نائب وزير الخارجية يفتتح القسم القنصلي بسفارة المملكة في السودان    القبض على ثلاثة مقيمين لترويجهم مادتي الامفيتامين والميثامفيتامين المخدرتين بتبوك    أسمنت المنطقة الجنوبية توقع شراكة مع الهيئة الملكية وصلب ستيل لتعزيز التكامل الصناعي في جازان    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    تنفيذ حكم القتل بحق مواطنيْن بتهم الخيانة والانضمام لكيانات إرهابية    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    استشهاد أربعة فلسطينيين في غارة إسرائيلية على منزل وسط قطاع غزة    إقبال جماهيري كبير في اليوم الثالث من ملتقى القراءة الدولي    "مجدٍ مباري" احتفاءً بمرور 200 عام على تأسيس الدولة السعودية الثانية    التعادل يسيطر على مباريات الجولة الأولى في «خليجي 26»    مدرب البحرين: رينارد مختلف عن مانشيني    فتيات الشباب يتربعن على قمة التايكوندو    رينارد: مواجهة البحرين صعبة.. وهدفنا الكأس الخليجية    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    200 فرصة في استثمر بالمدينة    «العالم الإسلامي»: ندين عملية الدهس في ألمانيا.. ونتضامن مع ذوي الضحايا    «الأرصاد»: طقس «الشمالية» 4 تحت الصفر.. وثلوج على «اللوز»    ضبط 20,159 وافداً مخالفاً وترحيل 9,461    إصابة 14 شخصاً في تل أبيب جراء صاروخ أطلق من اليمن    سفارة السعودية بواشنطن تحتفي باليوم العالمي للغة العربية    «كنوز السعودية».. رحلة ثقافية تعيد تعريف الهوية الإعلامية للمملكة    وفد «هارفارد» يستكشف «جدة التاريخية»    حوار ثقافي سعودي عراقي في المجال الموسيقي    ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف الشريف    «عكاظ» تنشر توصيات اجتماع النواب العموم العرب في نيوم    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    السعودية أيقونة العطاء والتضامن الإنساني في العالم    الحربان العالميتان.. !    رواية الحرب الخفيّة ضد السعوديين والسعودية    هل يجوز البيع بسعرين ؟!    ضبط (20159) مخالفًا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    12 مليون زائر يشهدون أحداثاً استثنائية في «موسم الرياض»    رأس وفد المملكة في "ورشة العمل رفيعة المستوى".. وزير التجارة: تبنّى العالم المتزايد للرقمنة أحدث تحولاً في موثوقية التجارة    الإستثمار في الفرد والمجتمع والوطن    وزير الطاقة وثقافة الاعتذار للمستهلك    مدرب الكويت: عانينا من سوء الحظ    معرض وزارة الداخلية (واحة الأمن).. مسيرة أمن وازدهار وجودة حياة لكل الوطن    رحلة إبداعية    «موسم الدرعية».. احتفاء بالتاريخ والثقافة والفنون    سمو ولي العهد يطمئن على صحة ملك المغرب    لمحات من حروب الإسلام    التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الكويت وعُمان في افتتاح خليجي 26    «يوتيوب» تكافح العناوين المضللة لمقاطع الفيديو    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    المؤتمر الإعلامي الثاني للتصلب المتعدد: تعزيز التوعية وتكامل الجهود    طريقة عمل شوربة البصل الفرنسية    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    أمير القصيم يرعى انطلاق ملتقى المكتبات    محمد بن ناصر يفتتح شاطئ ملكية جازان    القبض على شخص في الرياض لترويجه المخدرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي    محمد آل فلان في ذمة الله    ضيوف خادم الحرمين يشيدون بعناية المملكة بكتاب الله طباعة ونشرًا وتعليمًا    المركز الوطني للعمليات الأمنية يواصل استقباله زوار معرض (واحة الأمن)    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المعرض التوعوي "ولاء" بالكلية التقنية    شيخ شمل قبائل الحسيني والنجوع يهنى القيادة الرشيدة بمناسبة افتتاح كورنيش الهيئة الملكية في بيش    الأمير محمد بن ناصر يفتتح شاطئ الهيئة الملكية بمدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية    السيسي: الاعتداءات تهدد وحدة وسيادة سورية    رئيس الوزراء العراقي يغادر العُلا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة الخميس تسأل المثقفين: ما الذي يقف في طريق الكتاب؟
نشر في الرياض يوم 03 - 03 - 2011

منذ استئناف نشاط معرض الرياض الدولي للكتاب العام 1999 وانتقاله من وزارة التعليم العالي إلى وزارة الثقافة والإعلام عام 2007 ومن ثم انتقاله إلى مركز المعارض الجديد شهد كثيرا من التغيرات عبر الإمكانات، كذلك مستوى إدارة الأنشطة الثقافية ورواج الكتب وانعكس ارتفاع منسوب الإقبال والمتابعة الإعلامية.
