برعاية الملك.. انطلاق المنتدى الدولي للأمن السيبراني    مجلس التعاون يدعم لبنان ويدعو لوقف إطلاق النار في غزة    الاتحاد يلعن غياب "كانتي" عن مواجهة الأخدود للإصابة    ملاكمة الاتفاق أبطال المنطقة الشرقية ب 19 ميدالية متنوعة    «الصحة اللبنانية» : 46 قتيلاً حصيلة الغارات الإسرائيلية على لبنان الأربعاء    سراة عبيدة: افتتاح مهرجان الرمان    اسم تجاري إلزامٌ لكل تاجر.. و50 ألفا غرامة المخالفين    اتفاقية شراكة بين كرة المناورة واتحاد الجامعات    في الشباك    يونايتد وتن هاغ للخروج من النفق المظلم أمام بورتو    دوري أبطال آسيا للنخبة .. التعاون يتعثّر أمام القوة الجوية العراقية بهدفين    عضوية «هيئة الصحفيين» عام كامل    القهوة تقي من أمراض القلب والسكري    جراحة السمنة تحسن الخصوبة لدى النساء    «مايكروسوفت» تتصدى لهلوسة الذكاء الاصطناعي    مجلس التعاون الخليجي يطالب بضبط النفس في المنطقة وتغليب لغة الحوار    الفرج ينقل تعازي وزير الداخلية لذوي شهيد الواجب السبيعي    سعوديون يصرون على الاستدانة    الابتكار والاستثمار السياحي في الأحساء.. هل يأتي بحجمه أو بتأثيره؟    شارك في حوار برلين العالمي .. وزير المالية: التخطيط طويل المدى يعزز التنمية المستدامة    البنك المركزي السعودي يصدر مبادئ "الالتزام"    "منشآت" تنظّم ملتقى "بيبان24″ .. نوفمبر المقبل    بعدما أصبح هداف الهلال آسيويا.. الدوسري يقترب من صدارة هدافي القارة الصفراء    مبادرة «قهوة مع الأمين» حرية.. شفافية.. إنجاز    "مهوب حلال أبوك"!    المطوف جميل جلال في ذمة الله    رواد الكشافة باالطائف يطمئنون على الرائد عطية    نادية حسنين في ذمة الله    هل بدأ حريق سوق جدة الدولي من «محل أحذية»؟    مملكة العز والإباء في عامها الرابع والتسعين    يوميات معرض    الرياض "تقرأ"!    جادة القهوة    العلا.. حماية التراث الطبيعي والإنساني    تثمين المواقع    لماذا لا تبكي؟    المفتي العام يستقبل مفوّض الإفتاء بجازان    وداعاً يا أم فهد / وأعني بها زوجتي الغالية    وطن خارج الوطن    شركة أمريكية تدعم أبحاث طبيب سعودي    نملة تأكل صغارها لحماية نفسها من المرض    برعاية وزير الإعلام.. «الإذاعة والتلفزيون» تطلق مشاريع وبرامج جديدة بقيمة تتجاوز 150 مليون ريال    إسرائيل تناقش الرد على طهران .. وبيزشكيان: لا نريد الحرب    ولي العهد يهنئ شيغيرو إيشيبا بمناسبة انتخابه رئيساً للوزراء في اليابان    أمير القصيم يكرّم عددا من منسوبي الشرطة    السعودية تفوز باستضافة مؤتمر الرابطة الدولية للمدعين العامين لعام 2026    العيسى في معرض «كتاب الرياض»: وثيقة مكة ترسي حقيقة الإسلام    أمير الشرقية يدشن حملة الشرقية وردية " 16 " للكشف المبكر عن سرطان الثدي    مجزرة إسرائيلية جديدة.. والاحتلال يقتحم خان يونس    ابتداءً من 3 أكتوبر.. الفصل في خلافات العمالة المنزلية ومن في حُكمهم عن طريق المحاكم العمالية بوزارة العدل    تعزيز التعاون المشترك في المجالات الثقافية بين السعودية والكويت    «الشورى» لجامعة حفر الباطن: فعّلوا الابتكار واستفيدوا من «ادرس في السعودية»    والد الشهيد أكرم الجهني ل«عكاظ»: نبذل الغالي والنفيس فداء للوطن    أمير الشرقية يثمن دعم القيادة للقطاع الصحي    الحياة الزوجية.. بناء أسرة وجودة وحياة    أمير مكة المكرمة ونائبه يعزيان أسرتي الشهيدين في حريق سوق جدة    طريقة عمل سلطة البطاطس بالكزبرة والليمون والثوم    المملكة.. الثبات على المبدأ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تثمين المواقع
نشر في الرياض يوم 03 - 10 - 2024

يمنح الله تعالى من شاء من عباده ما شاء، ويفتح لمن شاء باباً معيَّناً من أبواب المواهب، فيشتغل به، وربما صار هذا الاشتغال تخصُّصاً دقيقاً ينقطع إليه صاحبه، ويعكف عليه، ويرتبط اسمه به، فيذكر به إذا ذكر، ويُيسِّر لبعضهم الاتصافَ بأكثر من موهبةٍ، والاشتغالَ في مجالاتٍ متعدّدة، وقسمة الاهتمامات والمعارف بين الناس من قسمة الأرزاق الجارية بحكمة الله تعالى، فمعارف الإنسان ونوعيّةُ المواقع التي يستطيع أن يشتغل فيها من صميم رزقه، ووسيلة معيشته، وقد قال الله تعالى: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا)؛ فبهذا تتحقق استفادة الناس بعضهم من بعض، وتبادلهم المنافعَ، واحتياج بعضهم إلى بعض، وهذا من متطلَّبات عمارة الأرضِ وإصلاحها، وإذا كان كذلك فينبغي للمسلم أن ينظر إلى أي موقعٍ من مواقع الأعمال على أنه محترم، وأن يُثَمِّنَ دورَ القائم به وإن اختار هو مجالاً آخر، فاختلاف مواقع الناس في مزاولة الحياة ليس إلا اختلاف تنوُّع، يعود على المجتمعات بفوائد كثيرةٍ، ولي مع تثمين المواقع وقفات:
