عبّر مدير فرع جمعية الثقافة والفنون الجديد بجدة القاص عبدالله التعزي عن أمنياته بأن يستطيع إظهار الصورة الحقيقية لهذه المدينة الجميلة بكل ما تحمله من قدرات ثقافية وفنية وإبداعية، داعيًا فناني وفنانات جدة بالاستفادة من خبراتهم لما يصب في صالح جدة ثقافيًا وفنيًا. وفي حواره اليوم مع “الأربعاء” اعترف التعزي ببُعده عن الإعلام، وأعلن أنه لن يرشح نفسه في انتخابات الأندية الأدبية، ورأى أن دور الملاحق الثقافية بدأ يتضاءل مع قدوم “الإنترنت”، واعتبر أن المرحلة الحالية تضع أمام العرب ديوانًا جديدًا هو “الرواية” كما وضعت الشعر من قبل ك “ديوان للعرب”. القاص عبدالله التعزي تحدث بصراحة حول الكثير من الموضوعات التي طرحناها أمامه في حوارنا التالي.. * نهنئك أولًا على تسلمك إدارة فرع جمعية الثقافة الفنون بمحافظة جدة، ونود أن نتعرّف في البداية على الخطط المستقبلية للجمعية والتي ستسعون إلى تحقيقها، وما وعدك لفناني ومبدعي جدة، وبخاصة أن هناك بعض الفنانين والفنانات ليسوا مع وئام مع الجمعية؟ - شكرًا على التهنئة وأتمنى أن أكون قادرًا على تقديم ما هو مناسب للطموحات والآمال، وبالنسبة لبعض الفنانين والفنانات وعدم تواءمهم مع نشاطات الجمعية فأتمنى أن نكون كلنا موضوعين بأن نستفيد من خبرات بعضنا البعض، وأقصد هنا الفنانين والفنانات بكل اهتماماتهم واتجاهاتهم (تشكيلية وتصوير ومسرح وفنون شعبية)، واقتراح ما هو عملي والذي من الممكن أن يتحوّل إلى واقع ملموس تستفيد منه الساحة وجميع المهتمين، ونستطيع معًا أن نظهر صورة جدة الحقيقية بكل ما تحمله من قدرات تشكيلة وتصويرية ومسرحية، وما تملكه جدة من تاريخ تراثي فني رائع تناقلته الأجيال عبر العصور إلى أن وصل إلينا في وقتنا الحاضر. بعيد عنه الإعلام * لماذا علاقتك بالإعلام يشوبها بعض الفتور في أحايين كثيرة، وهل تصبّ جام غضبك على الذين الذين يكتبون ضد توجهاتك وتكيل المدح للذي يطبل للقاص التعزي؟ - فعلًا أنا بعيد عن الإعلام بعض الشيء، وربما هذا يعود إلى الانشغال شبه الدائم والسفر المستمر والذي لا يترك فرصة مناسبة للتواصل مع كثير من الأصدقاء الإعلاميين، وقد يعود لأسباب أخرى أيضًا، ولكن موضوع الغضب على الذين يكتبون ضد توجهاتي فلا أعتقد أن هذا ممكن، فمن حق أي شخص قول رأيه بطريقة معقولة فيما يقدم إليه من إنتاج، واحترام وجهات النظر أصبح جزءًا من المعتاد الحضاري في الوقت الراهن وليس تواضعا أو خُلق رفيع، بل انني أجد من المهم فهم وجهات النظر المختلفة لأخذ فكرة واضحة عن اتجاهات العمل المقدم ومحاولة تفادي أي تقصير أو نقص في الأعمال المقبلة إن أمكن. الملتقيات الروائية * أدبي الباحة دعاك لإلقاء أمسية قصصية في إحدى أمسياته، كيف ترى دوره الأدبي والثقافي من خلال ملتقى الرواية السنوي الذي يشرف عليه وينظمه، وهل أنت مع تخصّص كل منطقة بملتقى أدبي وهل تراها ظاهرة صحية؟ - تكرّم نادي الباحة بدعوتي لأمسية قصصية اعتبرها من أجمل الأمسيات التي تفاعلت معها خلال السنوات الماضية وأشكر القائمين على النادي كثيرًا من رئيس النادي إلى الجمهور الرائع مرورًا بجميع العاملين في النادي والمتعاونين لجهودهم المميزة. وفي رأيي أن دور نادي الباحة كبير ومعروف في التنظيم والإشراف على ملتقى الرواية، ولا اعتقد أنه يحتاج إلى شهادة من أحد، والتخصّص من الممارسات التي تفرضها المرحلة الحالية بما يحتاجه المتلقي من إتقان وحرفية في التعامل والمستوى، ولذا اعتقد أن الاتجاه نحو التخصّص ظاهرة صحية أرجو أن تستمر ويصبح لدينا صروح ثقافية متخصّصة معروفة على مستوى العالم العربية خاصةً والعالم الغربي عامةً. الملاحق الثقافية.. كانت * هل ترى أن الملاحق الأدبية الثقافية خدمت الأدب والفكر والثقافة عمومًا؟ - نستطيع القول أنه كان للملاحق دور في مرحلة سابقة، خدمت فيها الأدب والفكر والثقافة عمومًا، ولكن الجو الإعلامي العام هذه الأيام وفي هذه المرحلة الزمنية التي نعيشها، يتجه وبقوة نحو العملاق المستمر النمو.. ألا وهو “الإنترنت”. الرواية.. ديوان العرب * الشعر السعودي له خصوصية تختلف عن غيره، حيث يتكئ على تراث ممتد منذ خمسة عشر قرنًا، وهو كما تقول المقولة الأدبية (ديوان العرب)، فهل عندما نقول ان الرواية هي الآن (ديوان العرب) خيانة لهذا التراث؟ - أبدًا.. لا توجد خيانة ولا هم يحزنون، كل ما في الأمر أن مراحل الزمن بما تحمله من مفاهيم وقيم حضارية متجدّدة هي التي تفرض بطريقة غير مباشرة شروطها الخاصة على المجتمع، والمرحلة الحالية تضع أمام العرب ديوانًا جديدًا هو “الرواية”، كما وضعت الشعر من قبل ك “ديوان للعرب”. أتمنى أكتب الشعر * في مجموعتك الروائية الجديدة ما زلت مصّرًا على المزاوجة بين القصة القصيرة والقصيرة جدًا (ق. ق. ج) وتكتب الرواية، فهل يأتي يوم وتكتب الشعر، بمعنى أدق: هل الكتابة لديك مسبوقة بمواقف، أم بمزاج عام؟ - ليس هناك موقف أو مزاج.. ربما تكون هناك حالة تدفعني للكتابة، وعلى العموم أنا أتمنى أن أكتب الشعر، ولكني مع الأسف أقف عاجزًا أمام الإدهاش الذي أجده في إبداعات الأصدقاء الشعراء أمثال: محمد الثبيتى وعبدالله باهيثم -يرحمهما الله- وأحمد الملا وعلي العمري وسعود السويداء وإبراهيم الحسين وحمد الفقيه وأحمد كتوعة وعيد الخميسي ومحمد الحرز وآخرين أرجو المعذرة منهم على عدم ذكر أسمائهم. ق. ق. ج * في رأيك هل “القصة قصيرة جدًا” لها وجود فعلي، أم أنها خربشات ومجرد كلمات عابرة تُسمى خواطر، وهل أصبحت مطية سهلة؟ بالطبع “القصة القصيرة جدًا” لها وجود فعلي ومميّز أيضًا، والكثير من القاصين يدهشونا بقصص قصيرة جدًا رائعة، وأما بالنسبة لكونها ربما تكون مطية سهلة للبعض فأنا اعتبر أن الزمن كفيل بالحكم على هذه النوعية إن وُجدت. * تبّدلت بلا شك خارطة الأدب السعودي، فاحتوت كل ألوان الطيف الإبداعي، لكن لماذا لم يصل لعمق الأدب المغاربي أو اللبناني أو المصري مثلًا؟ - ليس واضحًا تمامًا ما المقصود بالعمق هنا؟ فإن كنت تقصد المستوى فأعتقد أن ما قدمته رجاء عالم من روايات وحصولها على جائزة البوكر في الرواية هذا العام، وقبلها العام الماضي عبده خال، ووجود أسماء إبداعية جميلة ورائعة سعودية في الرواية والشعر والقصة والمسرح قدمت مستويات إبداعية متجاوزة عالميًا وليس عربيًا فقط، وأما إن كان المقصود بالعمق هو المدة الزمانية التي أُنتج فيها هذا الإبداع، فاعتقد أن العمق لا يقاس بالزمن في الإبداع. أنا والإنترنت والزومال * ما قصتك مع الإنترنت.. كيف بدأت وما دافعك لها.. وماذا حققت فيها وماذا خسرت بسببها؟ - جزء من عملي في “أرامكو السعودية” هو الإنترنت في التسعينيات الميلادية كوسيلة تواصل وتبادل معلومات جديدة، وأحببت مع بعض الأصدقاء وهم عبده خال وعيد الخميسي ومحمد حبيبي ومحمود تراوري وعلي الشدوي، في استخدامها لتبادل النصوص الخاصة بنا وبعض النصوص الأخرى ليتم التحاور حولها وتناولها من عدة زوايا قرائية مختلفة، وقمنا بعمل موقع “الزومال” لهذا الغرض، وقد خسرت استمرارية الموقع، حيث كان حلمي أن يصبح لدينا أرشيف للأعمال الإبداعية ينمو مع الوقت. سؤال يحتاج لناقد * المرأة السعودية حديثة عهد بالكتابة، ورغم ذلك سعت بعض منهن إلى الكتابة الفضائحية، والأمر ليس “بنات الرياض” فقط.. هل هذا النوع من الكتابة انفجار فى وجه تاريخ من الكبت لديهن؟ - أرى أن الإجابة على هذا السؤال تحتاج إلى ناقد يمتلك أدواته بشكل جيد ومتكامل، كما لا بد أن يكون متابعًا لما نُشر في الخمس أو العشر سنوات الأخيرة لكي يستطيع أن يخرج بنتيجة لها أساس من الممكن أن يُعتمد عليه، وأنا لا أمتلك هذه المقدرة النقدية. * يقال ان الرواية “عجينة تصلح لكل الفطائر”.. هل تتفق مع هذه المقولة، وهل ترى أن الكتابة عن الأشخاص نوع من التشوق للفطير بالذهب؟ - أي فطائر مقصودة هنا؟!! يبدو لي هذا السؤال مبهم كثيرًا! الفضاء الإلكتروني * هل المدّونات والمواقع الأدبية حوّلت الأدب لخبز يومي، أم هبطت به إلى لعبة سخيفة يلعبها من لا يجيدها؟ وهل يمكن للإنترنت أن يسرق نار الأدب؟ - المدّونات منتج جميل، والكثير من الأصدقاء يستخدمه، ولا اعتقد أنه لعبة سخيفة، ولكن هناك من لديه رغبة حقيقة في الاستمتاع بهذا المنتج واستخدامه بصورة مميزة، وآخرون لديهم وفرة في الوقت يستخدمونه على طريقتهم الخاصة التي ربما لا تتناسب مع الكثيرين، وفي النهاية يبقى الإنترنت وسيلة للتواصل تخدم البشرية بشكل عام والأدب بصورة خاصة وليس هنا مجال لسرقة نار أو ماء من أحد! * وهل الفضاء الإلكتروني خدم المثقف وأعطاه هامشًا من الحرية حَرَمتهُ منه المؤسسات الحكومية؟ - نعم.. الفضاء الإلكتروني خدم المثقف وأعطاه هامشًا كبيرًا من الحرية، جعل المؤسسات الحكومية تبدو محرومة منه ولا بد لها من التحرّك بصورة سريعة لتواكب مجريات العصر الحالي. * وما رأيك بظهور صحف إلكترونية مناطقية، وهل خدمت الثقافة والأدب، أم أنها فضحت ممارسات بعض الشللية بالأندية الأدبية؟ - ظهور صحف إلكترونية مناطقية أرى أنها خطوة حضارية وبادرة جميلة وتُعتبر احد روافد الحراك في المجتمع المدني الذي كلنا نطمح إليه، ولكن من الصعب الحكم عليها الآن، فهي تُعتبر جديدة، ولا بد أن يُعطى لها الوقت الكافي لتقوم بمهامها ومن ثم يتم تقييم تجربتها. وأما موضوع الفضائح لا اعتقد أنه سيؤدي الى شيء ذو قيمة إذا كان القصد منه مجرد الفضح وليس التحاور والتقييم واستمرارية المتابعة للوصول إلى صورة متكاملة لما هو مطلوب من الأندية الأدبية، إذا كانت هي المقصودة في السؤال. لن أرشح نفسي * ما رأيك بلائحة وزارة الثقافة والإعلام الجديدة للأندية الأدبية، وماذا عن اختيار الجمعيات العمومية لها والانتخابات، وهل سترشّح نفسك؟ - بالنسبة للائحة الخاصة بالأندية الأدبية أرى أنها مناسبة للمرحلة الحالية إذا طُبّقت بصورة كاملة، ولا اعتقد أنني سأرشّح نفسي في الانتخابات، وأتمنى التوفيق للجميع لخدمة الأدب والثقافة بصورة عامة. * كيف تقرأ تكرار بعض الأسماء في مشهدنا الثقافي عبر أمسيات أو ملتقيات؟ - أنا لا أُجيد قراءة التكرارات وأرى أن الكثيرين ربما يملّون من التكرار في زمن متسارع نعيشه متعبين من اللحاق بمنجزاته المتجددة دومًا!