طرحت (المدينة) يوم السبت الفائت تحقيقًا حول التقويم المستمر المطبق منذ ست سنوات في مدارس التعليم العام، استطلعت فيه آراء بعض الخبراء والمشرفين التربويين والمعلمين حول هذه التجربة، وخلص التحقيق مجملًا إلى انتقاد المعلمين المشاركين لنظام التقويم المستمر، حيث يرون أنه مسؤول عن إهمال الطلاب وتراجع مستوياتهم وإخفاقهم، في حين أيّد الخبراء والمشرفون استمرار نظام التقويم المستمر مع تأهيل المعلمين لاستيعاب لائحة التقويم المستمر، والتمكن من استخدام أدوات قياس واضحة، حيث يرون أن ما جنى على نتائج التقويم المستمر هو أن غالبية معلمي ومعلمات المرحلة الابتدائية هم من الرعيل القديم الذي يصعب تحديثه لأدواته وتنميته لمهاراته. والحق أنه في العملية التعليمية فتش عن المعلم، والمعلم يجب أن يكون محترفًا في مهنته، يعنى بمهارات التعليم قبل أن يطالب التلميذ بمهارات التعلم، ففاقد الشيء لن يعطيه، والتلميذ في النهاية صورة لمعلمه مهما اختلفت الأنظمة وتغيرت المناهج، فالمعلم الذي يعرف رسالته لن يعدم سبيلاً لإيصالها، والعودة لنظام الاختبارات ليس حلاً إذا ما طور المعلم نفسه وعمل على تحديث أدواته وعصرية وسائله. مما جنى على تطبيق نظام التقويم المستمر فضلاً عما طرحه التحقيق هو آلية التطبيق، فعملية التقويم ينبغي أن يتبعها تصنيف للتلاميذ وفقًا لمستوياتهم، بحيث يعاد تشكيل الصفوف الدراسية وفقًا لهذه القدرات والمستويات، بل ووفقًا للاحتياجات المهارية لهم، بحيث يكون التلاميذ الذين لديهم احتياج للمهارات الكتابية في صف واحد ليسهل توجيههم ومساعدتهم بالأنشطة والمتابعة، وتسهل مهمة المعلم لتقارب المستويات، على عكس الصف التقليدي الذي يشمل عدة مستويات كل مستوى يتطلب جهدًا خاصًا وتدريبات خاصة، ومما أعاق عملية التصنيف وإعادة التشكيل هو اعتقاد المعلمين والمعلمات بأن الصف الأدنى مستوى سيتطلب جهودًا مضاعفة من المعلمين، وفي المحصلة سيكون الناتج التعليمي للصف متدنيًا مقارنة بالصف الذي جمع فيه الطلاب الأكثر قدرة، وهذا أيضًا مفهوم خاطئ وربما كان العكس هو الصحيح، لأن المعلم الذي يدرس الطلاب المتمكنين من كافة المهارات ويدركون كافة المعلومات سيمثلون تحديًا لقدرات المعلم على استثمار قدراتهم، والصعود بها لمستويات أعلى في ظل التقويم المستمر، الذي يعني استمرار تنمية مهارات كافة فئات التلاميذ حتى العباقرة منهم، ولهذا يفترض أن يتخطى المعلمون النظر لإعادة التشكيل بحسب المستويات بسطحية، لأن قيمة التقويم المستمر في التصنيف والتركيز على رفع كافة المستويات، ودعم كافة المهارات لدى جميع التلاميذ، ولا فرق بين معلم الصف الأدنى مهاريًا والأعلى مهاريًا إلا بما يبذله كل منهما من مجهودات، وما يتمتع فيه المعلم من كفاءة واحترافية في أدائه. [email protected]