بلادُ العُربِ أوطاني منِ الشامٍ لبغدانِ ومن نجدٍ إلى يمنٍ إلى مصرٍ فتطوانِ كم تغنينا بها ونحن صغار.. كم عشنا لحظات من الفخر والاعتزاز بعروبتنا.. كم حفظنا خريطة الوطن العربي التي تزين كراساتنا.. كم تنافسنا على رسم أعلام دولها، ومعرفة عواصمها، تضاريسها، عدد سكانها، مواردها الطبيعية، وحدودها الجغرافية التي رسمها الاستعمار، وتاريخ استقلالها ونهضتها، وأبرز معالمها.. كم كانت سعادتنا غامرة عند سماعنا بانعقاد اجتماع جامعة الدول العربية وما يصدر عنها من قرارات، ولو كانت عبارات شجب أو استنكار جوفاء.. كم هو جميل أن يعيش المرء وهو يشعر بأن له عصبة وأخوة يستند إليهم في الملمات.... كل ذلك كان مجرد شعور خادع وشيئًا من نسج الخيال أقرب إلى الأمنيات والأحلام.. فعندما جدّ الجد، لم نجد لا معينا ولا مجيبا!! فقد تكالب الأعداء علينا من كلِ حدبٍ وصوب، دمرت أمريكاالعراق لتبتلعها فارس، وروسيا احرقت سوريا لتحتلها إيران، ولبنان تحت وصاية حزب الله الطائفي، واليمن أشعلها عفاش وسلمها للحوثي الموالي للولي الفقيه.. فما عادت دول عربية شقيقة، بل أصبحت دول عدائية شقية تؤذي إخوانها، وجرائمها تطال جيرانها.. وجامعة الدول العربية لا تبالي بما آلت إليه تلك الدول التي خرجت من منظومتها قلبًا وبقت قالبًا.. فلم تعد لنا مواقف موحدة في مواجهة الخصوم، فكل دولة تتخذ قرارها بمفردها دون التشاور والاتفاق مع شقيقاتها.. وتفرقت العصي ولم تعد رزمة واحدة.. ولم تعد بلاد العرب أوطاني ولا أخواني!!