لا أبالغ إن قلت ان التهاب الحلق واللوز هما أكثر الأمراض التي يكشف عليها ويشخصها ويعالجها طبيب الحنجرة وطبيب الأطفال والطبيب العام في عياداتهم.. بالنسبة للمرضى من صغار السن.. ولو عُملت دراسة (سرفي) وشملت أيضاً الصيدليات الخاصة.. لوجد أن العلاجات المصروفة (بوصفة طبية وبدون وصفة) هي لعلاج التهابات الحلق واللوز.. وصرف المضادات الحيوية وغيرها من أدوية بدون وصفة طبية أشبعت طرحاً ونقاشاً.. ووزارة الصحة تقول ان المضادات الحيوية لا تُصرف إلا بوصفة طبية.. واسألوا من التهبت حلوقهم من عامة الناس.. ماذا تذكرهم كلمة أو دواء أموكسيل.. كبسولات وشراب.. وكيف يحصلون عليه متى شاءوا من أي صيدلية خاصة.. إلا أن هذه قضية أخرى.. وأعود إلى عمل الأطباء.. فلو عملت دراسة في كل تخصص طبي وما يراه الطبيب والطبيبة في عياداتهم يومياً.. لبرزت بعض الأمراض أكثر من غيرها.. كأن نرى مرض السكر في عيادات الباطنية والغُدد.. والاكتئاب لدى الطبيب النفسي والتسوس عند طبيب الأسنان وهكذا.. ومن معلومات قديمة أقول ان التهاب الحلق واللوزتين لدى الصغار والكبار بصفة عامة ولتبسيط الأمر لدى القارئ العزيز.. ينقسم إلى نوعين.. التهاب بكتيري يجب فيه استعمال المضاد الحيوي.. بعد فحص الحنجرة وأخذ مسحة (سواب) من الحلق وإرسالها للمختبر لتحديد نوع البكتيريا ونوع المضاد الحيوي المناسب.. أو التهاب فيروسي لا يحتاج المريض لعلاجه إلى مضاد حيوي.. بل قد يضره.. والعلاج يكون للأعراض كتخفيف الألم وخفض الحرارة و(غرغرة بمويه وملح مع ليمون) ونحو ذلك إلى أن يأخذ الفيروس دورته في الجسم وينتهي.. كالكثير من الأمراض الفيروسية.. وفي احدى المرات شاهدت في العيادة طفلاً أخذ منه الإعياء والاجهاد كل مأخذ.. وبالكشف عليه وجدت لوزتاه ملتهبتان وتفرزان صديداً وقيحاً ودرجة حرارته قد تعدت الأربعين.. ما يستوجب علاج مكثف وتنويم في المستشفى.. وبعد أخذ مسحة من الحلق في العيادة وإرسالها للمختبر.. تم تنويم الطفل المريض في المستشفى.. واعطائه مضاداً حيوياً عن طريق الوريد.. وفي نفس اليوم قمت بزيارة الطفل بعد المغرب للاطمئنان عليه وتطمين أهله والحديث عن الحلق واللوز لا يكتمل إلا بذكر طريقة الجدات والأمهات في العلاج وهي طريقة (الترفيع) أحيكها مع ما شاهدته اثناء مروري على المريض بعد المغرب.. وهو وقت تصادف مع وقت زيارة المرضى.. فإلى سوانح قادمة بإذن الله.