بدأ العمل في تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع حدائق الملك عبدالله العالمية بمدينة الرياض بعد شهرين تقريبا بعد اكتمال تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع الذي يعد أحد أهم المشروعات البيئية على مستوى العالم وإنجازا تاريخيا يضاف للمملكة في صناعة الحدائق لاحتوائه على نماذج متعددة من الحدائق العالمية القديمة والحديثة بتصاميم فريدة من بيئات مناخية متنوعة حول العالم. ويتمركز المشروع غرب مدينة الرياض بمحاذاة طريق الرياض - جدة السريع في أرض صحراوية قاسية المناخ يجري العمل على تطويعها من خلال توفير الامكانات من حيث التحكم بنسب الهواء والرطوبة والتربة لتلائم العديد من النباتات الاستوائية والشتوية والرطبة التي سيتم جلبها من جميع مناطق العالم لتضمها حدائق الملك عبدالله في وسط بيئي مماثل لبيئاتها الطبيعية. وتتغلب حدائق الملك عبدالله العالمية على مشكلة المياه عن طريق الاستفادة من إعادة معالجة المياه من جديد واستخدام الطاقات البديلة في مجال المياه والكهرباء والاستفادة من أقل كمية ممكنة من المياه السطحية. وتعيد حدائق الملك عبدالله في هذا المشروع الصورة التي كانت عليها النباتات في القرون القديمة في الجزيرة العربية لتقدم فكرة عن الحقب الزمنية التي مرت بها النباتات الطبيعية في بيئتها المحلية، وتنقل في الوقت ذاته رسالة تعريف عن البيئة التاريخية القديمة وتدرجاتها الزمنية التي مرت بها عبر متحف نباتي وحيواني يدمج التاريخ بالطبيعة، ويقدم لمحة تاريخية عن طبيعية المنطقة في الماضي السحيق. ويتيح المشروع البيئي الفرصة لاكتشاف وشرح التغييرات البيئية في العالم وشرح عملية التغيير المناخي والبيئي على كوكب الأرض واكتشاف العصور النباتية من العصر الديفوني مروراً بالعصور الطباشيرية وصولاً إلى العصر الحالي من خلال حدائق تعكس التغيرات المناخية في العالم، وتحكي مسيرة العالم النباتي والبيئي كحدائق الكربونيفيوس والجيروسية والطباشيرية والسينوزيكية والبليوسنية. ويرى منجزو تصميم حدائق الملك عبدالله الذي حاز على جائزة أفضل تصميم على مستوى الشرق الأوسط أن الحدائق بإمكانها الاستفادة من المصادر الطبيعية للطاقة كتلك التي توفرها الشمس والرياح بالإضافة إلى الاستفادة من الأمطار عن طريق التخزين والحفر. كما يعد المشروع الذي يقام على مساحة مليوني متر مربع وبتكلفة إجمالية تتجاوز ألف مليون ريال، أحد الإنجازات التاريخية في صناعة الحدائق ومن المشروعات العملاقة على المستويين المحلي والعالمي، الذي من المتوقع أن يتم الانتهاء منه كلياً خلال العامين القادمين بمشيئة الله. وتتشابه هذه الحديقة مع العديد من الحدائق في العالم مثل حديقة تشيلسيا ومعرض باندس جارتن شوا بألمانيا ومعرض فلوريدا في هولندا التي نجحت استثمارياً فهي بذلك تعد فرصة استثمارية واعدة. وتتكون حدائق الملك عبدالله العالمية من ست حدائق تشمل الحدائق النباتية وحديقة الوادي والحدائق العلمية والمائية والدولية والطبيعية. وتنقسم الحدائق الست إلى حدائق أصغر منها وتتفرع عنها كحدائق الطيور والفراشات والزواحف والزهور والضوء والصوت وحديقة للفيزياء والاكتشاف والمتاهة وحدائق خاصة بالأطفال ومتنزهات للعائلات والشباب ومرافق خدمية متكاملة من الأسواق والمسارح والجلسات والمقاهي والملاعب وغيرها، بالإضافة للعناصر التكميلية الأخرى كالساحات الرئيسية للاحتفالات والمناسبات ولإقامة المعارض والمهرجانات وأماكن الجلوس والتنزه ومبنى الإدارة والمشتل الزراعي والمساجد ومجمعات التكييف والكهرباء ومباني الأمن ومراكز التذاكر ومواقف للسيارات التي تتسع لأكثر من 50 ألف سيارة. وتحتوي على مواقع جلسات