ورغم المعوقات الدائمة حيال توفر الكتب مثل أزمة انتشار الكتاب العربي، غياب مؤسسات وشركات توزيع وتسويق في العالم العربي، حيث لم تتمكن مؤسسات وشركات توزيع المطبوعات اليومية والدورية من انتشار الكتاب. وأزمة المحظور الرقابي حيال أسماء بعض المؤلفين وبعض الموضوعات. وأزمة قيمة ومستوى الكتب ومدى فعالية أثرها الثقافي. يبقى الكتاب مصدر المعرفة والإبداع من حياة الورق حتى ضوء ال sms.
إلا أننا نجري هذا الاستطلاع الاستباقي الذي يطرح مجموعة من الأسئلة على بعض المبدعين في القصة والرواية والشعر ومن مجال العمل الأكاديمي والنقد.
وهي كالتالي: هل أسهم معرض الرياض الدولي للكتاب في نشوء دور نشر سعودية؟، كيف يمكن أن تستمر دور النشر، وأغلبها بتراخيص غير محلية، في دورها الاقتصادي والثقافي؟، كيف ترى نسبة التطور المعرفي والإبداعي في كتب المؤلفين السعوديين؟
هل يوازي الجهد في التأليف مستوى الإقبال والتلقي؟، لماذا لا تنتشر حفلات توقيع الكتب خارج أيام معرض الكتاب؟، ما الذي تتوقع من معرض الرياض الدولي للكتاب على مستوى الأنشطة وجديد الكتب؟.
تنوعت الإجابات كما تنوعت الآراء منعكسة من تجارب مختلفة، فإلى ما قالوا،
المحيميد: حفلات التوقيع ضائعة بين الكتاب المجاز وغير المفسوح!
المحيميد: توقيع الكتب ليس للإهداء..
الروائي يوسف المحيميد الذي ينتظر معرض الكتاب الأعمال القصصية الكاملة التي اختار لها عنوان "الأشجار لم تعد تسمعني" (الدار العربية للعلوم ناشرون، 2011). يبدأ حديثه بأنه "للأسف لا، ولن يساهم المعرض في نشوء دور نشر سعودية طالما أن الرقابة على الكتاب في الداخل رقابة مسبقة، أي رقابة مخطوط، فهذا الأمر الذي عفا عليه الزمن، ولا أعتقد أن ثمَّة بلدا عربيا يمارسه حتى الآن، سيقضي على كل أمل بنشوء دور نشر محلّية، وحراك المطابع التجارية كما نعرف يعتمد على حركة النشر.. لذلك أعتقد أن أي مؤلف سعودي أو ناشر سعودي ينتظر لحظة ترك الرقابة للناشر، فهو من يقرِّر طباعة هذا الكتاب أو ذاك، ويأتي دور الرقابة بعد نشر الكتاب وتوزيعه في الأسواق، وما إذا تجاوز القوانين والأنظمة، فالأصل هو فسح الكتاب وإجازة توزيعه، والاستثناء هو منعه، عكس ما يحدث تمامًا.. ألم تكن الصحف في الستينيات كانت تراقب قبل النشر من قبل إدارة المطبوعات، ثم ترك النشر لها فتطورت الصحافة لدينا؟ ألم تترك رقابة الكتب لمؤسسات الدولة لها، كالأندية الأدبية التي تراقب كتبها وتنشرها من دون الرجوع إلى إدارة المطبوعات؟ لماذا إذن لا تترك رقابة الكتب للناشر المحلّي، الذي يعتبر جزءًا من منظومة القطاع الخاص، يمكن وضع عقوبات عليه في حال إخلاله بالنظام أو ميثاق النشر؟ بينما حول استمرارية دور النشر الجديدة فيرى "طالما أنها بتراخيص غير محلية فهي دور نشر أجنبية، حتى وإن كانت برؤوس أموال سعودية، لأنها ستعامل كدور نشر لبنانية أو مصرية أو بريطانية تبعًا لمكان نشأتها، أو مصدر ترخيصها، وهو بالتالي يخضع لقانون هذا البلد ورقابته، بمعنى أنه يمكن أن يطبع كتبه ويسوّقها خارجًا، ويطالب بإجازتها في الداخل، لذلك يتم التعامل معها كمؤلفات مطبوعة في الخارج، فإما أن تفسح أو تمنع".
