دعا اقتصاديون إلى تفعيل ميثاق دول مجلس التعاون الخليجي والذي يهدف إلى تحقيق التنسيق والتكامل والتعاون في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين الدول الأعضاء، موضحين أن هذا الميثاق لم يحقق الأهداف المرجوة منه طيلة ال 34 عاماً الماضية. وعزوا ذلك إلى عددٍ من العوامل الواقفة أمام تحقيق التكامل الاقتصادي على وجه الخصوص منها الجانب السياسي، فعند تأسيس المجلس كان هناك هاجس كبير في المجالات الأمنية والدفاعية نظراً للظروف التي كانت تمرّ بها دول المجلس في ذلك الوقت، كما أن هذه الدول لم تستطع استكمال المراحل الضرورية لمسيرة التكامل الاقتصادي فيما بينها؛ لعدم توحيد القوانين الاقتصادية فيما بين هذه الدول كقوانين الاستيراد والتصدير والتعرفة الجمركية وأنظمة وزارات العمل في دول المجلس، بالإضافة إلى أنظمة الهجرة والإقامة والجمارك. وأكد نائب رئيس مجلس شباب أعمال بغرفة الشرقية عمر الجريفاني على أهمية معرفة الميز النسبية التنافسية لدول مجلس التعاون الخليجي، والعمل على تفعيل ميثاق التعاون الاقتصادي فيما بينها؛ تحقيقاً للأهداف المأمولة من هذا التعاون، حيث تطرقت المادة الرابعة من النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي إلى عددٍ من الأهداف الرئيسة للمجلس كتحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها، وتعميق الروابط والصلات وأوجه التعاون القائمة بين شعوب دول المجلس في مختلف المجالات، ووضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين بما في ذلك الشئون الاقتصادية والمالية والتجارية والجمارك والمواصلات والتعليمية والثقافية والاجتماعية والصحية والإعلامية والسياحية والتشريعية والإدارية، بالإضافة إلى دفع عجلة التقدم العلمي والتقني في مجالات الصناعة والتعدين والزراعة والثروات المائية والحيوانية وإنشاء مراكز بحوث علمية وإقامة مشاريع مشتركة وتشجيع تعاون القطاع الخاص بما يعود بالخير على شعوب دول المجلس، مشيراً إلى أهمية توجه الدول الأعضاء في المجلس والتي لا تمتلك ثروات إلى تطوير هذه الجوانب والارتقاء بها بما يوائم الحركة التجارية مع بقية دول المجلس. توحيد قوانين وأنظمة دول المجلس إحدى متطلبات الفترة الراهنة وقال الاقتصادي الدكتور عبدالرحمن الصنيع إن مجلس التعاون الخليجي والذي تم تأسيسه في فبراير1980م يعتبر تنظيماً دولياً إقليمياً محدود العضوية للدول الست وهي المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين وسلطنة عُمان، وكما يبين ميثاق المجلس الذي وقع عليه قادة الدول الست أن الهدف من إنشاء المجلس هو تحقيق التنسيق والتكامل والتعاون في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين الدول الأعضاء في المجلس، الأمر الواضح أنه قد تم بالفعل تحقيق بعض الإنجازات والتقدم في بعض هذه المجالات، لكن الهدف الأكثر أهمية هو تحقيق مسيرة التكامل الاقتصادي والذي لم يتحقق منه إلا الشيء القليل ولا يرقى إلى طموحات زعامات وشعوب هذه الدول بالرغم من مرور [34] عاماً. وأضاف الدكتور الصنيع أن هناك عدة أسباب وراء عدم تحقيق المزيد من الإنجازات في مسيرة التكامل الاقتصادي، ونرى بأنه يمكن تصنيفها تحت شقين أساسيين لعرقلة هذه المسيرة أولاً الشق السياسي فمثلاً عند بدايات تأسيس المجلس كان هناك هاجس كبير في المجالات الأمنية والدفاعية نظراً للظروف التي كانت تمر بها دول المنطقة آنذاك، والأمر المؤسف أن هذه الظروف تفاقمت مؤخراً وأخذت أبعاداً إقليمية ودولية معقدة لدرجة أن مواقف دول المجلس لم تصل إلى موقف موحد حيال بعض المشاكل الراهنة، حيث كان من الضروري أن يكون تركيز