بغضِّ النظر عمَّا فعله الرَّاقي أمام النصر المنهار مساء البارحة، وأيًّا كانت نتيجة المباراة التي أكتبُ لكم قبل مشاهدتها لا أعتقدُ أن الأهلي سيسعد عشاقه أمام الزعيم في النهائي المرتقب، في سهرة الجمعة على أرض درّة الملاعب. لستُ من المتشائمين، ولستُ من المحبطين، ولستُ من المخدّرين لكنّني من روّاد المدرسة المنطقية العقلانية التي تتعامل مع الأمور بلغة الواقع، لا بلغة الحلم. والواقع يقول كيف لفريق بلا روح، وهو لا يملك ثقافة البطولات أن يواجه فريقًا يواجه خصومه بشخصية البطل، ولا شيء غيرها، وكفى بها من شخصية. نعم هذه هي الحقيقة -شاء من شاء، وأبى من أبى- فالهلال لم يعد ذلك الفريق المدلل، الذي يقتات على أخطاء التحكيم لينتصر على الخصوم، ويحصد البطولات حتّى وإن عاد بنا عبدالعزيز البكر لصافرة أبو زندة، ويد النزهان لنردّد معه ما نسينا. هلال اليوم تعلّم العمل بصمت، والأكل بيديه حتّى يشبع، على عكس تلك الفرق التي تنتظر من يطعمها بالملعقة؛ لذلك فهي لم ولن تشبع أبدًا، والدليل أنّها وجماهيرها جائعة منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود؛ حتّى أن كاتب هذا المقال أنهى ربيعه الثلاثين دون أن يشهد أكثر من خمس فرق تعتلي منصة التتويج بلقب الدوري. أعود إلى الأهلي، وكم هي صعبة أحوال هذا الأهلي، وجماهيره التي تعجب لحال لاعبيها، الذين وكأنّهم قرّروا الانسحاب من سباق الألف ميل قبل خط النهاية بمئات الأميال، وسط روح انهزامية غريبة، ولن ألوم تلك الجماهير في حال قرّرت الغياب عن مشهد نهائي الدّرة. اعذروني إذا لم أكن من زمرة أولئك الإعلاميين المطبّلين، الذين سيعتبرونني خائنًا، ومخذلاً، وقد يصل الحال ببعضهم إلى اتّهامي بالتولّي يوم الزحف، وكل ذلك بحجة دعم الكيان والانتماء له، أمّا أنا فسأظلُّ مترقِّبًا متأمِّلاً لنتيجة اختبار هذا الأهلي بين القطبين. [email protected]