* كل عام والجميع بخير.. * أهنئ جمعية الثقافة والفنون بجدة على خطوتها الجميلة بإقامة «أمسيات وفاء» تم تخصيصها للاحتفاء بنجوم الأغنية السعودية من الروّاد الكبار الذين أثروا ساحة الفن السعودي بعطاءات كبيرة أسهمت في نشر ورقي الأغنية السعودية، والحقيقة أننا كنا منذ زمن نطالب الجهات المعنية بتقدير وتكريم رموز الفن السعودي الذين للأسف أصبحوا في ذاكرة النسيان وحتى الإعلام تجاهلهم، ولهذا فإن إعادة إحياء ذكراهم هو إعادة لتاريخ حافل بالعطاء المميز الذي قدمه هؤلاء الرواد. وكانت بداية موفقة من الجمعية باختيار الفنان الكبير الراحل عبدالله محمد ليكون أول من يتم الاحتفاء بذكراهم وعطاءاتهم في «أمسيات الوفاء» مساء يوم الأحد الماضي، فالراحل الكبير يرحمه الله من رموز الفن السعودي وتاريخه كبير وحافل وقد قدم للأغنية السعودية الكثير والكثير، وكان معروفًا عن الفنان عبدالله محمد تمّكنه الموسيقي وهذا يعود إلى ما كان يختزنه من أنغام ومقامات الموسيقى وكان يُلقّب ب «سفينة الأنغام» وقد أثرى بعطاءاته الفنية ساحة الأغنية السعودية بروائع كثيرة تعتبر من بدايات الأغنية السعودية الحديثة. كان الراحل الكبير عبدالله محمد مع عميد الفن طارق عبدالحكيم ومعهما مؤسّس الأغنية السعودية طلال مدّاح (يرحمه الله)، كانوا يشكّلون قمة الفن السعودي في العهد الذهبي للأغنية السعودية -آنذاك-، فقدموا وأعطوا وأثروا الساحة بروائع خالدة لا تُنسى، فمن ينسى رائعة: «كم تذكّرت سويعات الأصيل.. وصدى الهمسات ما بين النخيل» التي شدا بها الصوت الخالد طلال مدّاح، ومن لا يذكر رائعة: «يا صاحبي.. ما في الهوا راحة.. احذر تبيع القلب بجراحه.. يا صاحبي»، وقبل حوالي عام تداولت أسواق الكاسيت ألبوما جديدا للراحل طلال مدّاح احتوى على تسجيل نادر بالعود لأغنية عبدالله محمد «الحب أنت وأنا لو جمعتنا الليالي» بصوت طلال (يرحمهما الله)، وقد كانت تجمع الاثنين علاقة فنية وإنسانية كبيرة، وكذلك الحال مع عميد الفن طارق عبدالحكيم الذي كان أول من اكتشف موهبة عبدالله محمد الفنية وشجعه ودعمه وأخذه إلى فرقة الجيش الملكي التي كان يرأسها الأستاذ طارق (شفاه الله وعافاه)، فانطلق عبدالله محمد وقدم إبداعات كبيرة تدل على موهبته الكبيرة التي كان يتمتّع بها. أكرر تهنئتي لجمعية الثقافة والفنون بجدة على هذه الخطوة الجميلة، خطوة «أمسيات الوفاء» وهي فعلًا اسمًا على مسمى، وقد أكد لي مدير الجمعية الأخ العزيز عبدالله التعزي أن برنامج «أمسيات الوفاء» سيستمر على مدار عام كامل وسيتم الاحتفاء بفنانين كبار أمثال فوزي محسون ومحمد علي سندي وغيرهما. فأهلًا بأمسيات الوفاء.. وأهلًا بذكريات العطاء الصادق.. وتحية لكل رموزنا لفنية التي أسهمت وقدمت الكثير والكثير حتى وصل الفن السعودي اليوم إلى مكانة كبيرة على مستوى العالم العربي بفضل ما قدمه هؤلاء الروّاد. أتمنى أيضًا من بقية فروع جمعية الثقافة والفنون بمختلف مناطق ومدن مملكتنا الحبيبة أن تبادر هي أيضًا إلى تخصيص أيام وأمسيات وفاء لجميع فنانينا الكبار الرواد، ولا أنسى في هذا الشأن «ريادة» فرع جمعية الثقافة والفنون بالمنطقة الشرقية الذي يقوم سنويًا بالاحتفاء برموز الفن السعودي، ولا زلنا نذكر حفلته العام الماضي للاحتفاء بالفنان طلال مدّاح في حفل «مهيب» ورائع، وبعده حفل لتكريم العميد طارق عبدالحكيم، ففرع الجمعية بالشرقية له «الريادة» في ذلك ويستحق أن نشكره ونقدّره، وهذا ما نتمناه أيضًا من بقية الفروع؛ لأن تكريم الرموز والروّاد هو من أولويات ما يجب أن تقدمه الجمعية تجاه الذين أثروا ساحة الفن السعودي بالعطاء وجعلوا منه منارة ثقافية حضارية نتباهى بها بين غيرنا من الشعوب. إحساس عمر الزمان.. ما لوّع المشتاق والله الزمن مظلوم كيف الحنان.. يقسى على العشاق صار الضنا مقسوم ويا صاحبي.