تزايدت تشعبات المؤامرة المحيطة باستقالة مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) ديفيد بترايوس امس وسط تقارير تفيد ان السيدة التي يعتقد انها كانت عشيقته وجهت رسائل الكترونية الى امرأة ثانية كانت تعتبرها تهديدا لعلاقتها معه. وظهرت هذه القضية بعدما بدأ مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي اي) يحقق في ما اذا تم الاطلاع على المعلومات الموجودة على الكمبيوتر الذي يستخدمه بترايوس المتزوج والاب لولدين، كما افادت صحيفة نيويورك تايمز ووسائل اعلام اخرى نقلا عن مسؤولين حكوميين. وذكرت شبكة التلفزيون "ان بي سي" ان مكتب التحقيقات الفدرالي يجري تحقيقات بشأن باولا برودويل التي يشتبه بانها حاولت الاطلاع على الرسائل الالكترونية لبترايوس التي تحوي معلومات سرية عندما كان على رأس التحالف الدولي في افغانستان. باولا برودويل وقال مسؤولون لم تكشف اسماؤهم لصحيفة نيويورك تايمز ان عشيقة بترايوس هي برودويل الضابط السابق في الجيش التي امضت فترات طويلة تجري مقابلات مع بترايوس قبل نشر كتابها. وبرودويل المتزوجة ايضا ولها ولدان لم تدل باي تعليق حول هذه القضية. ونقلت صحيفتا نيويورك تايمز وواشنطن بوست عن مسؤول مطلع على القضية السبت ان التحقيق اثير عبر رسائل بالبريد الالكتروني تتضمن "مضايقات" ارسلتها برودويل الى امرأة ثانية. والسيدة التي تلقت الرسائل الالكترونية اصيبت بخوف شديد كما كتبت صحيفة واشنطن بوست، وتوجهت الى مكتب التحقيقات الفدرالي لطلب الحماية والمساعدة في ملاحقة الجهة المرسلة. وبحسب واشنطن بوست فان المرأة الثانية لم تكن تعمل لدى السي آي ايه وعلاقتها مع بترايوس تبقى غير واضحة. لكن الرسائل الالكترونية تشير الى ان برودويل كانت ترى فيها تهديدا لعلاقتها ببترايوس كما كتبت الصحيفة. وفيما اشاد الرئيس الاميركي باراك اوباما ببترايوس عند اعلان استقالته، الا ان ذلك يزيد من المتاعب التي يواجهها في تشكيلة ادارته المقبلة التي يتوقع اساسا ان تخسر شخصيات بارزة تحظى بثقل كبير مثل وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون. ولم يكن اوباما على علم بان بترايوس على وشك الاستقالة حتى صباح الخميس ورفض قبول استقالته على الفور كما افادت صحيفة نيويورك تايمز. ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في الادارة قوله ان الرئيس "فوجىء وخاب امله كثيرا" مضيفا "لم يكن يتوقع سماع مثل تلك الانباء الخميس بعيد اعادة انتخابه". وقالت الصحيفة ان مسؤولي البيت الابيض ابلغوا بالقضية في وقت متاخر الاربعاء غداة الانتخابات الاميركية. وقال مسؤول كبير في الاستخبارات لصحيفة نيويورك تايمز ان مدير الاستخبارات الوطنية الاميركية جيمس كلابر علم بالوضع الخميس وابلغ بترايوس بان "الامر الصائب للقيام به هو الاستقالة". وفيما يبدأ اوباما ولاية ثانية سيكون عليه ان يجد بديلا ليس فقط لهيلاري كلينتون وانما لوزيري الدفاع ليون بانيتا والخزانة تيموثي غايتنر. وتدور تكهنات كثيرة حول من سيخلف كلينتون التي شددت على انها تريد الانصراف لحياتها الخاصة بعد عقود امضتها في العمل العام. وتضاف الى ذلك الان التكهنات حول من سيخلف بترايوس الذي يعتبر بطل حرب العراق. وسيتولى نائبه مايكل موريل منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية بالوكالة ويتوقع ان يحل محل بترايوس خلال جلسة استماع مقبلة في الكونغرس حول فشل السي آي ايه في حماية القنصلية الاميركية في ليبيا من الهجوم الذي وقع في 11 ايلول/سبتمبر وادى الى مقتل اربعة اميركيين بينهم السفير الاميركي كريس ستيفنز. ولخلافة بترايوس، طرح اسم جون برينان مستشار البيت الابيض لشؤون مكافحة الارهاب والمخضرم في السي آي ايه الذي لعب دورا اساسيا في اطلاق حرب الطائرات بدون طيار على ناشطي القاعدة. وبين الاسماء الاخرى كما ذكرت وول ستريت جورنال، مايكل فايكرز مساعد وزير الدفاع لشؤون الاستخبارات وعضو الكونغرس مايكل روجرز الذي يرأس لجنة مجلس النواب الدائمة حول الاستخبارات. وقال ستيفن واين الاستاذ في جامعة جورجتاون ان من يتولى هذا المنصب "يجب ان يكون شخصا يحظى بمصداقية كبرى وليس له سمعة بالميل الى حزب ما". واثار واين ايضا اسم السناتور الجمهوري السابق تشاك هاغل كمرشح محتمل لهذا المنصب لكنه توقع ان يبقى موريل بشكل دائم في هذا المنصب اذا كان اداؤه جيدا كمدير بالوكالة. وبترايوس هو اشهر ضابط في الجيش الاميركي ويعتبر مهندس الاستراتيجية الرابحة للولايات المتحدة في العراق. فقد اثبت هذا الجنرال جدارته على رأس قوات الائتلاف في العراق حيث وضع استراتيجية لمكافحة المتمردين ادت الى تحسن الوضع الامني واتاحت الشروع في سحب القوات الاميركية من هذا البلد وصولا الى سحب كامل القوات القتالية بحلول نهاية اب/اغسطس طبقا للجدول الذي اعلنه اوباما مطلع 2009. ثم طلب منه اوباما ان يقوم بتعزيزات مماثلة للقوات الاميركية في افغانستان في 2010. ومسيرته العسكرية تسببت له في بعض الاحيان بخلافات مع بعض لجان الكونغرس التي تشرف على عمل اجهزة الاستخبارات. ورغم ذلك وصفت صحيفة "السياسة الخارجية" (فورين بوليسي) سقوط بترايوس بانه "خسارة كبرى للولايات المتحدة". وكتبت "رحيل بترايوس يخلف مرارة. كلنا نرتكب اخطاء، وهناك امل هنا في عودته"