للكلمة الصادقة ، النابعة من القلب ، والروح ، والأحاسيس سطوة عميقة في تأثيراتها، ولها فضاء ممتد تسافر عبره في هذا العالم الواسع إلى قلوب الناس ، فتحتل الوعي ، والفهم ، وتنتزع التفاعل، والتفكير، قبل أن تُقرأ ، أو تُسمع ككائن حي يتمظهر في اللغة ، ويتجسد مفردات تعبر عن هم ، وهاجس ، وقلق ، ومسؤولية ، واستشعار بقضايا الأمة ، والإنسان ، والتاريخ ، والجغرافيا ، والمستقبلات ، وقراءة الواقع المحبط في كثير من مضامين مفاهيمه ، وطرائق توجهاته ، واستشراف المستقبلات ، ووضع الأطر السليمة ، والعاقلة ، والواعية لمسالكها ، ودروبها . تنعتق الكلمة من كونها لغة ، ومفردات ، ووسيلة تواصل مع الناس ، وتتحول إلى حالة ساحرة في قدرتها على ممارسة التأثير في المتلقي ، عندما تكون في صدقها ، وعفويتها ، وتجلياتها ، تنبع من قلب مؤمن ، ونقي ، وسخي في الحب لكل ماهو انتماء للأرض ، والناس ، وامتدادات الأمة في فضائها الديموغرافي المبهج ، وما يكون له التأثير في عزتها ، وكرامتها ، وصياغة واقعها بشكل يؤهلها لفرض كلمتها ، ورأيها في مؤسسات المجتمع الأممي ، ومشاركتها الفاعلة في صناعة القرار العالمي . ونحن إذ نقرأ كلمات الملك الإصلاحي الصادق خادم الحرمين الشريفين في أي مناسبة من المناسبات ، نجد أننا أمام كلمة مسؤولة ، صادقة ، تنبع من الذات المحبة ، والمخلصة ، بحيث نلمس قدرتها على النفاذ إلى عمق الوجدان ، وخلايا التأثير ، لإن الصدق دافعها ، ولإنها تبتعد عن محاولات التأثير عبر" كاريزما " الإلقاء ، وموسقة المفردة ، وخداع الناس بالشعارات ، والوعود ، والتجويف اللغوي . وهذا ماجسده خطابه أمام المشاركين في أعمال المؤتمر العالمي الذي عقدته رابطة العالم الإسلامي ، إذ تفجّر الصدق نبعاً ثرياً ، وسخاءً مبهراً من قلب كبير مغسول بالنقاء ، والإخلاص لما ائتمنه الله عليه . ( ... ربكم معكم إن شاء الله ، نعم ، العالم الإسلامي عزيز إن شاء الله ، عزيز بالله ، عزيز بالله ثم بكم يا أبناءه ، أبناءه الخيرين لا المدمرين ، الآن فيه فئة من أبناء العالم الإسلامي ما ننكر أنهم من العالم الإسلامي ، ولكنهم يدمرون العالم الإسلامي بالتفرقة وبالأشياء التي لا تمت إلى العقيدة الإسلامية. الآن أنتم يا أبناء الإسلام ، أنتم مسؤولون ، أنتم مسؤولون أمام الله ثم أمام شعوبكم وأمام العالم. ولله الحمد الإسلام منتصر ، وأبشركم أنه في كل شهر يسلم ما بين أربعمائة وخمسمائة شخص والحمد لله، هذا مع ما فينا يالعالم الإسلامي من خراب ودمار مع الأسف من أبنائنا ، من أبنائنا ، من أبنائنا ، ولهذا انفوهم ، انفوهم ، وعليكم بالعقيدة ، عقيدة الإسلام الصحيح ، عقيدة المحبة ، عقيدة الوفاء ، عقيدة الإخلاص ، عقيدة الإيمان والعقيدة الإسلامية ، هذا هو الإسلام ، وأنتم يا أبناء الإسلام جميعاً تتحملون هذه المسؤولية ) . كلمات بسيطة لكنها صادقة في عمقها ، ودلالاتها ، واضحة لاتقبل التأويل ، أوالقراءة الانتقائية ، فالمسلمون اليوم يعانون أقسى المعاناة من فهم خاطئ لثوابت الإسلام عند البعض ، ومن الذين يسلكون دروباً إقصائية ، وتكفيرية تقود إلى الإرهاب ، وممارسة القتل ، والتدمير لكل منتج ، ومنجز حضاري تنموي ، حتى أصبح العرب والمسلمون في وضع المشتبه بهم في كل مكان من هذا العالم ، وهذا بفعل التطرف ، وهيمنة الفكر الذي لايستخدم الفهم ، والعقل ، والتدبر في ماهية الإسلام كدين تسامح ، وحوار ، ودعوة بالتي هي أحسن . ما أروع الكلمة عندما تكون صادقة .