احتضن مهرجان أبها الصيفي مؤخرا أمسيتين ثقافيتين، الأولى: للدكتور أيوب الأيوب بعنوان “فن التعدد في الحياة”، ألقى فيها الضوء على تعدد خيارات الإنسان في حياته، وكيفية المفاضلة بينها للوصول إلى الطرق التي تجعلها أسهل وأكثر جدوى، وتجنبه هدر وقته وإمكانياته العقلية والجسدية والاقتصادية، في الوقت الذي يشهد العالم فيه تسارعًا متزايدًا في مجالات الحياة. كما استعرض الدكتور الايوب في محاضرته، التي استمرت على مدار ساعة كاملة، قصص حياة ناجحة لبعض ذوي الاحتياجات الخاصة والمعاقين، الذين لم توقفهم إعاقتهم أو مواطن ضعفهم، عن الاستمرار في السعي نحو بلوغ أحلامهم وتحقيق أهدافهم في الحياة، مدفوعين بقوة إرادة كبيرة محمولة على اختيارهم الدقيق والناجح لسبل حياتهم والاستمرار نحو أهدافهم الواقعية والمنطقية، نتيجة حسن اختيارهم للطرق الأسهل والأقرب إليها، ليس بمعنى الكسل أو الاستسهال، وإنما التخطيط والتفكير. أما الأمسية الثانية التي كان عنوانها “نحو حياة أفضل” والتي استمرت لفترة ساعة ونصف، فقد تألق فيها الدكتور علي شراب، أمين عام مهرجان أبها التدريبي، ومؤسس شركة فرسان الحياة، التي تشارك في تنظيم الحدث، بتصنيف وفرز وتوضيح جملة من القوانين والقواعد التي تضفي على حياتنا قيمة تجعلها ذات معنى ومغزى مميزين، مثل: الرغبة، الإيمان، سمو الهدف، التعلم، العمل، التركيز، الاستمرار، المرونة، المسؤولية، والحصاد، مشددا على ضرورة المحافظة على توازن هذه القواعد في حياتنا، بحيث لا تطغى واحدة منها على الأخرى، أو تتحول أي منها إلى حلم هدف بحد ذاته. وأشار الدكتور شراب في معرض كلامه خلال الندوة، إلى الاختلاف أو التشوهات التي طالت معانى تلك القواعد والقوانين والمصطلحات في زمننا الحاضر، حيث إن حالة الاغتراب الثقافي والمجتمعي التي نعيشها اليوم، قد جردت حياتنا من معناها الحقيقي وأكستها معانى إجرائية واصطلاحية غيرت المفاهيم وقلبت الموازين، وبدلت في مواقع الخطأ والصواب، حتى بات التفريق بينهما يستعصي على الكثيرين. ويضم مهرجان أبها السنوي، الذي يمتد أكثر من عشرة كل عام، إلى جانب هذه الندوات والأمسيات، باقة متميزة من الفعاليات والمسابقات والمفاجآت والمعارض ومراكز التسوق، التي تجعل منه كرنفالا احتفاليا سنويا يستقطب الزوار من جميع دول العالم، ليعزز من حضور الخليج العربي عامة، والمملكة على الخارطة الثقافية والسياحية على المستوى الإقليمي والعالمي.