في ذكرى اليوم الوطني نحتاج - في ظل ما يشهده العالم من حولنا من تغيرات متسارعة - إلى العودة إلى الماضي القريب لنعرّف أبناءنا أين قادتنا خطانا منذ أن قاد الملك عبدالعزيز مسيرة توحيد هذا الوطن.. فننقل لهم: أحاديث الأجداد عن أسوار مدننا وقرانا الصغيرة التي كان الخوف من المجهول يخنقها فيغلقون أبوابها مع الغروب، يتناوب الأهالي على حراستها ليلاً بانتظار أن تشرق عليهم تباشير الصباح ليولدوا من جديد، وليستأنفوا حياتهم البسيطة قبل أن يسلمهم غروب الشمس لليلة خوف أخرى. نحتاج إلى أن نتذكر قوافل الراحلين إلى الدول المجاورة والبعيدة بحثا عن لقمة العيش وما ارتبط برحلاتهم من معاناة، وبعد وانقطاع صلة بأعز الناس إليهم، ولكنهم كانوا مضطرين بحثا عن لقمة العيش كما تضطر اليوم هذه العمالة الوافدة للبقاء بيننا لتنفق على أسرها. نحتاج إلى أن نقول لهم إن فرص العمل المتاحة التي أثرى منها كثير من الوافدين تحتاج لمن يتحمل صعوبة البداية ليكسب في النهاية.. نحتاج إلى أن نذكر شبابنا أن الذين يزايدون عليهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي اياً كانت توجهاتهم، ويشحنون مشاعرهم ضد استقرار بلدهم بإبراز السلبيات والتشكيك بالايجابيات، لو أتيحت لهم الفرصة لأحرقوا أعمار شبابنا في بؤر الصراع بحثا عن أوهام البطولة ولحولوهم إلى ميليشات، يشربون دماءهم ويقبضون ثمنهم، ولحرموهم نعمة الاستقرار التي يتفيأون ظلالها في هذا الوطن. كم نحن بحاجة إلى وقفة صادقة نخترق فيها عالم شبابنا، الذين يمثلون النسبة الكبرى في تركيبة المجتمع، فنستوعبهم ونحاورهم ونعترف لهم بجوانب القصور وأهمية معالجتها حتى لا يخطفون من بين أيدينا ويتحولون إلى دمى لا تحرك فيهم مناسباتنا الوطنية مشاعر المواطنة والعطاء والإبداع. لقد قام مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بجهد كبير، لكن الجهد الأكبر ننتظره من البيت والمدرسة والإعلام، فمازلنا نرى شبابنا غائبين عن رائحة عرق أجدادهم الذين مازال بعضهم بيننا بكل معاناة السنين التي سبقت توحيد المملكة التي تمثل دروسا لا تنسى، يمكن أن نتعلم منها الكثير. * وكيل وزارة الثقافة والإعلام لشئون الإذاعة