وفي رأيه أنه "لم تزل كثير من المؤلفات تتعجّل النشر، وأصبح لدينا كتاب المعرض، والكل يتهافت على مزامنة إصداره مع معرض الكتاب بالرياض، ومع أهمية ذلك، إلا أن المعرض يعد فرصة وقتية زائلة، لكن الكتاب يبقى سنوات طويلة، بكل ما يحمله من تعجّل وأخطاء طباعة وخلل معرفي.. لكن الملاحظ وهو أمر مفرح بحق، هذا الحشد من المؤلفين، ودخول أسماء جديدة مبشِّرة، لو استمرت، وتعاملت مع الكتابة كمشروع طويل، فستكون حتمًا أسماء مؤثرة في القريب".
وبين جودة الكتاب ومستوى الإقبال عليه فيرى "قد تجد كتبًا متواضعة القيمة، لكنها تحظى باهتمام القارئ وإقباله عليه. كما أن مستوى الإقبال يعتمد على الناشر وقدرته على الترويج لكتبه، والثرثرة حولها حتى لو كانت متواضعة، واللعب بأعصاب القراء عبر ترويج سحب كتبه، وبيعها سرًّا، وما إلى ذلك".
وعن سؤالنا: لماذا لا تنتشر حفلات توقيع الكتب خارج أيام معرض الكتاب؟. يجيب:"أظن أن هذه ثقافة وتقليد أجنبي مهم، تستخدمه دور النشر الأجنبية منذ سنوات بعيدة، وتتفنن فيه إلى درجة كبيرة، وقد قطعت مسافات بعيدة في هذا التقليد المحترم، لكننا لم نستطع بعد فهمه وإدراك قيمته، لأفضي لك بأول حفل توقيع قمت به هنا في معرض الكتاب عام 2004م، وكيف تعامل معه الوسط الثقافي باستهجان، وعدم استيعاب العلاقة المهمة بين المؤلف والقارئ، لكنهم بعدها بسنوات أصبحوا يتهافتون على التوقيع، بل إن بعضهم يوقّع النسخ ويهديها مجانًا، وهذا ضد المفهوم التقليدي التجاري لفكرة التوقيع أساسًا.
الأمر المضحك هنا، هو أن يسمح بتوقيع الكتب المجازة، ولا يسمح بتوقيع الكتب الممنوعة، فهل لو كان لديَّ روايتان، إحداهما مجازة والأخرى ممنوعة، أعتذر للقارئ الذي يطلب توقيعي على العنوان الممنوع؟ أتمنى على وزارة الثقافة أن تتجاوز هذه الهنات، وأن تترك موضوع توقيع الكتب للأجنحة المشاركة، بعيدًا عن الوصاية على منصتها الخاصة بالتوقيع، أتمنى فعلاً أن تلغى هذه المنصة، وتترك لكل ناشر حرِّية تقسيم جناحه وتوزيع كتبه، ووضع منصة صغيرة لتوقيع إصداراته الجديدة، بمعنى أن تكون هناك أكثر من حفلة توقيع في الوقت ذاته، ولدى كل جناح على حدة".
وفي النهاية يقول: "أعتقد أن المعرض الآن أصبح مكسبًا كبيرًا لنا جميعًا كقراء، ويجب المحافظة عليه ودعمه، والمطالبة باستمراره وتطويره، لقد أصبح شهر مارس في مدينة الرياض ذا نكهة ثقافية ممتعة، الكل يحرص على حضورها، بل حتى أصبحت فرصة لمن يقيم خارج العاصمة لزيارة هذه التظاهرة الثقافية".
السهيمي
السهيمي: لن تكون هنالك دار نشر بترخيص محلي!
البلوي: النشر الإلكتروني بديلاً
وأما الباحث مطلق البلوي الذي أعاد إصدار كتاب "الوجود العثماني في شمال الجزيرة العربية" (دار جداول 2011)، وسبق له صدور رواية "لا أحد في تبوك" (مؤسسة الانتشار العربي والنادي الأدبي في حائل 2008).
