نفى عضو هيئة التدريس في جامعة أم القرى الدكتور عبدالعزيز الحربي جملة من الادعاءات التي باتت في قاموس المجتمع من المسلمات، فيما يتعلق بقضايا تلبس الجن بالإنس وزواجهم ببعض، وقضية أذية الجن للإنس وغير ذلك من المسائل. وبين في حوار ل«عكاظ» أن معظم الأقاويل المتداولة عن هذه القضية مستندة إلى أحاديث ضعيفة أو أساطير وخرافات روجها السحرة والدجالون والمشعوذن، بحثا عن الربح وجلب الزبائن. وأوضح الدكتور عبدالعزيز أنه ليس في القرآن نص واحد يؤكد تلبس الجن للإنس، مشيرا إلى أن المس ليس بسبب الجن ولكنه يأتي بسبب مرض نفسي أو عضوي. ولفت الحربي إلى أن بعض الرقاة ضعاف النفوس استغلوا بعض هذه الأقاويل وجهل الناس بمصدرها بحثا عن كسب الأموال. وصنف الحربي الراقين في المجتمع إلى عدة أقسام، واستند الحربي في تفنيد كثير من هذه الادعاءات المتداولة إلى الكتاب والسنة. ورفض الحربي من يزعم زواج الإنس بالجن مشددا على أنها دسيسة ألقاها الزنادقة طعنا في تعاليم الإسلام وعلمائهم لتلويث الأعراض. وأكد الحربي أن الرقاة الذين يدعون إخراج الجن وحرقهم بالآيات كاذبون مرتزقة، جاء ذلك في الحوار فإلى التفاصيل: • ماتعليقكم على من يقول بتلبس الشيطان للإنس وتحكمه فيه والتحدث على لسانه ونحو ذلك مما تناقله الناس في الآونة الأخيرة؟ الشيطان من الجن، والجن خلق مكلفون، لا نعلم عن حقيقتهم شيئا إلا ما أخبرنا الله به، وقد أخبرنا عن وظيفة الشيطان وعلاقته ببني آدم بفتنتهم وإغوائهم بتزيين الأعمال، والوسوسة في صدور الناس، وأنهم يروننا ولا نراهم، فإذا كان من سلطان الشيطان أن يسلب عقل الإنسان كيف يشاء وحين يشاء فهو سلطان آخر من كائد قوي، والله يقول: (إن كيد الشيطان كان ضعيفا)، ولم يكن ضعيفا إلا لأنه منحصر في الوسوسة، ولهذا لا يؤثر في أقوياء العزم والإيمان، فإذا وافق كيده الضعيف ضعفا في الإنسان أغواه، فإذا تمادى معه صار من أوليائه، ولهذا قال الله عنه: (إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا). وليس في القرآن ولا في السنة أنه يتلبس به، كما ورد في السؤال، ولا أنه يتحكم به، ولا أنه يتحدث على لسانه، كل هذا من أوهام الناس وظنونهم، ولهم في مسألة التحدث على لسانه أساطير يحكونها على أنها مسلمات، ويعجبون من التشكيك فيها، وزعم بعضهم أن الجني يسمع صوته من بطن المريض، أو من صدره، وهذا كذب واضح لا يقره حتى المحترفون لهذا الأمر، ولا المشعوذون والسحرة، بل يقولون: يتكلم على لسان المريض، ولا تصدق أيضا أنه يتكلم بصوت آخر، أو بصوت امرأة، والمريض رجل، هذا كذب، ولا يستطيع أحد أن يثبته، وتغير الصوت إلى الخشونة والرقة لعرض أو مرض، أو انفتاح الأوردة أو ضيق الأحبال الصوتية موجود في المجانين وغيرهم، وبعض المختصين في الرقية كالشيخ العمري لم يقولوا هذا بل أكد بعضهم أن ما يسمى بالمس ليس بسبب الجن بل سببه إما مرض نفسي أو عضوي، وأقلع عن هذا الأمر، فلم يصدقه بعض الناس، وقالوا: هذا بسبب تهديد الجن له، أخذوا عليه تعهدا ألا يعالج مرة أخرى، وأن يبرئهم من تهمة صرعهم لبني آدم. • لكن ورد عن الإمام أحمد أنه يتكلم على لسانه؟ نعم، روي عنه ذلك، ومثل هذا لا يعترض به على من يقول لك: لم يرد في الكتاب ولا في السنة، ولم يقل الإمام أحمد: الكلام بصوت الجني، وليس بمستبعد عقلا أن يتكلم المريض بما يوحي به الشيطان ويوسوس به، ولا أن يزيده رهقا من خلال علته ويهيجها، ويجوز حينئذ أن يقال: هو يتكلم على لسانه وهو يتخبطه، هذا إن صح كلامه، رحمه الله، في ذاته، أو ثبت عنه. وسوسة وقصص • ما تفسيركم للآيات التي يحتج بها الكثير ممن يقول بذلك، ومنها قوله تعالى: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس)؟ تقول: آيات، ليس هناك آيات، بل هذه هي الآية الوحيدة التي يستدل بها مثبتو التلبس، أما ما عداها من الآيات فالمنصفون لا يجعلون لها علاقة بما يسمى ب(التلبس)، وللعلماء في تفسيرها أقوال، منها ما قاله الزمخشري: إنه وارد على ما كان مركوزا في أذهان العرب ولا حقيقة له. ولا أرى هذا التأويل، بل الآية على ظاهرها فإن الشيطان يؤذي المريض بالوسوسة، فيتخبط في فكره ورأيه، كما يفعل بأصحاب الوسواس القهري، حتى يتصرف تصرفات تشبه فعل المجانين أنفسهم، وقد قال الله في إخباره عن أيوب (إني مسني الشيطان بنصب وعذاب) ولم يقل أحد من المفسرين ولا غيرهم: إن أيوب تلبس به الشيطان وصرعه، وقال سبحانه: (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا) وكل شر وقبيح ينسب إلى الشيطان، وانظر كيف قال: يتخبطه الشيطان، ولم يقل: الجن، وهم يقولون الجن، ويقولون: قد يكون الجني المتلبس بالإنسي من الصالحين، وما دخل فيه وسلبه عقله إلا عقوبة له على معصية بعينها، كسماعه للأغاني. • إذن ما هو مستند من يصحح تلك الأمور والكثير من الحكايات التي راجت في أوساط بعض الرقاة والناس، ككراهية الجان لشعر الذئب والسكين ونحو ذلك من أن بعض الجان تلبس بعض الإنس بسبب صبهم للماء الحار فجأة عليهم، أو أن بعض الأنس تسبب في قتل بعض أقارب ذلك الجان ونحو ذلك؟ هؤلاء الذين يعالجون على أصناف منهم الصالحون، ومنهم دون ذلك، فمنهم من يريد المال ويجد في ذلك تجارة سهلة، بلا كلفة، ولا محل، لا يحتاج إلى شهادة، ولا رأسمال، ولا تصريح، ولا عمال، ولا مساعدين، الشهادة هي إظهار التدين، والمحل هو المنزل، وقد يطلب إلى منزل المريض معززا مكرما، ورأس المال آيات يقرأها، وأعمال وحركات، والتصريح هو إظهار ادعاء نفع الناس، والعمال المساعدون هم أهل المريض، وعليهم أن يأتوا بالزيت وماء زمزم والعسل والحبة السوداء أو زيتها، أو يشتروها من عنده؛ لأنها أصلية لا غش فيها، وإن غلا ثمنها، والحذاق من هؤلاء المعالجين لا يشترط مالا، ويقول: أنا لا أشترط وهاتوا ما تيسر، وقد يكون ما تيسر عشرة آلاف أو أكثر. وفيهم صنف آخر نصب شبكة أخرى مع شبكة اصطياد المال، وهي التعرض لمحارم الناس. وأما الصالحون ففيهم من مسته غفلة الصالحين، وفيهم المجتهدون المتأولون، وأما الحكايات التي تشير إليها