منذ إنشاء الهيئة العامة للسياحة والتفاؤل يسود الجهات الرسمية والإعلامية بمستقبل سياحي لبلادنا الغالية وأنها ستكون مقصداً للسياح الذين ينتظرون تسهيل إجراءات دخولهم للإستمتاع بإمكانياتنا السياحية التي ستوفر فرصاً وظيفية ضخمة للمواطنين حددتها الاستراتيجية العامة لتنمية وتطوير قطاع السياحة بمليونين وثلاثمائة ألف وظيفة . ونظراً للمبالغة الواضحة فيها فقد كتبت مقالا بتاريخ الحادي عشر من جمادى الأولى عام 1426ه في الشقيقة ( اليمامة) أشرت فيه الى سعادتنا بهذه الوظائف التي ستستوعب جميع المواطنين القادرين على العمل وتبعد شبح البطالة سنوات طويلة إلا أن هذه الأرقام تعادل ثلاثة أضعاف موظفي الأجهزة الحكومية المتضخمة التي تعاني من بطالة مقنعة ولم تتحقق في فرنسا الدولة السياحية الأولى في العالم التي تستقبل سنويا أكثر من خمسة وسبعين مليون سائح ولا يعمل في مجالات السياحة فيها سوى سبعمائة وخمسة وثلاثين ألف شخص فكيف تتحقق في بلد لا يملك مقومات ومرافق سياحية حقيقية ولا يستقبل أي سائح حقيقي من خارجه ؟ وتأكيداً على مبالغة استراتيجية تنمية السياحة في أحلامها بتوفير الوظائف وعدم دقة أرقامها فقد مضى على إنشاء الهيئة أكثر من عشر سنوات حصل خلالها خمسون ألف مواطن على فرص وظيفية في مجال السياحة بمعدل خمسة آلاف وظيفة سنوياً وهو رقم يمكن تمريره وتصديقه ولكنه يعني أن الرقم الخيالي المستهدف في استراتيجية السياحة يحتاج لأربعمائة وستين عاماً لتحقيقه ؟ كما أننا نبالغ في التفاؤل بقدوم السياح الأجانب ونسعى لزيادة أرقامهم باعتبار الحجاج والمعتمرين سياح دينيين رغم انه لا يمكن اعتبار الحاج الأجنبي القادم لأداء ركن من أركان الإسلام سائحاً أو اعتبار الأجنبي القادم لأداء العمرة طلباً للأجر والمثوبة سائحاً جذبته إمكانياتنا السياحية وقد تم تعريف السياحة الوافدة في الموقع الرسمي للهيئة العامة للسياحة والآثار بأنها السياحة التي يقوم بها الوافدون من غير سكان المملكة داخل المملكة وفي القسم الخاص بالسياحة الوافدة تم نشر إحصائيات سنوية عن مجموع الزوار تضمنت بان عددهم بلغ عام 2004م أكثر من احد عشر مليون زائر منهم مليونا زائر من البحرين وخمسمائة ألف زائر من الهند وثلاثمائة ألف زائر من اندونيسيا وفي عام 2007م بلغ عدد الزوار ثلاثة عشر مليوناً وخمسمائة ألف زائر منهم ستمائة ألف زائر من الهند وستمائة وخمسون ألف زائر من باكستان ومن الواضح أن هذه الأرقام هي إحصائيات لجميع القادمين الى المملكة من السعوديين العائدين من إجازاتهم والأجانب القادمين للعمل والعمرة والحج فلا يمكن أن يزور المملكة مليونا سائح بحريني أو ستمائة وخمسون ألف سائح باكستاني في عام واحد أو في مائة عام إلا أن وجود هذه الإحصائيات في موقع هيئة السياحة وتحت عنوان السياحة الوافدة يوحي بأنها أعداد السياح الأجانب القادمين للمملكة . ومع احترامي للجهود الكبيرة المبذولة من قبل الهيئة لاستقطاب السياح من داخل المملكة وخارجها وتأكيدي على وجود عوائق رئيسية تحد من تحقيق أهدافها تتحمل غالبيتها جهات حكومية أخرى إلا أن الواقع يؤكد انها تبالغ كثيراً في توقعاتها بقدوم السياح الأجانب ، وتوفير فرص وظيفية للمواطنين. فهل تتكرم هيئة السياحة بإيضاح العدد الحقيقي للسياحة الوافدة إذا كان هناك سياحة وافدة؟ وعدد الوظائف التي تحققت للمواطنين من المليونين وثلاثمائة الف وظيفة التي وعدتنا بها؟