فيرى أنه "أسهم معرض الرياض الدولي للكتاب في الحياة الثقافية السعودية كلها وليس فقط في نشوء دور نشر سعودية فقط، صحيح أن عدد دور النشر السعودية مازال أقل مما نطمح له؛ لكن يبقى معرض الرياض الدولي للكتاب نافذة شديدة الأهمية على الحياة الثقافية العالمية، ورافدا مهما للغاية في التواصل مع مختلف الثقافات، ومشجعا رئيسا على القراءة واقتناء الكتاب".
ويعلق حول إنشاء دور النشر واستمرارها بأنها "مسألة ذات صلة بمؤثرات وعوامل متنوعة من أهمها النظرة التقليدية القديمة للثقافة من منظور تخوف أمني، وفور تغير هذه النظرة تتغير كافة المؤثرات المحيطة بعملية النشر، فهذه النظرة تجاوزها الزمن والتقنية، فالنشر الإلكتروني الآن ينافس النشر الورقي، ويحتل مساحات كان يحتلها النشر الورقي فيما سبق، والعائد الاقتصادي للنشر أقل بكثير مما يتخيل بعضهم، لكن العائد الثقافي وقدرة الكتاب على تغيير القناعات، وصنع فكر جديد، والمساهمة في التحولات الاجتماعية، ودعم السلام الاجتماعي، وقبول الآخر المختلف، وتنمية احترام العقل هو العائد الأهم".
ويرى "هناك زخم أكيد في الحالة الثقافية والمعرفية والإبداعية السعودية يمكن رصدها بأدوات الرصد النقدية والفكرية من خلال قراءة الخطاب الإبداعي والفكري السعودي خلال العشرين سنة الماضية، فهناك انفتاح أكثر على الفكر الإنساني، وتراجع سطوة وجهة النظر الأحادية، وظهور الجدل الفكري ليحتل موقعاً مهماً احتله اليقين والتسليم في سنوات سابقة، وظهر شعر مختلف ذو أثر إبداعي وثقافى لا يختلف عليه اثنان، وتطور السرد السعودي وظهر عدد كبير من كتاب وكاتبات الرواية والقصة القصيرة والقصة شديدة القصر؛ إضافة للتيارات الفكرية والنقدية على مختلف مساحات الفكر".
ويجيبنا عن موازاة الجهد في التأليف بمستوى الإقبال والتلقي بأنها أزمة "القراءة في العالم العربي وليس في السعودية وحدها في حال تراجع أمام وسائل التسلية والإعلام، ويعاني الإبداع من ضعف الاستجابة ماعدا القليل من الأعمال التي تحظى بقراءة جيدة، والأقل الذي يحظى بمتابعة ثقافية ونقدية تتفق مع معاناة الكاتب والكاتبة في التأليف والبحث".
وعن عدم انتشار حفلات التوقيع يرى سبب ذلك: "هو ضعف العائد الاقتصادي من النشر والتوزيع سواء للمبدع ذاته أو للناشر والموزع، فالإبداع في نهايته هو عملية اقتصادية تتراجع لو لم تحقق عائداً، ومن هنا تبدو أهمية دعم الدولة للكتاب من خلال مؤسسات النشر الحكومية التي لا يمكن إغفال أهمية الدور التي تلعبه حتى تعود للكتب مكانتها التي تستحقها، والتي تساهم في دفع قاطرة المجتمع للأمام".
وعن رؤيته لما هو عليه معرض الكتاب: "أعتقد أنه استقر على بنية واضحة من حيث الأنشطة والفعاليات، وطبيعة دور النشر، والمسموح به، والمنهي عنه، والممنوع، واتساع هامش الحرية، والاستجابة للتحديث والجديد تحدث كل عام بشكل أفضل من سابقه؛ قد لا يكون التغيير بحجم تطلعات المثقفين والمستنيرين؛ لكنه يحدث باستمرار ودأب؛ كل ما أتمناه أن تزداد وتيرة ذلك التغيير الإيجابي في كل دورة جديدة من دورات هذا العرس الثقافي الهام للغاية".
