في جازان عادات وتقاليد نشأت في فترات زمنية متعددة، وانتشرت وتنامت حتى باتت موروثا شعبيا تتباهى به المنطقة بأسرها. وتعد فنون جازان ورقصاتها الشعبية واحدة من أبرز الموروثات الماثلة للعيان حتى الآن، رغم تطور الحياة وتعاقب الأجيال، حيث ظل أبناء المنطقة محافظين على هذا الموروث وأوفياء له، يتسابقون على تنظيمه في مناسباتهم الاجتماعية المختلفة بل وحتى الرسمية. وأنتجت الفنون الشعبية بجازان جيلا جديدا من أبناء المنطقة يحفظ تراثها، ويقدمه في مناسبات متنوعة، مبدعا فيه رقصا وإنشادا وأهازيج تملأ الوجدان. وتختلف تلك الرقصات الشعبية وفنونها تبعا للتنوع الجغرافي للمنطقة، إلا أن الأجيال المتعاقبة دأبت على الحفاظ عليه والتباهي به، فمن رقصة السيف الشهيرة إلى العزاوي والزامل والطارق والدلع والدانة والكاسر، وغيرها من الفنون والرقصات، كلها ظلت حاضرة مع إنسان جازان وصولا إلى أجياله الجديدة، فأبدعوا بأدائها ليس رقصًا فحسب بل حبًا وانتماءً يلحظه المتابع لفرق الفنون الشعبية بالمنطقة. إحياء الموروث يقول عمر أحمد قرموش، أحد شباب المنطقة، والفائز بجائزة أفضل راقص في مسابقة الفنون الشعبية الأولى التي نظمها فرع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون خلال مهرجان جازان الشتوي: أعشق رقصات جازان الشعبية، وكل قبيلتي تجيد الرقص الشعبي حتى أصبحت القبيلة مشهورة برقصة السيف، وأنا نشأت في هذا الجو من الإنتماء للتراث. ويضيف: بدأت الرقص الشعبي منذ مراحل طفولتي المبكرة، وتعلمت من أفراد قبيلتي وكنت ألازمهم في مناسبات مختلفة، ومع مرور الأيام تعلمت جيدا وابدعت في هذا. وعن الجائزة يقول عمر: الجائزة ليست مهمة كثيرا بالنسبة لي المهم أنني أحافظ على هذا الموروث الأصيل لمنطقتي.. ويوضح أن تلك الرقصات تحتاج التوافق بين حركات الأقدام والجسم مع قرعات الطبول وبخاصة الصحفة والزير، وذلك يحتاج إلى أذن تجيد سماع الطبول أولا، ومع الأيام تنمو الموهبة. ويقول عبده عثمان قرموش: إن الفنون الشعبية بجازان تمثل عنوانا لخصوصية المنطقة وتميز موروثاتها الشعبية، ويؤكد: نحن نفتخر بانتمائنا لفرقة الفنون الشعبية لأنها تمثل موروثا شعبيا أصيلا، وقد شاركنا في مهرجانات مختلفة منها المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية منذ مراحله الأولى كما شاركنا في معرض المملكة بين الأمس واليوم في العديد من دول العالم، ومنذ سنوات ونحن نقدم تراث جازان في قارات مختلفة، مؤكدا أنها لاقت إقبالا لافتا. الطبول والمصنف ويضيف يحيى مساوى: كل المناسبات الاجتماعية بجازان لا تخلو من مشاركة الفنون الشعبية، فهي المطلب الأساسي لكل الحاضرين وبخاصة في مناسبات الزواج، ويقول: عندما نشارك أحدا فرحته عبر الرقصات الشعبية نجد توافد الكثيرين حتى من غير المدعويين لحفل الزواج، مؤكدا أن أصوات قرع الطبول يصل صداها فيحضر الناس للمشاهدة، بل وحتى للمشاركة. مؤكدا أن قرع الطبول يؤثر في كثير من الحاضرين فتجده يطلب الرقص والمشاركة، موضحا انه كثيرا ما يفضّل رقصة العزاوي رغم صعوبتها. وفي منطقة جازان لا تكاد تخلو محافظة من وجود فرقة للفنون الشعبية، فهناك الشباب يتسابقون للإنتماء لتلك الفرق إيمانا منهم بعراقة الموروث الشعبي الذي تمثله، وأصالة الماضي وعراقة التاريخ الذي انحدرت منه تلك الفنون الشعبية، التي ارتبطت بحياة إنسان جازان في الجبل والسهل والساحل والجزر.