عندما تتكرر تصريحات قادة فتح وحماس بأن المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية أصبحتا قاب قوسين أو أدنى من التحقق على أرض الواقع، ثم يرى المواطن الفلسطيني أن تلك التصريحات بعيدة كل البعد عن الواقع والجدية، فإن تلك القيادات تفقد مصداقيتها، ليس فقط أمام هذا المواطن، وإنما أيضًا أمام العالم كله، وتصبح بالتالي مسؤولة مسؤولية أخلاقية وتاريخية أمام شعبها. فما حدث مؤخرًا من تجدد الخلافات بين الجانبين سواءً بسبب مطالبة فتح لحماس بتقديم اعتذار لحركة فتح والشعب الفلسطيني بسبب منع حماس وفد الرئاسة وقيادة حركة فتح من الدخول إلى القطاع وفق ما أعلنته اللجنة المركزية لفتح، أو بسبب اللقاء الإسرائيلي- الفلسطيني الذي تم الأسبوع الماضي الذي اعتبر بأنه استئناف للمفاوضات رغم حمى الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية ونفي السلطة الفلسطينية لذلك بالقول إنه مجرد لقاء (استشرافي)، هذا في الوقت الذي لم يتمكن فيه الجانبان من إنجاز ملف واحد من ملفات المصالحة بما في ذلك ملف المعتقلين رغم العديد من الاجتماعات والاتفاقات، وتشكيل اللجان المعنية بتحقيق تلك الاتفاقات على أرض الواقع لإنهاء هذه المهزلة التي طالت كثيرًا عن سياقها الزمني وبات من الواضح أنها تسهل لإسرائيل استكمال مخططات الاستيطان والتهويد والاستمرار في تطبيق سياسة الاحتلال والعدوان والحصار وانتهاكاتها للاتفاقيات والمواثيق والقرارات الدولية في تعاملها مع الشعب الفلسطيني وحقوقه التي تقرها تلك المواثيق والقرارات، وما يمكن أن يترتب على تلك السياسات والانتهاكات من المزيد من سرقة الأراضي الفلسطينية، وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع وانتشار البطالة والفقر، وضياع عوامل صمود ونهوض الجماهير الفلسطينية تطلعًا نحو الظفر بحقوقهم الوطنية في الحرية والاستقلال والعودة. ليس غريباً أن تنجح إسرائيل في ظل هذه الظروف في إيجاد ما يصرف الفلسطينيين كشعب وقيادة عن أهدافهم وآمالهم الوطنية نحو أهداف ثانوية بعيدة كل البعد عن دحر الاحتلال وتحقيق حلم الدولة على أرض الواقع بدءًا من تحقيق مصالحة حقيقية تضمن تحقيق الوحدة الوطنية والسياسية والجغرافية بين شطري الوطن الذي لا يزال يرزح تحت وطأة الاحتلال والانقسام والحصار والمعاناة ونهاية بإعلان قيام الدولة الفلسطينية القابلة للحياة بعاصمتها القدس الشريف.