وتوجيه أولى اهتمامات دول المجلس نحو المجالات الأمنية والدفاعية وإيجاد الآليات والوسائل الكفيلة لتحقيق الوفاق والأمن والاستقرار لدول المجلس. وقال أما فيما يتعلق بالبعد الاقتصادي حيث دول مجلس التعاون لم تتمكن من استكمال المراحل الضرورية لمسيرة التكامل الاقتصادي، فمسيرة التكامل الاقتصادي بين دولتين أو أكثر تتطلب التدرج في استكمال بنود أساسية لخمس مراحل للوصول إلى الوحدة الاقتصادية الشاملة، وفي كل مرحلة لابد من مجموعة الدول أن تستوفي معطيات كل مرحلة قبل الانتقال إلى المرحلة التي تليها، وهذه المراحل ومعطياتها هي الاتفاقية التفاضلية الجمركية، وتعتبر بمثابة اتحاد جمركي حيث يتم اتفاق مبدئي بين الدول الأعضاء بخصوص التسهيلات والإعفاءات الجمركية على مجموعة (مفضلة) من السلع والخدمات بين بعض الدول الأعضاء في الاتفاقية، وكذلك منطقة التجارة الحرة والغرض من هذه الاتفاقية إلغاء العوائق الجمركية في التبادل التجاري بين الدول الأعضاء، مع احتفاظ كل دولة بالحرية الكاملة بالنسبة للتبادل التجاري مع الدول التي ليست عضواً في الاتفاقية، والاتحاد الجمركي والذي يهدف إلى إزالة الحصص والتعريفات الجمركية على جميع السلع والخدمات بين جميع الدول الأعضاء. وأكد الدكتور الصنيع على أن دول الاعضاء الخليجية تتفق على نهج سياسات جمركية موحدة بالنسبة للتبادل التجاري مع الدول غير الأعضاء في اتفاقية الاتحاد الجمركي، بالإضافة إلى إقامة سوق خليجية مشتركة والتي ستعمل على السماح بحرية التنقل لعوامل الإنتاج بين الدول الأعضاء في اتفاقية السوق المشتركة (مثل رأس المال، الأيدي العاملة، التقنية، وغيرها)، والوحدة الاقتصادية وهي المرحلة الأخيرة في تحقيق الوحدة الاقتصادية الشاملة، ومن خلالها تسعى الدول الأعضاء لتوحيد كل ما هو يتعلق بالمقومات الاقتصادية لدولهم للرقي بها مثل توحيد الأنظمة والإجراءات التي تتعلق بحقوق المواطنة لشعوب هذه الدول، وتوحيد العملة وجوازات السفر وإصدار التأشيرات للراغبين في زيارة أو دخول أي من دول المجموعة، وتوحيد المواصفات والمقاييس والمعايير الخاصة بالإنتاج؛ وتوحيد اللوائح والتشريعات الخاصة بالعلاقات والتبادل التجاري البيني والخارجي، وتوحيد نهج السياسات المالية والنقدية بين الدول الأعضاء، واندماج البنوك والشركات التجارية، بالإضافة إلى إنشاء بنك مركزي موحد بفروع متعددة في مختلف عواصم دول المجلس. وتابع يجب التنويه هنا بأن أي مجموعة من الدول يربطها أي تكتل اقتصادي دون مستوى مرحلة الوحدة الاقتصادية الشاملة (أي من التكتلات الأربعة الأولى)، قد تقوم دول المجموعة – أحياناً - وبدافع من الحماس بأن تحاول الهرولة والقفز باتخاذ قرار نحو توحيد عملاتها أو توحيد بطاقات الهوية أو توحيد جوازات السفر أو إصدار التأشيرة الموحدة للزائرين، وهذا يعد قراراً خاطئاً جداً وقد يضر بكل ما تم إنجازه بالرغم من تواضع ما يتم تحقيقه؛ لأن عملية توحيد العملة والإجراءات الأخرى لابد وأن تتم عند نهاية المرحلة الخامسة والأخيرة من التكتل الاقتصادي وعند توحيد العملة في نهاية مرحلة الوحدة الاقتصادية هناك معايير يجب أن يتم تحديدها حسب الظروف الاقتصادية لدول المجموعة، وأن تلتزم وتتقيَّد بها مجموعة الدول الأعضاء، وأمثلة أهم هذه المعايير هي أن لا يتجاوز عجز الميزانية نسبة 3٪ من إجمالي الناتج المحلي، وأن لا يتجاوز حجم الدين العام نسبة 60٪ من إجمالي الناتج المحلي، وكذلك أن لا يتجاوز معدل التضخم نسبة 1.5٪ من متوسط نسبة التضخم لمجموعة الدول الأعضاء، وأن لا يتجاوز سعر الفائدة الطويلة الأجل نسبة 2٪ من متوسط نسب أسعار الفائدة للدول الأعضاء. عمر الجريفاني