بالرغم من الطبيعة الصحراوية للمملكة، إلا أن الدعم الحكومي ساهم بشكل مباشر في تقليل تكلفة إنتاج الحليب واللبن الطازج. وعلى عكس ما يعتقده البعض، يعد سعر لتر الحليب واللبن الطازج في السوق السعودية أقل منه في الدول المجاورة والدول الرائدة في صناعة الحليب ومشتقاته. فسعر لتر الحليب الطازج في السوق المحلية يصل إلى 4 ريالات، بينا يصل إلى 4,95 ريال في البحرين، و5,55 ريال في الكويت، و5,63 ريال في عُمان، 6,12 ريال في الإمارات، و6,63 ريال في قطر، و4,69 ريال في مصر، و6,06 ريال في الأردن، و6,75 ريال في فرنسا، و7,07 ريال في سويسرا، و7,13 ريال في كندا، و7,45 ريال في نيوزيلندا (الجدول رقم 1). يقدر إجمالي كميات الحليب ومشتقاته المستهلكة في السوق الخليجية بحوالي 1948 مليون لتر/كلجم، منها 1241 مليون لتر/كلجم (أو ما نسبته 63,7%) عبارة عن حليب ولبن طازج، وحليب بودرة، وحليب مصنع طويل الأجل. وتقدر حصة السوق السعودية في الحليب ومشتقاته بنسبة 59% من إجمالي السوق الخليجية، وحصتها في سوق الحليب والألبان الطازجة بنسبة 56,4% تقريباً. وتسيطر شركة "المراعي" على صناعة الحليب واللبن الطازج في الأسواق الخليجية، بينما تسيطر شركة نسلة على سوق حليب البودرة، وشركة حليب السعودية على سوق الحليب المصنع طويل الأجل. شركات الألبان في المملكة تصدّر ما نسبته 20% إلى 30% من الحليب واللبن (طازج وطويل الأجل) إلى الأسواق الخليجية، ونظراً للدعم الذي تقدمه الحكومة للأعلاف، فإن الجهات الرقابية في المملكة تلزم هذه الشركات باستيراد نفس النسبة من إجمالي كمية الأعلاف الجافة المستخدمة في عملية الإنتاج. ومؤخراً، قررت بعض شركات الألبان (المراعي والصافي) رفع سعر الحليب واللبن الطازج عبوة 2 لتر من 7 إلى 8 ريالات في السوق السعودية، أي بنسبة 14,28% وقد أثار هذا القرار حفيظة العديد من المستهلكين الذين ربطوا بين القرار وقدرة الشركات على تحقيق الأرباح في العام الماضي، واستدعى ذلك تدخل وزارة التجارة بمنع رفع السعر معللةً القرار بعدم وجود مبررات كافية لرفع السعر. وبعيداً عن العواطف والمزايدات، نريد أن نطمئن على مستقبل صناعة الألبان في المملكة، وأن الشركات قادرة على سد حاجة السوق المحلية والخليجية دون الإخلال بمستوى الجودة. ويقدر معدل نمو الطلب على الحليب ومشتقاته بنسبة 5% في السوق الخليجية، وهذا يتطلب ضخ المزيد من الاستثمارات تقدر بحوالي 280 مليون ريال سنوياً، وسيتعذر توفير مصادر تمويل لهذه الصناعة إذا انخفضت مستويات ربحيتها. مما قد يولد عجزاً حاداً في الكمية المعروضة من الحليب واللبن الطازج في كافة الأسواق الخليجية. لعلها لم تكن مصادفةً أن تقرر الشركات زيادة السعر بنفس نسبة اهتلاك رأس المال، حيث يقدر العمر الافتراضي لرأس المال المستخدم في إنتاج وتوزيع الحليب بحوالي 7 سنوات، أي أن معدل اهتلاك رأس المال يصل إلى 14,28%. وبالتالي فإن زيادة السعر عبوة 2 لتر سيمكنها من المحافظة على نفس مستوى الأرباح الحالي. هناك حقائق ثابتة على أرض الواقع لا تقبل التأويل، فقد عنونت مصلحة الزراعة الأمريكية تقريرها الأخير ب "لماذا عادت أسعار الأطعمة والسلع الأساسية للارتفاع مرة أخرى؟" وعللت ذلك بانخفاض معدل كمية المخزون إلى كمية الاستهلاك نتيجةً لقرار روسيا وقف تصدير الحبوب وسوء الأحوال الجوية (تجمد في المكسيك، وجفاف في الصين وشرق أفريقيا والأرجنتين، وبرد قاسي في أمريكا، وفيضانات في استراليا). وشهدت السوق الأمريكية ارتفاع أسعار كافة أنواع الحليب بنسبة 26,97% خلال الفترة من عام 2009م إلى 2010م. وهي نسبة قريبة من مؤشر السلع الأساسية في الأسواق العالمية الصادر عن صندوق النقد الدولي، حيث ارتفع المؤشر بنسبة 26,1% خلال نفس الفترة. وخلال النصف الأول من عام 2011م شهدت أسعار الحليب في الولاياتالمتحدة ارتفاعات مروعة، وبلغت نسبة الزيادة 57,9% خلال الفترة من يناير 2009م إلى يونية 2011م. وارتفعت سعر طن حليب البودرة في الأسواق العالمية من 2462,5 دولار في الأسبوع الأول من عام 2009م إلى 4412,5 دولار في الأسبوع الأول من شهر يولية الحالي، أي بنسبة 79,2%. [email protected] * مستشار اقتصادي