أسماء كثيرة في ساحتنا الفنية السعودية تستحق التكريم والتقدير والاحتفاء بها وبما قدمته من عطاءات كبيرة خلال مسيرتها الفنية، وهذه الأسماء هم اليوم رموز كبيرة تضيء ساحة الفن والإبداع في المملكة، حتى الذين رحلوا عن الدنيا بقيت وستبقى أعمالهم وعطاءاتهم شاهدة على مر الزمان على ما قدموه من إبداع صنع ثقافة وفن الوطن بكل إخلاص وتفان. أقول أسماء كثيرة في ساحتنا الفنية تستحق التكريم والتقدير، لأنهم بالفعل أسماء كثيرة، وجميعهم لهم اسهاماتهم وعطاءاتهم، فكل فنان من رموزنا الفنية يستحق أن نقدّره على كل ما قدمه من جهد، وعلى كل ما أسهم به في الرقي بنهضة وفنون وثقافة بلادنا، وكما تقول الحكمة العالمية: "إذا أردنا التعرّف على حضارة أي بلد فلنرى ثقافته وفنونه". وهذا يأتي تقديرًا لدور الثقافة والفن في الرقي بالحضارات والإسهام في نهضتها. في بلادنا الحبيبة فنانون أخلصوا وقدموا إبداعاتهم الكبيرة التي صنعت الفن السعودي الذي هو اليوم في مقدمة الفنون العربية، وهؤلاء الفنانون لا يمكن أبدًا تجاهل ما قدموه، فلا يمكن أبدًا أن ننسى عطاءات مؤسس الأغنية السعودية طلال مدّاح، وعميدها الموسيقار طارق عبدالحكيم، وكل فنانينا: غازي علي، وعمر كدرس، وسراج عمر، ومحمود حلواني، وعبدالله محمد، وسامي إحسان، وغيرهم. واليوم تحتفي جمعية الثقافة والفنون بجدة بواحد من رموزنا الفنية المشرقة وهو الفنان الكبير فوزي محسون يرحمه الله، والجميعة في احتفالها الليلة هي لا تكرّم فوزي محسون، بل هي "أمسيات وفاء" من الجمعية تجاه هؤلاء الرموز لنتذكرهم دائمًا ونتذكر عطاءاتهم وما قدموه لوطنهم ومجتمعهم من حضارة راقية يستحقون عليها أن نتذكرهم ما بين فترة وأخرى تقديرًا لهم ولما قدموه. والراحل الكبير فوزي محسون (يرحمه الله) من أروع فنانينا الرواد الرموز الذين قدموا عطاءات كبيرة لا يمكن نسيانها، وأنا اعتبر الأستاذ فوزي من الأركان المهمة في تاريخ الأغنية السعودية. فهذا الفنان الرائع له بصمته.. له إحساسه.. له ريادته في ألحانه وأداءه، وله شخصيته وأسلوبه، إنه فنان من النوع الذي لا يتكرر، ولهذا لا يوجد في الساحة اليوم للأسف من سار على مدرسة فوزي محسون، وربما لأنه لا يوجد من يستطيع أن يكون ولو شبه فوزي محسون. ألحان الأستاذ فوزي سواء التي قدمها بصوته أو بأصوات أخرى، ألحان تخرج من عمق المشاعر الصادقة الممتزجة بعراقة الماضي مع عبق الحداثة فتظهر في صورة فنية لا يستطيع أي شخص تقديم مثلها إذا لم تكن لديه نفس موهبة فوزي محسون. وأما غناء الأستاذ فوزي فهو ينطلق من كيان فني خاص لا منافس فيه ولا شبيه ولا بديل، كيان ملئ بالعواطف والمعاني الفنية الإبداعية. إن فوزي محسون في الحقيقة مدرسة فنية بحد ذاتها. ولأن "الطيبون للطيبات" فقد جمعت علاقة أخوية وفنية بين المبدعين الكبيرين طلال مداح وفوزي محسون، وكوّنا في فترة في الفترات ثنائيًا فنيًا، وغنيا سويًا أغنية "ديو" رائعة بعنوان "يا حبيبي يا حياتي.. يا عيوني"، ولأن طلال مداح فنان أصيل وحساس فقد استطاع أن يأخذ من فوزي أروع الألحان، وفي المقابل كان فوزي يفخر بهذا التعاون مع زميله ورفيقه في الفن وفي مشوار العمل حيث عملا سويًا في بداياتهما في مصلحة البريد، واستطيع القول إن طلال مداح هو الفنان الوحيد الذي عرف كيف يتعامل مع فوزي محسون الفنان والإنسان وقد نجحا في ذلك وقدما لنا أجمل الأعمال في تاريخ الأغنية السعودية، ولم يستطع فنانون آخرون أن يكسبوا فنانًا مبدعًا رائعًا مثل فوزي محسون رغم معاصرتهم له، ولا أنسى هنا أيضًا أن فوزي كانت له رؤيته في الفنانين الآخرين في من يستحق أن يقدم ألحانه، وفيمن يعرف كيف يأديها، فليس كل فنان (مهما بلغ) يعرف كيف يؤدي ألحان فوزي محسون. الحقيقة أن الاحتفاء بالراحل الكبير فوزي محسون مساء اليوم بمقر جمعية الثقافة والفنون بجدة هو فرصة لنتذكر هذا الفنان الإنسان النبيل ونتذكر إبداعاته وإنسانيته.. ولنقول جميعًا بصوت واحد: رحمه الله.. ورحم كل مبدعينا الرواد. إحساس يا حبيبي.. ويا حياتي.. ويا عيوني.. آه لو أقدر أوصف لك شعوري.. واللي عماله يدور جوّا قلبي وفي ظنوني شي كتير.. وإنت حاسس به ضروري يكفي إني فيك بافكّر.. كل ماله حبي يكبر.. إيش فيه أكتر من دا كله يا حبيبي إيش فيه أكتر.. ما في أكتر.