يطرب الإنسان للفن كما تطرب الروح للمطر وترتوي منه، وهذا ملاحظ حول العالم وحيثما وجد الإنسان، الفن الجميل الذي ينبع من الروح وإلى الروح دون أن يكون للتهريج والتسطيح والسفاهة نصيب منه. وحين نتحدث عن المسرح مثلاً فإننا نعني تلك الخشبة التي تُحدث من بعءدُ أثراً، لا مجرد الصراخ والضحك والأدوار المتبادلة. نحتاج لأن نؤمن أولاً بقيمة الفن ورسالته في المجتمعات ومدى عمق وأصالة دور الفنان في مرسمه والقاص في مكتبه والممثل في مسرحه والشادي بقصائده وترانيمه، كل هؤلاء إنما يجمعهم الفن ويفرقهم فهمهم للفن أيضاً، فالمخرج الذي يرى في "مجرد"مشاركة المرأة انتصاراً وتقدماً هو بلا شك ناقص الوعي حول رسالة المسرح، وينسى هذا المخرج ركاكة النص ورداءة التمثيل وسطحية الأفكار التي لا تقود لأي (قيمة) ولا مضمون سوى الصخب والتهريج. نحن قومُ الجمال والفن؛ ونحن أولى الناس بالتحليق في هذا الجمال والمناخ الحرّ الأصيل دون استنساخ التجارب الأخرى أو حتى محاذاتها بتقليد غير الواثق من قدرة فنه وعمقه. إن خصوصية فننا تأتي من خصوصية فهمنا لرسالة الجمال والفن. نحتاج لذلك المسرح الذي يجيب عن التساؤلات التي تدور في ذهن الإنسان.. المسرح الذي يعبر عن واقع المجتمع ويعالج مشاكله.. المسرح الذي يحرص على تقدم البشرية ويعلم أنه بهذا أحد قادة التنمية والحضارة الشاملة التي ترسم المجتمعات وتخلد أثرها، حينها سيكون للمسرح رسالته الفنية المؤثرة؛ كما للكاتب والرسام والنحات والخطاط والمعماري والمصوّر. رسالتهم الواضحة في صنع الجمال وإيجاده.. لهؤلاء جميعاً "خطهم المميز والعميق" الذي يكون لأن "الله جميل يحب الجمال".. إذا تسامت فكرة الفنان، عبّر عنها بكل ما يملك من أدوات وحينها فقط.. سيبدع!.