كيف تكتسب "كتب تطوير الذات" تلك الهالة الإعلامية الكبرى ليشار إليها لاحقاً بأنها من الكتب الأكثر مبيعاً؟ ومن يقرر أن هذا الكتاب أو ذاك هو الأكثر مبيعاً؟ مع أنها في الغالب كتب تجميع لأقوال من هنا وهناك تتناول تجارب متنوعة وحالات مختلفة لأفراد اتسمت معظم قصصهم بالمبالغة والتفخيم قد يكون الهدف منها تسويقياً بحتاً. توجهت "الرياض" بهذا السؤال إلى عدد من الأدباء سعياً منها للتعرف على هذا المفهوم فيما يتعلق بكتب تطوير الذات، فتفاوتت الإجابات بين من يقول أنها دعاية تسويقية خادعة تبيع الوهم فقط، بدأ الترويج لها في معارض الكتب مستغلة الضعف والعاطفة البشرية مع شيوع دورات البرمجة العصبية، ومنهم من يرى أنها عبارة تسويقية يلجأ إليها الناشر لتسويق كتاب أو كتب بعينها لزيادة مبيعاته، بينما يرى آخرون أن هذا المفهوم ما هو إلا عبارة مربحة للمؤلف ودار النشر يدغدغ بها مشاعر الشباب على وجه الخصوص وكأن قراءة كتاب من كتب تطوير الذات سينقله إلى مرحلة أخرى في حياته، وسينهي كل مشكلاته الاجتماعية والمالية والنفسية مع أن هذه الكتب في معظمها لا تحمل قيمة فنية بسبب اختلاف البيئة المكانية والمجتمعية، فلو وجدت لها رواجاً في مجتمعات معينة تتشابه وبيئة المؤلف، فليس شرطاً أن تكون الأكثر رواجاً في مجتمعنا. وطالب كتاب آخرون بعدم الانجرار وراء موجة الكتب الأكثر مبيعاً بالبحث عن كتب تطوير الذات القادمة من بيئات غربية في الغالب لكونها لن تضيف شيئاً جديداً للقارئ العربي ويمكن الاسترشاد بها نفسياً فقط، فالثقافة العربية ينبغي أن تظل محتفظة بخصائصها ومقوماتها تجاه أنماط الاستهلاك والتسليع اللتين تتوفر عليهما الذائقة الغربية والأميركية وما شابههما من دول الشرق الآسيوي. استغلال الفكرة الهذال: موضة عابرة آخذة في الانحسار بداية ترى الإعلامية زينب الهذال بأن مبيعات الكتب التي تحمل عبارة الأكثر مبيعاً، وخاصة كتب تطوير الذات. هي أكثر عبارة خادعة للمتلقي، فإذا كانت المرجعية التي تحدد كم الكتب التي بيعت غير معروفة، ولا يمكن الوثوق بما يطبع على الكتب بأنها الأكثر مبيعاً فهي عبارة تسويقية بالدرجة الأولى، والضليع في أمور النشر والتوزيع يعرف أن حتى رف الأكثر مبيعاً في المكتبات المحلية يتم تسويقه هو الآخر بهذه الطريقة! أما عن القيمة الحقيقية لهذه الكتب فلا يمكن إعطاء رأي قطعي حول قيمة كل كتب تطوير الذات، أي نعم بعضها يضيف قيمة حقيقية ولكن البعض يفتقر لأبجديات المهارات والسلوك التي تسوقها تلك الكتب، لكن انتشارها بهذا الكم يثبت أنها موضة عابرة وأراها بدأت تنحسر. وأوضحت الهذال بأن أغلب صناعة هذه الكتب تحاول استغلال الفكرة التي يتم ترويجها حول حاجة الكل لتطوير الذات بينما في الحقيقة الفروق الفردية بين البشر تلعب دوراً مهماً فيمن يحتاج لتحسين ذاته من خلال اكتساب المعارف عن طريق الكتب أو حتى المدربين، وفيمن يملك القدرة الذاتية لفعل ذلك باستقلالية. القيمة الحقيقية فيما يؤكد القاص أحمد إسماعيل زين بأن كتب تطوير الذات خدعة مربحة للمؤلفين، ودور النشر تقوم بالترويج لها مستغلة عبارة "الأكثر مبيعاً" في معارض الكتب. وللمطلع فقد بدأت حكايتها الترويجية قبل عقدين من الزمن على يد تيارين اثنين مسيطرين على المشهد الأدبي والثقافي بدورات "البرمجة العصبية" ذات الساعات القليلة والتكلفة المالية الباهظة، ثم تطور الأمر إلى تأليف الكتب، والترجمة، والإصدار والترويج التجاري لها. ويعد القاص زين بأنها تخلو من القيمة الحقيقية ويقول: "من وجهة نظري وبالذات أغلب المترجم منها ليس لها أيّ قيمة حقيقية بسبب اختلاف البيئة المكانية والمجتمعية وحتى المعتقدات العقدية بين المؤلف والمتلقي، وقد يكون لها رواجاً في