يعتبر علي ذو الفقاري الضابط المتقاعد بالجيش الإيراني والمخلص للجمهورية الايرانية أن الإدلاء بصوته في الانتخابات البرلمانية التي تجري اليوم جزء من واجبه الثوري. وقال ذو الفقاري في اصفهان ثالث اكبر مدينة في ايران "ثورتنا مثل الشجرة... من خلال التصويت نرعى شجرة ثورتنا. انخفاض نسبة الإقبال هو حلم الغرب ويجب الا نسعد أعداءنا." وتشتهر اصفهان بنماذج العمارة الفارسية. لكن المدينة القديمة باتت مشهورة ايضا في عصرنا الحديث بمنشأة الأبحاث النووية الموجودة بها. واستغل زعماء ايران ضغوط الغرب بشأن برنامج البلاد النووي المثير للجدل لإذكاء الشعور الوطني وحشد الدعم من أجل مشاركة عالية في الانتخابات يتعشمون أن تتجاوز الستين في المئة. لكن نتيجة الانتخابات ستحسمها قضايا داخلية. ويواجه الرئيس محمود احمدي نجاد انتقادات من منافسين متشددين ومواطنين ايرانيين يقولون إنه لم ينفذ الوعود التي قدمها خلال حملته الانتخابية. ومن المتوقع أن يكون الاقتصاد العامل الرئيسي في أول انتخابات تجري منذ انتخابات عام 2009 التي فاز فيها أحمدي نجاد بفترة رئاسية ثانية وأعقبتها احتجاجات شعبية استمرت ثمانية اشهر. وتقول المعارضة إن الانتخابات زورت حتى يفوز احمدي نجاد وهو ما نفته السلطات. وقررت جماعات إصلاحية بارزة مقاطعة الانتخابات لتصبح المنافسة الرئيسية بين الفصائل المتناحرة الموالية لأحمدي نجاد وتلك الموالية للزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي. وسيعزز معسكر الزعيم الأعلى حالة من الإحباط بسبب تعامل الحكومة مع الاقتصاد. وفي الأشهر الثماني عشرة الماضية تزامن إلغاء دعم على الأغذية والوقود مع تراجع قيمة العملة الإيرانية مما أضر بشدة بجيوب الكثير من الأسر الإيرانية. ونتيجة لخفض الدعم ارتفعت أسعار الكهرباء والمياه والغاز الطبيعي المستخدم في المصانع وفي الطهي وتدفئة المنازل الى ثلاثة أمثال. ويشكو سكان اصفهان مثل سكان مدن ايرانية كثيرة من تدهور الأوضاع الاقتصادية. وقال هوشانج فيسي (34 عاما) وهو مدرس يعمل في وظيفة إضافية بمتجر للبقالة في غير أوقات عمله الرسمية "سأعطي صوتي لمن يساعدني على توفير الاحتياجات الاساسية لاطفالي. لا اهتم بالسياسة." حصل احمدي نجاد على دعم الإيرانيين من الطبقة العاملة في انتخابات عامي 2005 و2009 حين قدم نفسه في صورة "روبين هود الإسلامي" الذي يأخذ من الغني ليعطي الفقير. ووعد بإعادة توزيع ثروة البلاد النفطية ليستفيد منها الفقراء لا الأغنياء وحدهم. لكن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية بسبب البرنامج النووي تزيد الضغط على المواطنين الإيرانيين. في الشارع الرئيسي باصفهان لا تدل سوى لافتتين تحملان صورة خامنئي على اقتراب الانتخابات. وقال فارنوش (32 عاما) "حمى الحملة الانتخابية ليست مثل انتخابات عام 2009 . هناك لافتات قليلة تحمل شعارات الزعيم الأعلى وصوره." ويمثل المحافظون دينيا قاعدة دعم أساسية للثورة الايرانية وسيدلون بأصواتهم لصالح المرشحين الموالين لخامنئي. وقال رضا مير هادي (63 عاما) وهو بائع سجاد داخل سوق تقليدي في اصفهان "سأصوت لمرشحي الجبهة المتحدة (الموالين لخامنئي). أريد وضعا اقتصاديا افضل. تجارتي شبه ميتة." وأضر ارتفاع أسعار الغذاء والمرافق منذ خفض احمدي نجاد الدعم على الأغذية والطاقة عام 2010 بالإيرانيين من الطبقة العاملة. وقالت زهراء صدقي (41 عاما) وهي ام لاربعة ابناء "الزعيم هو السلطة الوحيدة التي تستطيع تخفيف معاناتنا الاقتصادية... سأصوت للموالين له. "زوجي موظف حكومي صغير بمرتب ثابت قدره 400 دولار. هذا المبلغ لا يكفي لتدبير احتياجاتنا الأساسية كل شهر." وتبلغ نسبة التضخم الرسمية في ايران نحو 21 في المئة لكن اقتصاديين وبعض النواب يقولون إن الرقم يقترب من 50 بالمئة. وارتفعت أسعار الخبز ومنتجات الألبان والأرز والخضروات ووقود الطهي في الأشهر القليلة الماضية كما أدت العقوبات الى انخفاض قيمة الريال الإيراني مما زاد من التضخم. وفي ظل هذه المخاوف ربما يعزف بعض سكان اصفهان عن الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات. وقال منصور الذي يملك متجرا للملابس ورفض الكشف عن المقطع الثاني من اسمه "لن أصوت هذه المرة. هناك ثلاثة مرشحين محافظين ينتخبون كل مرة. لم يفعلوا شيئا لتحسين مستوى معيشتنا."