الغيثي
الغيثي: حضور الكتاب الفكري سيكون كبيراً مع الشعر والقصة القصيرة
السهيمي: عقلية المؤلف والوزارة
يشارك هنا الكاتب علوان السهيمي الذي سبق له إصدار روايتين "الدود 2007، الأيام لا تحابي أحداً 2009" (عن دار الفارابي) وسوف يستقبل زوار المعرض مجموعته القصصية الأولى "قبلة وأشياء أخرى عن دار طوى 2011". فيرى وهو ينشر كتابه الجديد في دار نشر سعودية أول مرة فيقول :"يجب أن نعترف في البداية بأنه ليس هنالك دور نشر سعودية ذات قيمة تسويقية كما نراها في الوطن العربي، وسواء كان معرض الرياض الدولي للكتاب موجودا أم لا فإن مسألة وجود دار نشر سعودية تضاهي دور النشر العربية، فهذا ما يمكن نكرانه تلقائيا، رغم وجود بعض المحاولات الخجولة من دار "طوى" للنشر والتوزيع، أعتقد أن المعرض لن يقدّم أو يؤخر ما دامت العقلية هي العقلية على مر السنوات، فينبغي علينا إن أردنا الإسهام في إيجاد دار نشر سعودية جيدة، أن نتخلى عن قناعاتنا السابقة من وزارة الثقافة والإعلام في البداية، ثم في عقلية المؤلف نفسه".
وعن معوقات دور النشر واستمرارها متوقف على "ألا تخضع لمقاييس الوزارة، فإذا كان هنالك محاذير لدى الوزارة، فبالتالي لن يكون هنالك دار نشر بترخيص سعودي، لأن الهم الأول الذي يعاني منه المؤلفون هو هم الرقيب، وما دام المؤلفون هم من يرفع أسهم دور النشر - اقتصاديا وثقافيا - وما دامت الوزارة مصرّة على مسألة الرقيب بهذا الشكل الحاد، فيؤسفني أن أقول إنه لن يكون هنالك دار نشر بترخيص سعودي، وإن كان هنالك دار نشر بترخيص سعودي، فلن يتجه إليها الكتّاب، لأن الكاتب حينما يكتب نصا فلن ينتظر من أحدهم أن يحذف منه حرفا واحدا، وهذا ما توفره للكتاب دور النشر العربية، فبالتالي سيتوجه المؤلف لهذه الدور العربية لكي يطمئن على كتابه، المفترض من أصحاب دور النشر السعودية ذات التراخيص غير المحلية، ألا تعيش تحت مظلة المحاذير التي تفرضها الوزارة لكي تستمر".
وعما يراه من مستوى تطور الكتاب السعودي فيرد: "في تصوري إن الكاتب السعودي بدأ يخطو خطوة كبيرة جدا تجاه النضج في كتاباته، وربما بدأ يزاحم كل من كان يسود المشهد الإبداعي في الوطن العربي، لذا فالمؤلف السعودي لم يعد ذلك الإنسان الغريب عن المشهد الإبداعي في الوطن العربي أبدا، إنما أصبح النتاج الأدبي السعودي في مقدمة النتاجات الإبداعية في الوطن العربي، فالموهبة لدى الكتاب السعوديين موجودة سلفا، لكن ربما لم يكن ثمة ثقة في السابق تجاه النتاج السعودي، لكن أعتقد في الوقت الحالي أصبح الكاتب السعودي مثله مثل أي كاتب في الوطن العربي، وأجود منه في كثير من الأحيان".
فيما يرى "أن الجهد الذي يبذله المؤلف أكبر بكثير من مستوى التلقي في المجتمع، لكن في النهاية ثمة شيء يفرح تجاه النتاج بغير ما كان عليه في السابق، لا أريد أن أخوض في الأسباب، لكن أعتقد بأن التلقي اتسع أكثر مما مضى، وهذا ما ألحظه لكوني مؤلفا، لكن هذا التلقي ليس بالصورة التي يأملها الكاتب، التي يرجوها، والتي يطمح لها".
بينما يرى عن حفلات توقيع الكتاب تنحصر في المعرض "لأن تظاهرة معرض الرياض الدولي للكتاب أضخم تظاهرة في الوطن تجاه الثقافة والإبداع، لا أعتقد أن ثمة تظاهرة توازي تظاهرة المعرض بغزارة الحضور، والتواجد، ربما تكون هنالك حفلات توقيع في المحاضرات والندوات والنشاطات الثقافية الأخرى، لكن ربما لعدم وجود العدد الكافي من الحضور يكون هنالك إحجام من المؤلفين تجاه توقيع الكتب، وثمة نقطة أخرى، أن أغلب كتب المؤلفين السعوديين ممنوعة من الدخول للبلد، وبالتالي يصعب إيجاد فرصة يتم من خلالها توقيع أي من النتاجات الأدبية، وهذه مشكلة كبرى، والنقطة الأهم أن معرض الرياض الدولي للكتاب يجلب الكثير من المثقفين، والمبدعين على مستوى الوطن كاملا، فهو التظاهرة التي يضمن من خلالها المؤلف أن يجد أغلب المؤلفين والكتّاب فيها، فهي فرصة جيدة لتوقيع كتابه أثناءها".
