أكد إمام وخطيب جامع الراجحي بالرياض أ. د. حمزة بن سليمان الطيار، أن بلادنا المباركة تتمتع بمزايا فريدة، ومناقب عديدة، جمعت فيها بين الدين والدنيا، وترقَّت فيها في المرقاة العليا، وقد جرت السنة الكونية بشراسة الحساد والأشرار على المنعم عليهم والأخيار، مؤكداً بأن الهجمة الشرسة التي تواجهها بلادنا المباركة في هذه الأيام نابعة من بغض دفين، وحقد كمين، غطَّت على بعضه مجاملات المتزلفين، وابتسامات المتملقين، لكن آن الآوان لافتضاح نفاقهم، وانكشاف أستارهم، فتولى كبر تطاولهم بعض الدول العدوانية، والمنظمات الإرهابية، والقنوات المرجفة، والمواقع المفسدة، وقد أجَّج وقود ذلك كله أفراد من شذاذ الآفاق، وخونة الأوطان الأباق، ولنا مع هذا الأمر بعض الوقفات: الوقفة الأولى: إن هذه الهجمة الشرسة قد تكاتف عليها من الناس أصناف، واندفع فيها أخلاط وألفاف، ممن تفرقهم الأديان والأهواء، والأعراق والمصالح والآراء، ونعقت فيها غربان بشرية لا تهمهم مصالح البشر، ولا ترق قلوبهم لمكروب بل هي أقسى من الحجر، وما عهدناهم يأبهون بأنَّات المكلومين، وما رأيناهم يتأثرون بدموع المفجوعين، وما اتفاق كلمتهم على التطاول على المملكة مع تباين أجناسهم، واختلاف دياناتهم إلا كاتفاق شياطين الإنس والجن مع اختلاف عالمهم قال تعالى: (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورا). الوقفة الثانية: إن تكالب الأعداء من أهل الملل والنحل على المملكة مأرز التوحيد، وموئل الديانة لا عجب فيه ولا غرابة، فإن مَن أبغض الإسلام لا يمكن أن يحب هذه البلاد التي هي حاملة لوائه، ومنبع صفائه، أما أهل جلدتنا فأهل الوفاء منهم يحفظون عهودنا، ويقفون معنا، ولم يكشر لنا عن أنياب العداء إلا حقود أحرقته حرارة ضغينة صدره، وأرهق ظهره ثقل غدره، وجفاء مثل هذا لا يغض من مكانة هذا البلد العظيم، ولا يقدح في فضله العميم، وأقول من القريحة للجميع بلا استثناء على لسان كل سعودي حر: هذي السعوديّةُ العُظمى لها رُتَبٌ :: فوقَ السِّماكيْنِ لا تُرْقَى مَرَاقيها أنَّى يُرَهِّبُها أعيارُ جَعْجَعَةٍ :: هاماتُهمْ لا تُساوي نعلَ والِيها طودٌ أشمُّ الذُّرَى ما إن يُوَهِّنُهُ :: نَطحُ التُّيوسِ ولا صيحاتُ راعِيها أما الوقفة الثالثة: فهي واجب الناس تجاه هذه الهجمة، فمما يجبُ الالتزامُ به في هذه المرحلةِ: الاعتصامُ بحبلِ اللهِ المتينِ، الذي من تمسَّكَ به لم تتلاعبْ به الأهواءُ ذاتَ الشمال وذاتَ اليمين،ِ وتقويةُ اللُّحمةِ الوطنيةِ، والتمسكُ بعروتِها الوثقى، وعدمُ الميلِ عن طريقتِها المثلى، والابتعادُ عما يسبِّبُ افتراقَ الكلمةِ، وانحلالَ عُقدةِ الألفةِ، امتثالًا لقولِ الله تبارك وتعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ). وائتماراً بقول نبيه صلى الله عليه وسلم (عَلَيْكُمْ بِالجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الجَنَّةِ فَلْيَلْزَمُ الجَمَاعَةَ) أخرجه الترمذي وغيره من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وصححه الألباني. فواجبنا في هذه الفترة، وفي كل فترة الالتفاف حول قيادتنا، وطاعة ولاتنا وحكامنا، والاهتداء بهدي علمائنا، والدفاع عن وطننا السامي، ومكتسباته الغالية، كل بحسب قدرته وطاقته، وبحسب تخصصه ومؤهلاته، وأن لا نغتر بأصوات المغرضين، وحملات المفسدين، وأن نحمد الله على ما حبانا من النعم، ونشكره على ما صرف عنا من النقم، وليقل كل سعودي أصيل منا بلسان الحال: أنا السعوديُّ مُعتزٌّ بمملكتي :: أذودُ عنها وأرمي من يُعاديها ولن أُسَاومَ في حُبِّي لها أحداً :: إنيِّ بنفسي وما أُوتيتُ فاديها والوقفة الرابعة: للذين ينكرون على الغيورين حبهم لوطنهم، وثناءَهم على ولاة أمرهم هم في الحقيقة لم يستشعروا عزة الانتماء للوطن، ولم يتذوقوا حلاوة التمسك بغرز الجماعة فهم في هذا المعنى كالمولود الذي فتح عينيه على الدنيا بلا أب ولا أسرة، فلم يتذوَّق حلاوة الأب، ولم يستشعر الانتماء للأسرة وكما قيل: فاقد الشيء لا يعطيه. وأخيراً وليس آخرا: هذه بلادنا، هذا وطننا، هذي مملكتنا، وليست باللقمة السائغة، ولا الغنيمة الباردة، بل دونها الموت الأحمر، ونحن حماتها بعد الله، يقول خادمها مخاطباً لها ومطمئناً: يا دولةَ العدلِ دومي الدهرَ شامخةً :: تناطحُ السُّحبَ من عَلْيَاكِ أعلامُ يا دارَ عِزٍّ أقمنا في مظلَّتِها :: هل أنتِ إلاَّ كراماتٌ وإنعامُ فلا تَخَافي بإذن الله مُعضِلةً :: إنَّا حماةٌ لأجلِ الذبِّ قُوَّامُ إن يرمِكِ الخصمُ أنفذنا مَقَاتِلَهُ :: أو قال قُلْنا وفي الأيمانِ أقلامُ هل ظنَّ شانِئُكِ الأفَّاكُ من سَفَهٍ :: أنَّا عن الذَّوْدِ عن علياكِ نُوَّامُ مَن مدَّ كفَّ الأذى نقطعْ أناملَهُ :: ومن يُسالمْ فإعزارٌ وإكرامُ كم طار في جوِّكِ المحروسِ مُرتقباً :: صقرٌ وكم ذبَّ في الأقطارِ ضِرغامُ. Your browser does not support the video tag.