مجتمعات معينة تتشابه وبيئة المؤلف، وبالتالي هذا ليس شرطاً أساسياً لتكون الأكثر رواجاً في مجتمعنا للأسباب السابقة الذكر، أما بالنسبة للمنتج المحلي، وكذلك المترجم، فالقيمة الحقيقية لها مادية ربحية للمؤلف والناشر. لنجد أنفسنا في نهاية المطاف أننا أمام صناعة ربحية تستغل احتياجات المجتمع لتبيع لهم الوهم بحجة تطوير الذات. زين: أغلب المترجم منها بلا قيمة الجبيري:عبارة لا تملك عصا سحرية الغنام: عبارة قد تكون صائبة وقد تكون غير ذلك الرغبة المشروعة ويوضح القاص ظافر الجبيري وجهة نظره بالموضوع بقوله: "لطالما تربعت كتب الأكثر مبيعاً على واجهة المكتبات وتصدّرت المكانَ الأبرزَ في أجنحة بعض دور النشر في معارض الكتاب؛ وإذا كانت هذه الطريقة من التسويق تتماشى مع العقلية الاستهلاكية للبضائع التموينية وتساير الذائقة الغربية التي سلّعت كل شيء حتى الكتاب. فإن الثقافة العربية يجب أن تظل محتفظة بخصائصها ومقوماتها تجاه أنماط الاستهلاك والتسليع اللتين تتوفر عليهما الذائقة الغربية والأميركية وما شابههما من دول الشرق الآسيوي الدائرة في الفلك الرأسمالي. وتظل الرغبة مشروعة في بيع أكبر عدد من الكتاب وجذب الزبائن إلى كتب هذه الدار أو تلك إلا إنّ الوقوع في الفخ يمكن أن يكون مرتين الفخ الأول التسليع للكتاب بعامة والثاني فخ كتب تطوير الذات القادم بدوره من الغرب بدءًا بالبرمجة اللغوية العصبية وما رافقها من وهم انكشف لاحقًا لكل ذي لب رشيد. وقد لاحظنا أن محتوى مثل هذه الكتب قائم على تجميع أقوال من هنا وهناك ويمكن الوصول إليها بالقراءة والقراءة فحسب. وعلى هذا فكل ما نراه من أساليب تجارية يفترض أن يفطن لها القارئ النبيه، كما يجب أن تظل للكتاب صورته (المهيبة) كي لا أقول: (المقدسة) في ذهن ووعي القارئ العربي. وعلى مكتباتنا وناشرينا ابتكار أساليب تسويقية تناسب الذائقة العربية وتحافظ على جيوب المستهلكين من الهدر والتسطيح وترتقي بذائقة الأجيال القادمة التي يُنتظر منها أن تحمل مشاعل الحقيقة وتقود نفسها ومجتمعاتها إلى التقدم المنشود. المسميات الترويجية فيما ترى الكاتبة هوازن الغنام بأن كتب تطوير الذات تجد ردوداً متباينة بين المطلعين على الثقافة فبعضهم يؤيدها ويدافع عنها بشدة والبعض الآخر يرى بأنها أوهام وأكاذيب يقنعنا مؤلفوها بصحة ما جاء فيها من قصص وأوهام وقوانين سحرية، وتوضح "لكني بين هذا الرأي والآخر بمعنى لابد أن نعي تماماً بأن كتب تطوير الذات وإن حملت الجملة التسويقية الأكثر مبيعاً أو الأكثر شهرة إلا أنها لا تملك عصا سحرية ووصفة لمعجزة خارقة، فهي تجارب لأشخاص ونظريات سجلت قد تصيب وقد تخطىء ومنها ما يناسب شخصاً ولا تناسب الآخر وهكذا، لذا لا بد أن ننقي ونختار بذكاء ما يناسب قدرتنا في الواقع ومواهبنا الشخصية. وتضيف الغنام "ولابد أن نؤكد بأن بعض هذه الكتب أغلب مؤلفيها من الدول الأجنبية وما يدور داخل هذه الكتب يناسب بيئتهم وطريقة تربيتهم، كما وبعضها قد يستشهد بكتبهم الدينية مثل كتاب (the power of positive thinking) والذي يحمل عبارة بيعت منه 5 ملايين نسخة فقد استشهد الكاتب بكثرة من كتاب الإنجيل، أما نحن فلدينا القرآن الكريم الذي به كل عبارات الراحة النفسية ورفع المعنويات بلا منازع ولا منافس. وتبين "لابد أن نتنبه للعبارات التي تكتب فوق أرفف الكتب مثل الأكثر مبيعا والأكثر شهرة لزيادة مبيعاتها وألا تخدعنا هذه المسميات الترويجية، وفي الوقت نفسه أن نعي بأن هذه الكتب ليست مستشارًا نفسياً بل هي وجهات نظر وتجارب المؤلفين واستشهادهم من قصص ملهمة، لذلك لا بد أن نأخذها بإرشادات عامة وخطوط عريضة للتخفيف من ضغوط الحياة وروتينها. Your browser does not support the video tag.