تتفاعل المفاجأة الأمنية السياسية المتمثلة بتوقيف «رجل سورية الأول في لبنان» الوزير السابق ميشال سماحة وخصوصاً بعد تسريبات عن تورطه بالإعداد لتفجيرات في عكار (شمال لبنان) وقت الإفطار وتستهدف معارضين للنظام السوري، وأنه نقل بسيارته من سورية عبوات تراوح أحجامها بين كيلوغرامين و20 كيلوغراماً، وقد كشف سائقه أن آخر مرة زار فيها سماحة سورية كانت يوم الإثنين الفائت. وأمس كشف وزير الداخلية والبلديات مروان شربل بأن «سماحة اعترف خلال التحقيق معه بضلوعه في مسألة أمنية معينة ولكن الأمر بقي سريا». مشيرا «الى أن الكلمة في هذه القضية متروكة للقضاء وان التحقيق سيرفع ليطلع عليها القاضي المختص في صدر قراره إما بإخلاء سماحة وإما بتوقيفه». وقالت مصادر قريبة من التحقيقات ل «الرياض» «إنه لو لم يتم اكتشاف هذه العملية الخطرة لكان لبنان قد دخل في دهاليز فتنة طائفية تبدأ شمالا ولا يعرف أحد مؤداها». وعلم أن الرئيس السوري بشار الأسد اتصل بالقيادات اللبنانية العليا طالبا إخلاء سبيل سماحة. وسجّل أمس اتصال من بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك (الطائفة التي ينتمي اليها سماحة) غريغوريوس الثالث لحام الذي يعيش في سورية برئيس الجمهورية ميشال سليمان بحث معه في توقيف سماحة، وما لبث أن صدر عن الديوان البطريركي بيان جاء فيه: «بعد سماعه خبر توقيف الوزير والنائب السابق ميشال سماحة، وعلمه بطريقة مداهمة بيته وكسر الباب في ساعة مبكرة، عبر البطريرك غريغوريوس الثالث عن استنكاره الشديد لطريقة التوقيف المسيئة إلى شخص الوزير سماحة، ولعدم احترام حرمة البيت وكرامة العائلة، والمسيئة أيضا إلى سمعة المؤسسة الأمنية التي تصرفت بطريقة غير حضارية لا تليق بسمعة لبنان واجواء الديموقراطية واحترام حقوق الانسان فيه». وأضاف البيان «إننا نحترم عمل المؤسسة الأمنية ونحترم القضاء، ولكننا نعترض على طريقة التوقيف ومداهمة بيته في الجوار وبيته الآخر في الأشرفية. ونحذر من تسييس القضاء وتسخيره لأجل خلق فتنة إضافية ومتعددة الجوانب دينيا وأمنيا وعلى الصعيدين اللبناني والسوري». وإذا كانت قوى المعارضة أي فريق 14 آذار تشعر بالارتياح الضمني لتوقيف أحد أبرز منتقديه ومهاجمي سياساته، فإن قوى 8 آذار تبدو تحت وقع الصدمة، ولم يصدر أي بيان رسمي من هذه القوى باستثناء ما سرّب نقلا عن رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد من أن الأمر «لا يعدو كونه فبركات أمنية»، وقد علمت «الرياض» أنه «كلام غير دقيق لم يتفوه به رعد». ويبدو أن حجم التهم الموجهة الى سماحة والتي قيل أنه اعترف بها ليس بمقدور الفريق السياسي الذي ينتمي اليه أن يتحملها، وخصوصا في ظل مخاوف نشأت لدى هذا الفريق من «فرضية ربط هذا الكشف الأمني الخطر بتفجيرات أخرى قد تصل الى ربط القضية بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان». من هنا ظلل الصمت قيادات الأكثرية وخصوصا «حزب الله»، في حين عبّرت أكثر من شخصية في هذه القوى عن عدم تصديقها بأن سماحة قادر على الضلوع بمخططات تفجيرية لمعارضين سوريين وأيضا للبطريرك الماروني بشارة الراعي الذي يعدّ لجولة في عكار ابتداء من 13 الجاري. علما بأن سماحة شكل في الأعوام الأخيرة صلة وصل رئيسية بين القيادات اللبنانية وخصوصا المسيحية منها والقيادة السورية، وهو يرتبط بصداقة شخصية مع الرئيس الأسد ومع المستشارة السياسية بثينة شعبان وكان مهندس الزيارة الأولى التي قام بها رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون الى سورية، وهو يحمل وسام الاستحقاق الفرنسي والجنسية الكندية.