسؤولين عنها، ففي الوقت الذي تغطي فيه القنوات الإعلامية ما يخص بلدانها إلا أن القناة الثقافية لم تشر من قريب أو بعيد إلى مشاركة السعوديين في المهرجان، وهي مشاركة متميزة من حيث الكم والنوع، مقارنة بالمشاركات العربية الأخرى، وفي ختام المهرجان تذكرت القناة المشاركين السعوديين بعد الإيعاز لهم فأرسلوا مندوبهم لعمل لقاءات، ولكن…!! شكرا للدكتور صالح السحيباني الملحق الثقافي السعودي في الإمارات الذي شرفنا بالحضور فشعرنا معه بأهمية أن يكون لنا ملحق ثقافي مدرك لأبعاد المشاركات السعودية في الخارج، ومدى أهمية حضور الملحق ومشاركته لأبناء المملكة المشاركين في المحافل الثقافية العربية والأجنبية. شكرا بيت الشعر في الشارقة على هذا العطاء المتدفق والثراء الأدبي والمعرفي الذي تقدمه للأدب والثقافة العربية، شكرا محمد البريكي، شكرا أمين الشحات، شكرا همسة يونس، فقد كنتم شعلة نشاط أيام المهرجان، شعرنا معكم بالحب والإخاء بصفاء قلوبكم، وإخلاص نياتكم، وجمال أرواحكم، وتفانيكم لخدمة الأدب والأدباء، فلم يشعر أحدنا أنه ضيف بل أشعرتمونا دائما أننا أصحاب المكان.