التنزه التي روعي فيها أن تكون مكانا مستهدفا للترفيه التفاعلي في كل أوقات اليوم والنزهة الليلية القصيرة على وجه الخصوص ساعد على ذلك موقع المشروع وتنظيم وترتيب المتنزه الذي يعكس عن قرب الثقافة السعودية حيث أُخِذ في الحسبان الأسر الكبيرة أو الصغيرة بالإضافة لمراعاة زوار الحديقة من الشباب، وتزويدهم بخدمات الطهي والاغتسال والتخلص من القمامة، ودورات المياه، بالإضافة للظلال الطبيعي والصناعي، كما قد أخذ في الحسبان المسافة بين المواقع وستكون (25) مترا على الأقل وهذا يؤمن الخصوصية للعائلات بمنطقة تفصل بين المواقع التي تم عملها من الحجارة والمواد المحلية. ومن المكونات التكميلية الأخرى ممشى الوادي وهو من الأجزاء الأكثر أهمية في المشروع حيث من المعروف أن التنزه من الأنشطة المفضلة في الرياض وخصوصاً النزهة في وقت المساء ويظهر ذلك بشكل جلي في فصل الربيع وفي شهر رمضان المبارك وعيد الفطر ومن أجل ذلك وفرت حدائق الملك عبدالله مواقع للتنزه والمشي التي تربط بين العناصر الأساسية للمشروع وعناصر أخرى مساعدة للتنقل بين البيئات المختلفة الصحراوية القاحلة والمعشبة والبيئات المحمية والحدائق الخارجية والمحيط الخارجي للمشروع؛ لذا فيوجد في الحدائق أماكن متعددة يمكن أداء الأنشطة المختلفة ومنها، الممشى الرئيسي وهو العنصر الأساسي تتكامل فيه الخدمات ويمر عبر معارض الحدائق النباتية ومناطق البيئة الجافة وحديقة الوادي، بالإضافة إلى ساحة التجمع والمدخل الرئيسي، وفيها يجتمع الزوار لتوجيههم وإرشادهم طرق المشاة المحورية، وتقود الزوار مباشرة من أماكن وقوف السيارات إلى المنتزهات ومنطقة المعارض، طرق المشاة الإشعاعية وترتبط بمناطق المشاة الملتوية وتتصل بالطرق المحلية ضمن الحدائق العلمية وحدائق المياه والحدائق العالمية بمظلات طبيعية باستخدام أشجار محلية، ممشى الوادي ويرتبط بحديقة الوادي إلى أبراج المشاهدة وهي بنهاية الحديقة النباتية المغطاة، ويحد ممشى الوادي من اتجاهاته الأربعة الحواف العليا من المرتفع الجبلي الرئيسي للمشروع، وسيتم تحجير الممشى بالحصى المفروش الناعم بعرض ثلاث أمتار على الأقل، ومقسم إلى مناطق جلوس من الصخور والنباتات الصحراوية ومسار الطريق سيتم توجيهه إلى أبراج المشاهدة الرئيسية عبر الوادي، حيث يصل الزائر إلى منحدر الوادي المحاط بمبنى الهلال الرئيسي متمتعاً برحلة على حافة الموقع. وكيل أمانة منطقة الرياض للخدمات الدكتور إبراهيم الدجين أوضح أن حدائق الملك عبدالله هي عبارة عن هدية من شعب لملك بمناسبة البيعة يوم أن تولى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مقاليد الحكم وقال "من هذه النقطة جاء التفكير في مشروع يضاهي حجم المناسبة، ويعكس ما توليه المملكة من اهتمام بارز للبيئة والمحافظة عليها بتحقيق مشروع - حلم - يلبي حاجات المجتمع الاقتصادية والصحية والتنموية والاجتماعية. وأبان أن فكرة إنشاء المشروع برزت على هذا النحو من الشمولية لتحقيق العديد من القيم البيئية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والاستثمارية وقد وفرت أمانة منطقة الرياض الأرض على مساحة ما يقرب من مليوني متر مربع على طريق جدة السريع وقد تم اختيار المكان وفق اعتبارات بيئية وهندسية منها ما يتميز به الموقع من سهولة الوصول للقادمين من الشرق إلى الغرب على طريق مكة أو من الشمال عن طريق الملك خالد أو اتصاله المباشر بالغرب والطريق الدائري الجنوب الغربي". وتوقع وكيل الأمانة للخدمات أن يتم البدء في المرحلة الثانية من مشروع حدائق الملك عبدالله بعد شهر رمضان من العام الجاري، مؤكداً أن مدة الانتهاء من المشروع كاملاً بحدود 30 شهراً. آليات تقوم بالعمل اليومي