وملاحظته حول أنشطة المعرض: "صدقا حضرت أكثر من مرة لمعرض الرياض الدولي للكتاب، لكن لم يكن هنالك فعالية تستفزني لحضورها، أعتقد أن على الوزارة أن تستفز المبدعين تجاه نشاطاتها لكي يكون ثمة حضور من المثقفين، ولا تعوّل على الدعوات، وضيوف الشرف كثيرا، فالملاحظ أن كثيرا من المبدعين أيام المعرض لا يتواجدون إلا بشكل ضيق في النشاطات الثقافية المصاحبة للمعرض، أما على مستوى جديد الكتب ففي الفترة الأخيرة منذ ما يقرب من شهرين وجدت أن ثمة زخما غير عادي في النتاج والتأليف لمؤلفين سعوديين، سواء على مستوى الشعر، أو الرواية أو القصة، وهذا بحد ذاته أمر مفرح جدا، أتمنى أن يستمر هذا الهطول".
العتيبي: إمنحوا الكاتب السعودي
فرصة وسيأتي بنوبل!
العتيبي: مصادرة حرية الإبداع
وترى الشاعرة نوير العتيبي التي صدر لها "وهيَّأتها للموت" (دار المفردات، 2009) أن "المبدع السعودي بدأ يقدم فكرا وإبداعاً جعل من المهتمين بالنشر توسيع دائرة مجالهم ليتولوا نشر وطباعة كتبه.. وحتى الآن تعتبر دور النشر بالمقارنة مع حاجة المثقف قليلة أو غير احترافية أحيانا ولعل جمعية الناشرين ستقدم عملا جليلا في فكرتها التي تعمل عليها الآن في دعم المؤلف والكتاب السعودي".
وترى في مستوى الكاتب السعودي أنه "استطاع أن ينافس غيره في الوطن العربي وحتى المبدع الغربي. فقد طرح أفكاراً جديدة وناقش القضايا بشكل إبداعي وما زال لديه الأجمل ليقدمه.. لكنه يعاني من وأد أعماله بالحظر أو التشويه ومصادرة حرية الإبداع وخنق الأفكار حد قتلها العمد، فقط امنحوه بيئة آمنة وسيأتي بنوبل".
وحول إجابتها عن توازي الجهد في التأليف مع مستوى الإقبال والتلقي. فتقول: "بالطبع لا.. لكن ليس المتلقي ولا الكاتب ملوما، بل الزخم الإعلامي المكثف على اللاشيء أحيانا يكون سببا في حجب الإبداع وعدم الاحتفاء به وتقديره".
وترى عدم انتشار حفلات توقيع الكتاب بأنه: "لا سبب غير تجاهل المؤسسات الثقافية لأهمية مثل هذه الاحتفالات، فإذا كانت ليالي الوفاء تقام للأموات فمن باب أولى أن تستقبل - مؤسسات الثقافة - الإبداع والمبدع باحتفاء توقيعي لجديده وانجازه وتطرح الرؤى النقدية والفكرية حوله".
وعما تتوقع من معرض الرياض الدولي للكتاب على مستوى الأنشطة وجديد الكتب، فتقول: "من المهم أن لا يكون المعرض ساذجا فيزرع البوليسية في أرففه ويدعي الرقابة، فالسقف الذي أتعب رؤوسنا حكا انتهى وأحاله النت قطعة أثرية تسخر منها الأقوام.. فآمل أن تكون الثقافة بلا كلمة ممنوع حتى لا نترك لبعض الناشرين العرب الضحك علينا بترويج كتب كاسدة تحت قائمة ممنوعة! أما الأنشطة فكل ما نطمح أن تكون المناقشات ذات موضوعات فلسفية وبمنهجية وأسماء جديدة غير مكررة، ومعرض الرياض بات تظاهرة جميلة في الآونة الأخيرة ونطمح بمزيد من التميز.. في الأفكار والعرض والنقاشات".
الغيثي: الكتاب لا يخرج من المعرض
ويشاركنا الكاتب شتيوي الغيثي الذي سيتاح للقراء مطالعة أول إصدارين له "قشرة الحضارة: إشكاليات الثقافة السعودية وتحولاتها" والثاني مجموعة شعرية "لا ظل يتبعني" عن (دار طوى 2011).