فعندي منها عشرات الحكايات، أكثرها غير صحيح، وما صح منها لم يفهم على الوجه الصحيح، والناس مولعون بغرائب الأخبار، واختراعها والزيادة عليها، لاسيما في الأمور المجهولة أو ما يخاف منه، وللنساء من ذلك نصيب وافر. وأما الماء الحار الذي يقولون فأنا مستعد أن أصبه في أي مكان تحدده، وهذه الخرافة مأخوذة من كتب السحر والشعوذة، وكذلك التحاور المزعوم والمساءلة التي تكون بين الراقي والمريض، وقول الجني له في زعمهم: من أين يخرج يا سيدي؟ فيقول له الشيخ: اخرج من أصبع رجله اليسرى. وهم يستدلون بحديث: «أخرج عدو الله» وهذا الحديث حجة عليهم، لا لهم، فليس فيه هذا التحاور، ولا القراءة، ولا مخاطبته من أين يخرج، ولا كلام للجني، ولا شيء من ذلك. ظاهرة الرقية • بماذا تسمي تلك الأعداد الكثيرة التي تطلب الرقية من التلبس؟ هؤلاء الناس أحوالهم مختلفة: فمنهم من به مرض عضوي في باطن المخ ملازم، ومنهم من عرف بعد الكشف الطبي أن لديه زيادة كهرباء في المخ، ولهذا تأتيه نوبات في بعض الأحيان ثم تذهب، والصرع من هذا الباب، ومنهم من أصيب في صغره بحمى، كالحمى الشوكية، وتركت أثرا يهيج عليه في بعض الأوقات، وكان لنا زميل مصاب بذلك، وحصلت له معي قصة عجيبة وأنا أصلي بالناس إماما في صلاة الفجر، وكان إذا اعترته تلك النوبة تعرض له قوة في جسده لا عهد له بمثلها، ومن الأبناء والبنات من يفتعلون ذلك لاستعطاف آبائهم وأمهاتهم، لما يلقونه من الحرمان، أو الأذى، ومن النساء من تفعل ذلك مع زوجها للسبب السابق ذاته، أو لقهر زوجها الذي يؤذيها بغيرته الزائدة، واعترف لي بعض المعالجين أنه أتت إليه امرأة تظاهرت بالجنون، واعترفت له بعد ذلك بأنها فعلت ذلك للخلاص من زوجها؛ لأنها لا تحبه، ومنهم ابتلي بداء العشق، وولد له وسواسا وسهرا،ويقول قدماء الأطباء: قد تهيج إحدى الطبائع الأربع، وهي المرة السوداء، فتولد أبخرة يهيج على إثرها الدماغ، ومنهم من ترقى في درجات الوسواس إلى درجة تلحق بالمجانين، وهو نادر، ومنهم من يعرض له ذلك من كثرة الخوف والتوهم، وقد زاد المجانين عندنا في هذه الأيام لكثرة التحذير والمبالغات وتخويف الناس، ولكثرة شيوخ الرقى. وهذه الأسباب أدركتها من خلال بحثي في الواقع، ومن خلال قراءتي وتحليلي. ولا شك أن للشيطان أثرا في بعض ذلك، فهو الوسواس الخناس، وهو يأتي إلى الإنسان من جانبه الأضعف؛ لأن سلطانه هو الوسوسة، وهذا هو كيده وهو ضعيف، والضعيف لا يؤثر إلا في الضعيف، وذلك هو المس والتخبط، والمقصود: أن على هؤلاء المعالجين هداهم الله إلى الحق والعمل به أن يراعوا هذه الأمور، ويبحثوا عن الأسباب، فإنه إذا عرف السبب بطل العجب. نكاح الجن الإنس • هل ترى صحة نكاح الجن الإنس والعكس؟ هذه المسألة يشتبه أن تكون دسيسة ألقاها بعض الزنادقة المبطلين في آذان بعض الجاهلين، للطعن في الإسلام وفي علماء الإسلام، ولتلويث الأعراض، لتقول المرأة إذا زنت برجل من الإنس: اغتصبني جني، هل يقبل أحد من العقلاء ذلك إذا ادعته إحدى محارمه؟ إن سنن الله هي سننه (ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا) ونحمد الله أن هذه المسألة ليست كسابقتها شيوعا واعتقادا، سبحانه الله! كيف يسلم المرء عقله لكل شيء؟ • لكن ألا يمكن أن تتمثل الجنية في صورة امرأة من الإنس فيقع الزواج؟ لا يمكن ذلك، لا في العادة ولا في الشرع، والذين يقولون بإمكان التمثل وتحول الجني إلى صورة إنسي يقولون: لا يستطيع البقاء على صورة بني آدم إلا مدة يسيرة جدا، وما ورد من وقوع شيء من ذلك في أيام النبي فهو معجزة للنبي على يد صحابي، ولا غرابة في ذلك، كشيطان أبي هريرة. ولم يثبت على مدى التاريخ الإسلامي إلا في الأساطير وأحاديث العجائز وحكايات ألف ليلة وليلة، ولم يثبت أن إنسانا كان يعيش بين الناس ثم اتضح أنه جني، ولم نسمع في عصرنا هذا أن إنسانا كان يعرف على صورته الإنسية ثم فقد بعد ذلك ولم يعرف له أثر، إذن لتبدلت السنن وفسدت الأرض واختلجت الأمور وضاع الأمن، واهتزت ثقة الناس بالناس، إذ لا يدرى الجني من الإنسي. أحاديث الإيذاء • ورد الكثير من الأحاديث الدالة على إيذاء الشيطان للإنس في الكثير من شؤون الحياة فما تفسيركم لتلك الأحاديث، ألا تؤخذ منها صحة التلبس؟ ليست كثيرة، وهي تنقسم إلى قسمين الأول: أحاديث صحيحة، ولكن لا علاقة لها بالموضوع، أو ليست صريحة، كحديث المرأة التي جاءت إلى النبي وقالت: إني أصرع، فقال لها: «إن شئت صبرت، وإن شئت دعوت الله لك» وهذا دليل لنا، فإنه لو كان بعض الصرع من الجن ابتداء لكان الذي يعرض لها يمكن أن يكون مسا من الجن؛ لأن التفريق بين الحالين عسير. والقسم الثاني:أحاديث صريحة ولكنها غير صحيحة، وأشهرها، حديث المرأة التي جاءت بصبي به لمم إلى رسول الله، فقال للصبي: «تقدم» ثم قال للشيطان: «أخرج عدو الله فإني رسول الله» وهذا حديث ضعيف، رواه المنهال بن عمرو عن يعلى بن مرة، والمنهال بن عمرو لم يسمع من يعلى. وحديث آخر يشبهه، وفيه أنه خرج منه مثل الجرو الأسود، وهو ضعيف باتفاق، وفي متنه نكارة، فمن أين خرج الجرو الأسود؟، ثم إنهم لا يقولون بخروج شيء له جرم من المريض، ولم يسمع عن أحد المعالجين أنه يخرج شيء محسوس من المريض، على كثرة الأدعياء الذين يمارسون الرقى، وقد كان لصاحب السمو الملكي وزير الداخلية النائب الثاني الأمير نايف بن عبد العزيز جهد مشكور في تشكيل لجان مركزية وميدانية في تتبع المخالفين من الرقاة، فقطع الله بذلك كثيرا من شرهم وانحصر ضررهم. • ما تعليقكم على من يدعي إخراج الجن وإحراقه بآيات معينة بعدد وكيفية في القراءة، ويحتج في ذلك بقوله «من استطاع أن ينفع أخيه بشيء فلينفعه»، وبرقية الصحابي اللديغ بالفاتحة قبل أن يعلم أنها رقية، ألا يدل هذا على جواز تلك الاجتهادات؟ أكثر هؤلاء كاذبون مرتزقة يحتالون لأخذ أموال الناس، ولقضاء مآربهم بواسطة هذه الممارسات، يخترعون في علاجهم ألوانا من الرقى المبتدعة، وبعض الأعمال مصادرها كتب السحر والشعوذة، ومنهم من يقرأ الآيات الأولى من سورة الصافات، آخذا من كتاب «شمس المعارف الكبرى» وهو كتاب دجل وشعوذة، يقولون: إنهم يحرقون الجني بهذه الآيات، ودعوى التحريق كذلك متوارثة عن السحرة والدجالين، ويركب أحدهم على بطن المريض، وقد يكون امرأة، ويعضه في موضع من جسده أو جسدها، ويقول: الملعون هنا، ويستبيح لنفسه ما لا يباح، وربما خنق المريض، أو صعقه بالكهرباء. شفاء المرضى • بأي شيء إذن تفسر الحالات التي يحصل فيه شفاء المريض؟ هذه الأمور هي أعراض في الغالب ونوبات تعرض ثم تزول، وتصادف انتهاء العرض عند ذلك الراقي أو قبل أن يصل إليه، ويقول الناس بعد ذلك: الجني خاف من الشيخ، وأحيانا يكون المريض يعاني من أمراض نفسية تشبه الجنون، فإذا ذهب إلى القارئ زال وهمه واطمأنت نفسه، وللاعتقاد أثر على النفس وفي شفاء المريض حتى في الأمراض المحسوسة، ولا جدال في أنه إذا قرئ القرآن وسمعه المريض وجد ارتياحا في النفس واطمئنانا في القلب، وللأصوات الحسنة أثر في استجابة المريض، حتى أن بعض الذين أصيبوا بانحباس في ألسنتهم استطاعوا أن ينطقوا ويجيبوا من يخاطبهم بصوت مغنى. والسر بعد هذا في الرقية لا في الراقي، فإذا كانت بكتاب الله وذكر الله نفعت بإذن الله، حتى لو كان الراقي من غير الصالحين، بل أجاز الشافعي رقية اليهود والنصارى للمسلمين إذا كانت بذكر الله، وروي ذلك عن أبي بكر الصديق حين دخل على عائشة ويهودية ترقيها، فأوصاها أن ترقيها بكتاب الله، أي التوراة. وأما حديث «من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل» وقصة اللديغ الذي قرأ عليه الصحابي، كلاهما في لدغ العقرب ونحوها، وقد قال النبي للصحابي: «وما يدريك أنها رقية»، ولا ننكر أصل الرقى، فقد رقي نبينا، ولم يطلبها من أحد، ونهى عنها أولا كيلا يكثر الناس منها، ويضعف توكلهم، ويدخل فيها ما لم يأذن به الله، ويسري إلى قلب المسترقي نوع اعتقاد في الراقي، وقرن الذين لا يسترقون بالذين لا يتطيرون، فالأولى بالمسلم أن يرقي نفسه، فهو صاحب الحاجة والكرب، أو يرقيه بعض من حوله من غير طلب، وأما النصوص التي ورد فيها الأمر بالاسترقاء فهي حث على طلب الرقية لا طلب الراقي. • ألا ترى أنك تنقض كثيرا من المسلمات فيما يتعلق بتلبس الجن للإنس وكذلك العين؟ أما مسلمات الشريعة فلا يجرؤ على نقضها والتشكيك فيها من يؤمن بالله واليوم الآخر، وأما ما كان متوارثا في أذهان الناس ويعده بعضهم من المسلمات عن تقليد لا يدرى ما مصدره، أو كان مصدره غير معصوم، أو كان منسوبا إلى الشرع المعصوم ولكنه لا يصح سنده أو متنه أو معناه المفهوم لدى الناس فهذا يجب على من رأى الحق في مخالفته أن ينقضه ويدفعه بالدليل والبرهان، وهناك كثير من القضايا والمعاني التي كانت سائدة بل مستقرة في أذهان الناس، بل في أذهان العلماء تبين خطأها، ولا تزال طائفة منهم يرون أن القول بتخطئتها من نقض المسلمات، كدوران الأرض، وكرويتها، وصنفوا في ذلك كتبا وكتبوا ردودا لا تحصى، فالعبرة في هذه الأمور بدليل النقل والعقل والحس ومدلولات اللغة العربية في فهم النصوص.