في ظل السعي الجاد لغالبية دول العالم لخلق التكتلات الاقتصادية والاندماج فيها؛ من أجل تحقيق المصالح الاقتصادية المشتركة، تظل المكونات الاقتصادية أحد أهم العوامل المساعدة لتحقيق أهداف هذه التكتلات، فما بين النجاح والفشل تدور تفاصيل هذه المحاولات والمساعي الحثيثة ومنها دول الاتحاد الأوروبي التي وجدت أمامها عقبات متنوعة تمثلت بعضها في عدم قدرة بعض الدول الأعضاء فيها على الالتزام بالمعايير المطلوبة مما سبب تواجد تلك الدول في مهب ريح الأزمات الاقتصادية. إلا أن الحال يختلف كثيراً فيما يخص دول مجلس التعاون الخليجي كما أوضح ذلك الكاتب والمستشار الاقتصادي الدكتور عبدالرحمن الصنيع، حيث بين خلال حديثه ل "الرياض " أن تقارب المكونات الاقتصادية فيما بين الدول الأعضاء يعد عاملاً مهماً لإنجاح مسيرة التعاون في تحقيق الوحدة الاقتصادية الكاملة بينهم. وذكر أن المراحل الضرورية لتحقيق مسيرة التكامل الاقتصادي بين دول المجلس لا زالت دون مرحلة الاستكمال المأمولة، وأنها تستلزم التدرج في استكمال البنود الأساسية عبر خمس مراحل ضرورية تتطلب استيفاء تفاصيل كل مرحلة قبل الانتقال للمرحلة الأخرى وهي الاتفاقية التفاضلية الجمركية التي تعد بمثابة الاتحاد الجمركي فيما يتعلق بالتسهيلات والإعفاءات الجمركية على مجموعة ( مفضلة ) من السلع والخدمات بين الدول الأعضاء، بالإضافة إلى اتفاقية التجارة الحرة والتي تعمل على إلغاء العوائق الجمركية في التبادل التجاري بين دول المجلس مع الاحتفاظ بحرية كل دولة بالنسبة للتبادل التجاري مع الدول التي ليست عضوا في الاتفاقية، والاتحاد الجمركي الذي يعمل على إزالة الحصص والتعريفات الجمركية على جميع السلع والخدمات بين جميع الدول الأعضاء، والعمل على تعيين نهج محدد للتبادل التجاري مع الدول غير الأعضاء. وذكر الدكتور الصنيع أن السوق المشتركة تعد إحدى المراحل التي تساعد في استكمال مسيرة التكامل الاقتصادي بين دول المجلس عبر السماح بحرية التنقل لعوامل الإنتاج بين الدول الأعضاء في اتفاقية السوق المشتركة ( رأس المال – الأيدي العاملة – التقنية، وغيرها ) بالإضافة إلى إزالة الحصص والتعريفات الجمركية على جميع السلع والخدمات بين دول المجلس وفق سياسات جمركية موحدة. وقال إن الوحدة الاقتصادية هي المرحلة الأخيرة والمهمة في هذه المرحلة والتي ستمهد لتوحيد الأنظمة والإجراءات التي تتعلق بحقوق المواطنة لشعوب هذه الدول وكذلك العملة وبطاقات الهوية وجوازات السفر والمواصفات والمقاييس والمعايير الخاصة بالإنتاج توحيد اللوائح والتشريعات الخاصة بالعلاقات والتبادل التجاري البيني والخارجي؛ وكذلك توحيد نهج السياسات المالية والنقدية بين الدول الأعضاء واندماج البنوك والشركات التجارية، بالإضافة إلى إنشاء مصرف مركزي موحد، ومقر للأمانة العامة للوحدة الاقتصادية في إحدى عواصم الدول الأعضاء. وأضاف إن أي مجموعة من الدول والتي يربطها أي تكتل اقتصادي دون مستوى مرحلة الوحدة الاقتصادية الشاملة (أي من التكتلات الأربعة الأولى)، أحياناً قد تقوم دول المجموعة وبدافع من الحماس بأن تحاول الهرولة والقفز باتخاذ القرار نحو توحيد عملاتها أو توحيد بطاقات الهوية أو توحيد جوازات السفر أو إصدار التأشيرة الموحدة للزائرين، ويعد ذلك قراراً غير صائب، حيث إنه قد يضرّ بكل ما تم إنجازه على الرغم من تواضع ما يتم تحقيقه ؛ كون عملية توحيد العملة والإجراءات الأخرى لابد أن تتم عند نهاية المرحلة الخامسة والأخيرة من التكتل الاقتصادي، وعند توحيد العملة في نهاية مرحلة الوحدة الاقتصادية هناك معايير يجب الوفاء بها ومنها أن لا يتجاوز عجز الميزانية 3% من إجمالي الناتج المحلي، وكذلك ألا يتجاوز حجم الدين العام 60% من إجمالي الناتج المحلي، وعدم تجاوز معدل التضخم 1.5% من متوسط نسبة التضخم لمجموعة الدول الأعضاء، وأخيراً أن يكون سعر الفائدة طويلة الأجل دون 2% من متوسط نسب أسعار الفائدة للدول الأعضاء. المكونات الاقتصادية « تعزز جهود دول مجلس التعاون لتحقيق مرحلة التكامل