* بعد مقالي المنشور الجمعة الماضية من ضرورة الاهتمام بأحداث السيرة النبوية واستثمارها في إنتاج برامج ومسابقات تليفزيونية وإذاعية وصحافية لقيمتها التربوية ومعانيها الأخلاقية الرفيعة، تلقيت اتصالاً من الصديق المهندس هاني زهران يتساءل بتعجب عن عدم الاهتمام بفتح مكة مع أنه أحد أهم أحداث التاريخ الإسلامي إن لم يكن أهمها. * ويتعجب المهندس هاني ليس فقط من إهمال وسائل الإعلام لأحداث السيرة النبوية، بل ومن شرائح مجتمعية تحتفي بمعركة بدر الكبرى، وتقيم لها الاحتفالات والمواليد، وتنسى كليةً فتح مكة الذي شكل انتصاراً نهائياً للإسلام على قوى البغي وعلى أشد معارضي الدعوة الإسلامية وهم مشركو مكة. * وللحق فكل ما ذكره المهندس هاني هو صحيح ومحزن في ذات الوقت. فالسيرة النبوية العطرة بكل أحداثها ورجالاتها وشخوصها بما فيهم النساء والأطفال والعبيد زاهرة بكل قيم التربية السليمة والأخلاقيات الرفيعة، والمبادئ والفضائل السامية، وهو ما يسهل وييسر على كل معدّي ومنتجي الأعمال الفنية اختيار مواضيع هادفة تحقق نتائج تربوية وأخلاقية ومبادئية رفيعة تترسخ معها وحدة المجتمع السلوكية والممارساتية في كل شؤون الحياة وتشعباتها وعلاقات البشر المتبادلة. * من شخصيات السيرة النبوية العطرة، والتي لم تجد اهتماماً كافياً بإبراز دورها السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها أولى زوجات الرسول عليه الصلاة والسلام. فرغم الدور العظيم الذي أدته السيدة خديجة، ورغم مفصلية ظهورها في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام، ورغم كونها أول المؤمنين به، إلاَّ أنه نادراً ما نجد إبرازاً لما قامت به رضي الله عنها. * كانت السيدة خديجة رضي الله عنها محطة مفصلية في سيرورة حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي مسيرة الدعوة الإسلامية. فزواجها من رسول الله وهي من أغنياء مكة وأعيانها، أعطى دفعة معنوية للرسول عليه الصلاة والسلام وهو بعد لم يُبَلّغْ ولم تأتِهِ النبوة. ومؤازرتها رضي الله عنها له في حلّه وترحاله بقوافلها التجارية، ورعايتها له شكّلت البيئة الأسرية المساندة والآمنة التي يحتاجها الفرد في تحقيق أهدافه وآماله الحياتية. * ومؤانستها عليها رضوان الله لرسول الله قبل وبعد النبوة شكلت دفعة معنوية وحسية راسخة لشخصه عليه الصلاة والسلام، حين كان يلجأ إليها فيجد صدراً حانياً ونفساً معطاءة، وروحاً محفزة للمضي في تبليغ رسالته وتحمل مشاق ذلك. وهي أدوار لا يقوى عليها الأشداء من الرجال وصناديدهم، ولكنها رضي الله عنها وهي مؤمنة بأمانة وصدق زوجها رسولنا الكريم وضعت كل قدراتها وإمكانياتها في سبيل رفعة ونصرة الدعوة الإسلامية، وهو ما ظهر في الانتصار الذي حققه المسلمون في كل أحداث السيرة النبوية منذ بداياتها إلى فتح مكة العظيم. فاكس: 6718388 – جدة[email protected]