الأولى: أولى المواقع بالتوقير موقع الإمامة؛ فإن وليَّ أمر المسلمين ساعٍ في أكثر المصالح عموماً، فيجب على المسلم أن ينظر إلى هذا الموقع ومن يتقلّده بنظرة توقيرٍ، ولا تصاب المجتمعات في مقتلٍ أنكى من أن تتجرأ على هذا المنصب، وأُولى الفتن التي عانت منه الأمة إنما نشأت من تصرفات أناس لا يرون لمنصب الإمامة ما يجب له من الصيانة والاحترام، ثم صار ذلك ديدنَ الخوارج وأهل الفتن والمتربصين بالأمة، وقد وردت السنة بتوقير منصب السلطان عموماً وخصوصاً، أما العموم فعن عائشة رضي الله تعالى عنها، أنها قالت: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم" أورده الإمام مسلم معلّقاً، ومعلوم ما لمنزلة السلطان من الرفعة، وأما الخصوص فعَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ مِنْ إِجْلاَلِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِى الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِى فِيهِ وَالْجَافِى عَنْهُ وَإِكْرَامَ ذِى السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ". أخرجه أبو داود، وحسنه الألبانيُّ، ولا يخفى ما أوجبه الله تعالى في كتابه وعلى لسانِ رسوله صلى الله عليه وسلم من طاعة ولاة الأمر، ولا يقوم بواجب السمع والطاعة حقَّ القيام إلا من أشرِب قلبُه القناعةَ بمبدأ عظمة الإمامة، وانتبه إلى ما يترتب على صيانة مقامها من المصالح، وما يترتب على الاستهانة بها، ومحاولة النيل منها من المفاسد.
الثانية: مراعاة المصالح ليست على الهامش في ديننا الحنيف، بل هو مؤسس على جلب المصالح ودرء المفاسد الدينية والدنيوية، ولما كانت المصالح الضرورية والحاجية والكمالية لا يمكن أن تجتَلَبَ إلا بتكاتفٍ مجتمعيٍّ متناسقٍ منظَّمٍ، بل كلّما كثرت مصالح المجتمع احتيج إلى أن تتوسع دائرة اهتمام أفراده، فلم تكن مواقع العمل ومرابط الإنجاز محصورة في عدد معين، بل تتوالد بصورة مطّردةٍ على مدى تطور الحضارة البشريّة، وقد ينتقل شيء منها من صفوف الكماليات إلى الحاجياتِ، ومن مرتبة الحاجيات إلى كونه ضروريّاً، بحسب توقُّف المصلحة عليه، ولما كان التنوع العملي بهذه الأهميّة، نال العناية اللائقة به في التشريع الإسلامي، فكانت عمارة المواقع التنظيمية والعملية واجباً على مجموع الأمة، وما من عملٍ يحتاج إليه الناس في معاشهم، وتتعطل مصالحهم بشغور البلاد منه إلا ومعرفته والقيام به فرض من فروض الكفاية، ولا يسع أهلَ بلد أن يتفقوا على إهماله، وإذا نوى المشتغل به أنه يسدّ ثغراً من ثغور الحياة، وينفعُ المجتمعَ بذلك، وزاوله بأمانة وإخلاص ونصيحة، فهو مأجور مشكور على ذلك، ولا يتعارض ذلك مع كونه مكسباً له في معاشِه؛ لأن النية الصالحة يُثابُ عليها العبد، وقد اقترنت هنا بعمل مطلوب من الأمة بمجموعها، وإن لم يطلب من كل فرد بصفته الشخصية، فمن قام به بنية صالحة أثيب عليه.
الثالثة: من الأخطاء التي يقع فيها كثيرٌ من الناس التقليل من شأن عمل معين، والمبالغة في التفضيل المطلق للمجال الذي يشتغل فيه، حتى يوهم الناس أن من لم يشتغل به فهو مغبون، وهذا نوع خفيٌّ من الاعتداد بالذات، وذلك أنه إذا تكلم أوهم السامعَ أنه يمدحُ مجالَه العمليَّ أو العلميّ؛ لما في المجال من المصالح والإيجابيَّات، والواقع أنه إنما بالغ في الاعتداد به ومحاولة إقصاء غيره؛ لتلميع نفسه بذلك، وليس هذا منهج المنصفين، فالمنصف يشجِّع غيره على الاستمرار، ويذكّره بالإيجابيات المترتبة على ذلك، وإذا تلاقى منصفان كلٌّ منهما ينجز في مجاله تبادلا الثناء والتشجيع، ولا يصعب على كل منهما الجمع بين الاغتباط بتخصصه، وبين الاعتراف بفضل غيره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.