بعد هدنة استمرت شهراً كاملاً منذ 22 تموز (يوليو) الماضي تاريخ تفجير سيارة مفخخة قرب شارع «مونو» في الأشرفية، استفاق مسلسل التفجيرات مجدداً ليل أمس الأول ليضرب هذه المرة في سوق الزلقا، في شرق بيروت. ومع أن حصيلة العبوة التي فجرت في سوق الزلقا التجاري، قرب احد الفنادق اقتصرت على خمسة جرحى، فإن ذلك لم يقلل خطورة عودة مسلسل الرعب الجوال الذي يتوزع تارة على موجة اغتيالات في بيروت، وطوراً على تفجيرات في أماكن سياحية وأسواق تجارية في مناطق موصوفة بلون طائفي معين، أي منطقة المتن تحديداً. والمفارقة في التفجير هي انه حصل بعد نحو ست ساعات من العثور على كمية ضخمة من المواد المتفجرة في قرية بستنين في قضاء زغرتا قدرت بنحو 1100 كيلوغرام من مادتي ال«تي.ان.تي، والنيتروغليسرين». ووقع انفجار الزلقا قرابة العاشرة من ليلة أمس الأول وسط السوق التجاري في مرآب يعود إلى مبنيين كبيرين، يضم الأول فندق «بروموناد» مع فرع لبنك «عودة» ومحلات تجارية. والثاني حيث يقع المرآب هو سنتر سان مارك التجاري. وخلف الانفجار اضراراً مادية كبيرة، وتحطم زجاج كل الأبنية المحيطة بمكان الانفجار الذي أدى إلى اصابة خمسة أشخاص بجروح طفيفة من جراء تناثر الزجاج المحطم عرف منهم ايلي كرياكو، وداني مغاس وعصام حوش. وضرب الجيش اللبناني طوقا محكما على مكان الانفجار وأوقف شخصين تردد انهما مكثا طويلاً في المكان فيما ترددت معلومات من أحد المواطنين كان اتصل برقم الطوارئ لقوى الأمن وأبلغ عن حركة مشبوهة في المكان وبدت العبوة شبيهة بالانفجارات التي حصلت سابقاً. وأفادت معلومات أمنية من الكشف الأول ان العبوة وضعت في المرآب وتزن نحو عشرين كيلوغراماً من مادة تي.ان.تي. وأوضح مدير الدفاع المدني العميد درويش حبيقة ان الانفجار نجم عن عبوة وضعت في المكان وليست في سيارة. ووفق ما تردد من روايات في مكان الانفجار فإن سيارة توقفت قبل حصول الانفجار بزهاء عشر دقائق على بعد حوالي 400 متر من المكان ونزل منها شبان ثلاثة يحمل احدهم حقيبة وتوجهوا صوب مرآب «سنتر موس» فيما بقي سائق السيارة فيها وظل محركها دائراً، وبعد أن عاد الشبان إليها من دون الحقيبة بدلت السيارة موقعها، لكنها ظلت في المنطقة إلى حين حصول الانفجار وغادرت بعد ذلك. وقد تم توقيف بعض الشبان في مكان الانفجار من دون ان تتضح الأسباب، إذا كان للاشتباه بهم أو للتلاسن بينهم وبين رجال الأمن. ولوحظ ان عدداً من السياح غادروا فندق «بروميناد» الذي لحقت به أضرار مادية فادحة. وأجرى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي جان فهد صباح أمس كشفا ثانياً على موقع الانفجار في الزلقا وأكد ان لا موقوفين ولا مشبوهين حتى الآن وانه استناب قائد سرية درك الجديدة العميد غسان بركات للاستماع إلى عدد من الشهود لجمع الأدلة وضبط الافادات لتكوين الملف القضائي لناحية الأقوال والمعلومات التي قد تكون أساسا لبدء التحقيقات القضائية لمعرفة الملابسات. وأشار إلى ان متفجرة الزلقا هي كمثيلاتها الخمس التي وقعت في سوق نيو جديدة وسد البوشرية وبرمانا والكسليك ومونو وهي تتراوح بين العشرين والثلاثين كيلوغراماً ويعتمد واضع العبوة على ساعة توقيت تسمح له بزرع العبوة والفرار قبل انفجارها، وان الخبراء العسكريين لا يزالون يقومون بالكشف عن المكان مع الأدلة الجنائية على أمل العثور على أية أدلة قد تساعد التحقيق.. كذلك عاين قاضي التحقيق العسكري رشيد مزهر مكان الانفجار واطلع على الأضرار الجسيمة التي لحقت بالممتلكات والتقى عدداً من الخبراء الذين قدروا زنة العبوة ب 25 كيلوغراماً من مادة ال تي.ان.تي على أن يصدر التقرير بالزنة النهائية اليوم. وسط استنابات قضائية إلى الأجهزة الأمنية بإجراء التحريات لكشف الفاعلين والمحرضين والمتداخلين بالجريمة. وسبق ذلك بساعات ان ضبطت قوة من قوى الأمن كمية من المتفجرات قدرها المعنيون ب 1100 كيلوغرام بينها نحو 350 كيلوغراماً من مادة «النيتروغليسرين» الشديد الانفجار. وتبين أنها قديمة العهد غير مفخخة، لكنها صالحة للاستعمال، كما ضبط الى جانبها معدات ولوازم خاصة بها كقنابل التفجير. وضبطت الكمية داخل مصنع مهجور للنسيج عند مفرق بلدة بستنين في قضاء زغرتا. وذكرت مصادر مقربة من الوزير السابق سليمان فرنجية ان المستودع الذي وجدت فيه المتفجرات كان سابقاً ملكاً لعمه روبير فرنجية وكانت تستخدمه العائلة منذ سنوات لأعمال التعهدات والكسارات، لكنه تم بيع المستودع لشخص يدعى سركيس البايع، إلا أن أعماله لم تنجح فوضع مصرف لبنان يده على العقار والمستودع منذ ثلاث سنوات، ولم نعد نعلم شيئاً عن العقار منذ أن باعه روبير فرنجية. وأكدت المصادر ان لا علاقة لتنظيم «المردة» بالمتفجرات أو العقار منذ أن تم بيعه، مستغربة كيف لم يشتبه أحد من الشارين أو مسؤول مصرف لبنان لوجود هذه الكمية من المتفجرات طوال هذه السنوات، وكيف ظهرت الآن؟! واعتبر رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة الذي غادر صباح أمس الى المملكة العربية السعودية، في بيان له أن جريمة التفجير التي حدثت في الزلقا ليست إلا استمرارا للمخطط الاجرامي الذي يستهدف ترويع اللبنانيين وانشغالهم وارعابهم والحؤول دون عودة لبنان الى حياته الطبيعية. وقال إن هذ العمل الجبان مدان أشد الادانة والدولة لن توفر جهداً لالقاء القبض على المجرمين الذين يقفون خلف هذه الأعمال البشعة التي تستهدف الاستقرار. وأضاف ان هذه الأعمال الاجرامية ستزيد اللبنانيين تمسكاً بوحدتهم واصرارهم على مجابهة كل محاولات الترهيب، كما أن الدولة ماضية في مسيرتها نحو اعادة بناء الأجهزة الأمنية للحؤول دون هذه الأعمال.