قررت السلطات الجزائرية أمس الاثنين إغلاق القناة التلفزيونية الخاصة "الوطن" وذلك بداعي "ممارستها نشاطاً غير شرعي وبثّها أفكاراً هدامة". والقناة هي الثانية التي تتعرض للإغلاق بعد قناة "الأطلس" قبل أكثر من سنتين، وذلك عقب استقبال برنامج حواري بالقناة القائد السابق للجناح المسلح للحزب المحظور "الجيش الإسلامي للإنقاذ" مدني مزراق الذي حذّر فيه السلطات من مغبة منعه من تأسيس حزب سياسي كان قد أعلن عنه في شهر أغسطس الماضي بأحد معاقله السابقة بولاية جيجل شرق البلاد بل وتوعد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة ب"إسماعه كلاما لم يسمعه من حياته من قبل". ولم تمرّ تهديدات مزراق مرور الكرام، وسرعان ما أعلنت وزارة الإتصال عبر وزيرها حميد قرين إقدامها على رفع شكوى ضد القناة بتهمة "الإساءة لرموز الدولة" وذهب الوزير إلى أبعد من ذلك عندما ذكّر القناة بأنها تعمل في إطار غير قانوني وغير شرعي على اعتبار أنها غير معتمدة وتخضع للقانون الدولي وهي التهمة نفسها التي وجهتها الشرطة لمسؤولي القناة لدى تشميعها المقر وإخلائه من صحافييه. وجاء إغلاق القناة فيما كان مالكها "جعفر شلّي" موجوداً خارج البلاد. ويعدّ مالك القناة من قيادات أكبر حزب إسلامي في الجزائر "حركة مجتمع السلم" وكان عضو مكتبها الوطني وهو رجل أعمال معروف قرر الاستثمار في القطاع السمعي منذ قرار السلطة الانفتاح على القطاع الخاص. وفي تصريح ل"الرياض" أكد مدير أخبار القناة نصر الدين قاسم أن الشرطة منعت طاقم القناة صباح أمس من دخول المقر ومنعت الصحافيين من أخذ مستلزماتهم وأغلقت المقر وكل التجهيزات بداخله قبل أن تقرر حجزها لاحقا. ووصف نصر الدين قاسم قرار الإغلاق بأنه "جائر" وعلّق بشأن تهمة "بث أفكار هدامة" أنها غير صحيحة على اعتبار أن "المؤسسة تقوم بنشاطها منذ أكثر من عامين ولم تبث يوما أو تغطي نشاطات غير شرعية أو غير مؤسسة". وأثار تصرف السلطة الجدل في الساحة الإعلامية والسياسية لا سيما أن مدير ديوان الرئاسة أحمد أويحي كان قد وجّه لمدني مزراق دعوة رسمية للمشاركة في مناقشة وثيقة الدستور، وها هو أويحي الآن يستنكر على الإعلام فسحه المجال لمزراق ليتحدث عن حزبه المرتقب. وجاءت أول ردود الفعل من رئيس الحزب الإسلامي الأكبر في البرلمان "حركة مجتمع السلم" عبدالرزاق مقري الذي قال للصحافيين مباشرة بعد قرار وزارة الإتصال رفع دعوى قضائية ضد القناة: "إنّ مالك الوطن جعفر شلي، مستهدف لأنه من حركة مجتمع السلم، رغم أنّ القناة ليس لها علاقة بالحركة". مزراق في حواره مع القناة