فيرى أن للمعرض دورا في نشأة دور نشر جديدة إذ يقول: "نحن نشهد في المعرض القادم مثلا وجود دور سعودية مثل طوى وجداول والمسبار والمؤسسة العربية وغيرها، وهي دور سعودية تنشر في الخارج من دون تصريح داخلية وهي تعتمد بكليتها على معرض كتاب في الرياض ما يعني ان معرض كتاب قد ساهم بوجود مثل هذه الدور".
ويرى أن سبب استمرارها يقوم على "مساحة الحرية في الطرح في هذه الدور أعطاها مشروعية أكثر من الدور المحلية إذ نراه في توسع والتجربة تنضج كل سنة والمؤلف السعودي بدأ يحرص عليه أكثر من حرصه على الدور المحلية.. كما أن أسعار الطبعة كانت أكثر معقولية عن مثيلاتها الداخلية. كان الكتاب السعودي يبحث عن دار غير سعودية للطباعة.. الآن مع توفر مثل هذه الدور بدأ الكاتب السعودي يلتفت إلى الدور السعودية لأنها حققت نفس الأهداف التي تحققها الدور غير السعودية من نشر الكتاب وأسعار الطباعة ومساحة الحرية في الطرح".
ويرى أن هناك نسبة التفاوت" بين المؤلفين السعوديين وإذا ما عرفنا أن الكتب الإبداعية تفوق الكتب المعرفية، فإن النسبة هنا تصبح في صالح الإبداع على الفكر والمعرفة رغم اتساع دائرة الطرح المعرفي في السنة الماضية.. الهوس الروائي مثلا يجعلنا نقيم المستوى الإبداعي لروايات مثلا وهي الأكثر مقروئية فنكتشف أن المستوى العام متقارب إلى حد كبير مع بعض الاستثناءات من هنا أو هناك. أما في الطرح المعرفي فهو ما يزال في بدايته وأعتقد أنه الطرح القادم لمؤلفين سعوديين كثر وسوف يشهد خلال السنوات القليلة القادمة نوعا من الطفرة الكتابية كما حصل في الكتابة الروائية ما يمكن أن يحول الطرح المعرفي إلى مستوى معين".
ويضيف: "حين نشهد كمية الشراء التي نراها في المعرض فإن المسألة تستحق الجهد الكبير في التأليف، لكن حينما نكتشف أن كثيرا من هذه الكتب تركن في المكتبات من دون الوقت لقراءتها فإن الإحباط يعود من جديد.. المسألة هوس شرائي لدى المجتمع السعودي، والدليل نوعية العناوين التي يشتريها المتسوق فهي كثيرا ما كانت أقرب إلى حاطب ليل. لا يوجد هناك انتقاء كبير في شراء الكتب ينم عن مستوى قرائي معين يستحق منا كل ذلك الجهد في التأليف".
لو يرى أن "الكتاب نفسه لا ينتشر خارج أوقات المعرض إلا نادراً.. المعرض أشبه بتظاهرة ثقافية، وهذا ما جعل الاحتفاء بها كبيرا إلى هذا المستوى. تجارب توقيع الكتب خارج أوقات معرض الكتاب لم تكن كبيرة كما في معرض الكتاب لذلك فإن الدار والمؤلف يصبان جهدهما في هذا المعرض حتى يوفر الجهد والوقت".
ومن متابعته بعد أن نشرت الصحف عناوين ومواعيد الفعاليات أنه "أمام فعاليات رائعة وحضور جماهيري مكثف تجاوز فيه المنظمون مشكلة الأعوام الماضية، أما من ناحية الكتب فهناك منافسة بدأت تظهر في الصحف بين كثير من العناوين والكتاب والمؤلفين الذين يصرحون بتواجد كتبهم في المعرض القادم لذلك فأنا أتوقع أن حضور الفكر سيكون كبيرا هذه المرة إلى جانب الرواية على تراجعها، لكن المشاهد هو عودة المجموعات الشعرية والنصوص الإبداعية القصيرة".
