تظاهر الآلاف من مؤيدي الرئيس السوري بشار الاسد امس في دمشق في الوقت الذي يتعرض فيه نظامه لضغوط دولية متزايدة لكفه عن قمع التظاهرات المطالبة بالديموقراطية. واظهر التلفزيون السوري الاف المتظاهرين يسيرون رافعين "اكبر علم سوري" بطول 2300 متر وعرض 18 مترا، في حي المزة السكني الراقي غربي العاصمة. وتأتي هذه المظاهرة الداعمة للنظام في الوقت الذي يتصاعد التنديد الدولي بسبب الحملة المستمرة منذ ثلاثة اشهر على المتظاهرين ضد نظام الاسد، ومع تصاعد حصيلة القتلى ودفع الجيش السوري لدباباته باتجاه الشمال الشرقي المضطرب قرب الحدود مع العراق. وكانت تركيا، الحليف التقليدي لسوريا، قد جددت دعوتها لوقف الحملة على المحتجين ومن المقرر ان يجري رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الاربعاء محادثات مع مبعوث سوري. وفي تلك الاثناء طلبت نجمة هوليوود الاميركية انجيلينا جولي السماح لها بزيارة مخيمات اللاجئين في جنوب تركيا بعد فرار الالاف من السوريين اليها، حسبما قال مصدر دبلوماسي تركي. وفي تلك الاثناء صرح نشطاء حقوق الانسان السوريون ان قوات الامن تواصل ارسال تعزيزات الى القرى والبلدات القريبة من بلدة جسر الشغور بمحافظة ادلب، ما يجبر السكان على النزوح واللجوء الى تركيا القريبة. وقال رامي عبد الرحمن رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان ان "قوات عسكرية تتجه نحو معرة النعمان. وتأتي من مدينتي حلب وحماه". وقال شهود عيان ان قوات الامن تحول دون مغادرة السكان محافظة ادلب، واضافوا انهم يطلقون النار على من يحاول تفادي نقاط التفتيش العسكرية. وقد وصف المحتجون العملية التي يجريها الجيش السوري في مناطق الجبال الشمالية بأنها حملة "الارض المحروقة"، فيما قال جنود سوريون تركوا الخدمة العسكرية وفروا الى تركيا انهم اجبروا على اقتراف فظائع. وقال احد النشطاء لوكالة فرانس برس في نيقوسيا "قتل ستة مدنيين خلال ساعات في اريحا شرقي جسر الشغور"، دون ان يقدم المزيد من التفاصيل. وطبقا للمحصلة التي نشرها المرصد السوري لحقوق الانسان الثلاثاء فقد اسفر العنف عن مقتل 1297 مدنيا و340 من رجال الامن منذ اندلاعه في منتصف اذار/مارس. وتتهم واشنطنايران بدعم الهجمات على المحتجين المطالبين بالديموقراطية، مجددة مطالبتها للاسد بالتنحي ما لم يكن قادرا على القيام بعملية انتقال للديموقراطية. وقالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون "تدعم ايران الهجمات الوحشية التي يباشرها نظام الاسد على المحتجين السلميين وتدعم الاجراءات العسكرية التي ينفذها ضد المدن السورية". سوريون يحملون اطول علم لبلادهم في تظاهرة مؤيدة وقال جاي كارني المتحدث باسم البيت الابيض "لابد من اجراء عملية انتقال، واذا لم يقد الرئيس الاسد هذا الانتقال فعليه ان يتنحى". ومن المقرر ان يجري رئيس الوزراء التركي محادثات الاربعاء مع حسن التركماني مبعوث الاسد في انقرة لبحث التطورات في سوريا، حسبما قال مصدر بالحكومة التركية لفرانس برس. ويأتي هذا اللقاء بعد يوم من محادثة هاتفية اجراها اردوغان مع الاسد داعيا لنهاية العنف وتحديد جدول زمني للاصلاحات، بحسب وكالة انباء الاناضول. وتقليديا تمتع اردوغان بعلاقات طيبة مع الاسد غير ان رئيس الوزراء التركي وجه انتقادات متزايدة مؤخرا للقمع الذي يباشره النظام السوري متهما سوريا الاسبوع الماضي بارتكاب "فظاعة". وقد عبر آلاف السوريين الحدود الى تركيا خلال الايام الاخيرة فر الكثيرون منهم من عملية الجيش السوري في بلدة جسر الشغور التي تبعد نحو 40 كيلومترا عن الحدود التركية. ومن المقرر ان يتجه وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو الى اقليم هاتاي التركي لتفقد المنشآت التي نصبت لاستقبال اللاجئين والاطلاع على احوالهم، بحسب انباء الاناضول. كما سيجري داود اوغلو اليوم اجتماعا مع سفراء تركيا لدى العواصم العربية لبحث الازمة السورية وآثار الانتفاضات المطالبة بالديموقراطية في انحاء الشرق الاوسط وشمال افريقيا. وتقول الاممالمتحدة ان اكثر من عشرة آلاف سوري فروا الى البلدان المجاورة هربا من القمع. وقال مسؤول تركي الثلاثاء ان بلاده تستقبل الان اكثر من 8500 لاجئ سوري، وتقول ستيفاني بونكر المتحدثة بلسان الشؤون الانسانية بالاممالمتحدة ان لبنان يستقبل الان اكثر من خمسة آلاف لاجئ سوري. وقد طلبت نجمة هوليوود انجيلينا جولي زيارة مخيمات اللاجئين في تركيا بوصفها سفيرة للنوايا الحسنة للمفوضية العليا للامم المتحدة لشؤون اللاجئين، وهو الطلب الذي تدرسه الخارجية التركية. وناشدت منسقة جهود الاغاثة العاجلة للامم المتحدة فاليري ايموس مجددا سوريا السماح لفريق انساني من الاممالمتحدة لتقييم الوضع تقييما مناسبا. وردا على سؤال وجهته وكالة فرانس برس بالقرب من قرية غوفتشي التركية، قالت مسنة غاضبة "لا يوجد مياه ولا طعام، والاولاد يبكون طوال الوقت، الله يجازيه. سمم حتى مياهنا. ماذا فعلنا له؟" في اشارة الى الرئيس السوري. وافاد مسؤول اردني لوكالة فرانس برس أن السلطات السورية فتحت امس "جزئيا" حدودها باتجاه معبر الرمثا الاردني المغلق منذ نهاية نيسان/ابريل الماضي اثر العمليات العسكرية في درعا. وفي الاممالمتحدة تواجه القوى الاوروبية التي تسعى لحشد الدعم لمسودة قرار يدين القمع معارضة من جانب كل من روسيا والصين اللتين تملكان حق النقض (الفيتو) في مجلس الامن وتعارضان اتخاذ الاممالمتحدة فعلا بمواجهة الاسد. وتلقي سوريا بالمسؤولية في اعمال العنف على من تصفهم ب "العصابات الارهابية المسلحة" التي تقول انها تتلقى دعما خارجيا، وتقول ان الجيش السوري باشر عملياته في جسر الشغور بناء على طلب السكان المحليين وبعد وقوع مذبحة راح ضحيتها 120 شرطيا هناك.