خواجا
خواجا: لابد من سياسة واضحة وحركة منظمة للنشر
خواجا: لا اتحاد ناشرين يخدم الكتاب
الكاتبة والأكاديمية ميساء خواجا، تنظر إلى دور" منشورات الأندية الأدبية، رغم أنها تعمل في إطار النشر المشترك، لكن لا أرى أنه حقق الدور المأمول في نشوء دور نشر جديدة، حيث ظل العرض يقتصر - غالبا - على دور نشر موجودة سلفا. ربما يرجع ذلك إلى غياب سياسة واضحة وحركة منظمة للنشر، وربما إلى افتقاد مرجعية تنظم حركة النشر كوجود اتحاد للناشرين السعوديين".
وتضيف أنه "تحتاج دور النشر إلى منهجية واضحة وإلى استراتيجية تحدد نوع المنشور وأهداف النشر، ربما تكمن هنا إشكالية في أن بعض دور النشر تبحث عن عوامل تسويقية - وربما يكون هذا حقا مشروعا - لكن ذلك لا يتوازن مع نشر معرفي وإبداعي حقيقي، تحتاج أيضا إلى دراسة منهجية للمجتمع القرائي ومعرفة متطلباته من دون السقوط في فخ الربح المادي فقط".
وتلاحظ أن هناك تطورا معرفيا وإبداعيا، فترى "على مستوى الإبداع هناك محاولات تجديدية وتجريبية متعددة، والمشهد الإبداعي يشهد تنوعا وثراء في عدد من المحاولات التي فتحت باب الجدل والنقاش، وهذا في حد ذاته يشكل غنى للمشهد الثقافي، يرفد ذلك محاولات تأليفية متنوعة ناقشت قضايا حساسة ومهمة تشي بتطور مهم وانفتاح في مناح فكرية وإبداعية متنوعة، هناك قضايا مهمة باتت تطرح في المشهد الثقافي المحلي وصار المبدعون يتناولون قضايا مهمة في المجتمع المحلي، والأهم من ذلك أن بعضهم بدأ يكتسب ثقة القارئ المحلي والعربي ويحظى باهتمامهما، وهذا مؤشر مهم يمكن العمل على تطويره وطرح كتابة جادة واعية تناقش التغيرات الاجتماعية والثقافية وهو ما يمكن ملاحظته في عدد من الإصدارات التي ظهرت مؤخرا".
وترى وفقا لما يصدره معرض الكتاب من إحصائيات أن "هناك قوة شرائية عالية في المجتمع السعودي، وإقبالا واضحا يمكن أن يلحظه أي متتبع لمعرض الكتاب، الأمر الذي يمكن أن يعني وجود نهم شرائي أو قرائي، ويمكن ملاحظة إقبال عدد واضح على شراء المؤلفات السعودية - على اختلاف في الأسباب، لكن ذلك يمكن أن يقود إلى تزايد في حركة التأليف، لكني لست مع التأليف لمجرد التأليف، أو لمجرد التوازي مع حركة الشراء القوية".
وتعزو سبب قلة حفلات توقيع الكتاب "إلى غياب اتحاد للكتاب يمكنه أن يقوم بمثل هذه الفعاليات، ومن ثم تظل معظم حفلات التوقيع ناتجة عن جهود فردية، أيضا يمكنني القول إن عوائق اجتماعية يمكن أن تتدخل أحيانا في مسألة الحد من حفلات التوقيع لاسيما إذا كانت المؤلفة امرأة، نحن بحاجة إلى ترسيخ ثقافة الاهتمام بالكتاب المقروء، وأن حفلات التوقيع تحمل معنى أكثر من مجرد المجاملة لصديق أو زميل، هي إعلان عن ولادة كتاب جديد تستحق الاحتفاء، تظل المسألة في النهاية مرتبطة بالإقبال على الكتاب والاهتمام بصدوره خارج فترات زمنية محددة بفعاليات معينة مثل معارض الكتب، إن ذلك لا يعني إسقاط دور معارض الكتب فهي فرصة لوصول العدد الأكبر من القراء والتفاعل المباشر معهم".
وتتطلع "أن تكون هناك نقلة نوعية في مستوى الأنشطة المصاحبة واستضافة عدد من الأسماء المهمة في المشهد الثقافي العربي والعالمي إضافة إلى المشهد المحلي وهو أمر بدأت تظهر تباشيره في الفعاليات القادمة التي تم الإعلان عنها مؤخرا. أرجو أن يكون هناك تنوع وغنى في نوعية الكتب المعروضة، وأن تزداد مساحة الفسح لاسيما مع وجود نوع من الوعي الذي يسمح للقارئ بإدراك الغث من السمين، وأن لا يكون المنع محددا لنوعية الإقبال والشراء".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.